تسلمت أخيرا رئيسة بعثة الأممالمتحدة الى الصحراء الغربية، الكندية كيم بولدوك، مهامها على رأس هذه الهيئة الأممية بعد تماطل وتسويف متعمد انتهجته السلطات المغربية طيلة تسعة أشهر رافضة توليها هذه المهمة. وقالت الدبلوماسية الأممية أنها تسلمت مهامها بمدينة العيون وقالت "أنا اشعر بالاعتزاز لأنني سأضطلع بمهمة المساهمة في تحقيق السلام في المنطقة. وأدلت بولدوك، بهذا التصريح بالعاصمة المغربية الرباط، بعد لقاء جمعها بوزيري الخارجية والداخلية المغربيين صلاح الدين مزوار ومحمد حصاد، اللذين اكدا لها استعداد الرباط الكامل على التعاون معها ومساعدتها من اجل إتمام مهمتها على أحسن وجه. يذكر ان بولدوك التي شغلت منصب مهمة منسقة إنسانية في إطار بعثة الأممالمتحدة الى هايتي "منيستاح" عينها بان كي مون، شهر ماي الماضي، ولكنها لم تستلم مهامها بعد أن اعترضت الرباط على شخصها وراحت تساوم الأممالمتحدة بدعوى أن الدبلوماسية الكندية متعاطفة مع القضية الصحراوية. وهي نفس التهمة التي وجهتها للدبلوماسي الامريكي كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للامين العام الأممي وجعلتها ذريعة لتبرير رفضها استقباله منذ سنة 2012. وزعمت الصحف المغربية لتبرير مثل هذا الموقف النشاز أن الرباط رفضت استقبال بولدوك، بدعوى أن الأمين العام الأممي لم يستشر المخزن قبل تعيينها في كذبة لا يمكن لعاقل أن يصدقها على اعتبار أن تعيين المسؤولين الأمميين من صلاحيات الأمين العام وحده، ويضع ثقته في الشخصية التي يعتقد أنها تصلح لهذه المهمة أو تلك. ثم بماذا تفسر صحف المخزن قرار الرباط عدم استقبال المبعوث الشخصي الى الصحراء الغربية مع أنها سبق وان استقبلته مرارا في إطار مهمته الرامية الى تقريب وجهات النظر، ووضع أسس التوصل الى أرضية توافقية بين الرباط وجبهة البوليزاريو. ولكن ماالذي جعل الرباط تنقلب على مواقفها ب180 درجة وتقرر بشكل مفاجئ فتح أبوابها أمام الاممالمتحدة وموظفيها؟ والمؤكد أن تراجع السلطات المغربية عن موقفها جاء بعد اتصال أجراه بان كي مون مع الملك محمد السادس، يكون قد ضغط عليه الى الدرجة التي جعلته يذعن للأمر الواقع على مقربة من اجتماع مجلس الأمن الدولي شهر أفريل القادم، لاتخاذ موقف من النزاع ومهمة "مينورسو". وكشفت مصادر مغربية أن الملك عبر للامين العام الاممي عن "دعمه" لمهمة الأممالمتحدة من اجل تنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، وجهود الوساطة التي يقوم بها كريستوفر روس في لغة "مهادنة" اتبعها العاهل المغربي بعد أن ضاقت من حوله السبل وتأكد أن لغة القوة في الدبلوماسية ليس لها مكان. وهو ما يؤكد أيضا أن الملك المغربي لم يستطع الصمود أكثر في سياسة "التغنانت" التي اتبعها في محاولة للإفلات من حجم الضغوط الدولية عليه وخاصة ما تعلق بوضعية حقوق الإنسان في المدن المحتلة والتي أكدت كل التقارير المسربة بشأنها أنها لم تعد تطاق. ولكن الى أي مدى ستسمح الرباط لمراقبي حقوق الإنسان الامميين بالقيام بعملهم دون تدخل ودون قيود؟ وهو سؤال يطرح وخاصة وأنها أرفقت قبولها لتولي بولدوك، مهامها بمدينة العيون المحتلة بضرورة منحها "ضمانات" من اجل "حياد" هذه الأخيرة وكريستوفر روس. وهو ما يؤكد أن المخزن المغربي يريد اللعب في الربع الساعة الأخيرة من خلال التحايل على تحديد مفهوم "الحياد" وجعله مطاطيا وبكيفية تخدم مصلحته وعدم فضح " المستور" مما يجري من انتهاكات لحقوق الإنسان الصحراوي في المدن المحتلة والتي فرض عليها الرباط حصارا إعلاميا مطبقا لمنع تسريب فضائح الانتهاكات التي يقترفها زبانية البلاط بعيدا عن أعين النشطاء الحقوقيين والصحفيين والبرلمانيين الدوليين الذين ابدوا رغبة في الوصول الى الصحراء الغربية للتأكد من حقوق الإنسان "المصانة" من طرف جلالته. ويتذكر العالم اجمع اللهجة العدائية التي استعملها المغرب عندما طالبت الولاياتالمتحدة بتوسيع مهمة "مينورسو" وراح الملك في خطابه بمناسبة ما يعرف بالمسيرة الخضراء في السادس نوفمبر الماضي، يتهجم على الجميع من فرنسا الى الأممالمتحدة مرورا بالولاياتالمتحدة دون نسيان الجزائر التي حمّلها مسؤولية مغامرة دخلها ولم يعرف كيفية الخروج منها في سياق وضع اقتصادي ما انفك يزداد تدهورا من عام لآخر.