قامت الوكالة الوطنية للتسيير المدمج للموارد المائية مؤخرا، بتحقيق ميداني حول نوعية الخدمة العمومية، وظروف توزيع مياه الشرب عبر كل بلديات الوطن؛ بغرض تحديد نوعية التدخلات؛ تحسبا لموسم الاصطياف المقبل. وحسب النتائج المعلن عنها خلال اليوم "التقني حول الخدمة العمومية للمياه: وضعية وآفاق"، فإن هناك 1039 بلدية تعرف عدة مشاكل في التزود بمياه الشرب، ناهيك عن سياسة "البريكولاج" المنتهجة في عملية إصلاح الأعطاب، وهي النقاط السوداء التي سيتم تداركها خلال فصل الصيف المقبل، حسب وزير القطاع السيد حسين نسيب، الذي وعد بالرفع من طاقات إنتاج مياه الشرب، مع تحويل التسيير عبر 661 بلدية إلى "الجزائرية للمياه". وألح وزير الموارد المائية السيد حسين نسيب في اللقاء التقييمي الذي شارك فيه لأول مرة رؤساء كل البلديات، على ضرورة إيلاء أهمية كبيرة للمناطق النائية والجبلية التي تضم أكثر من 14 ألف دار وقصر، مشيرا إلى أن 70 بالمائة من المنازل تم ربطها بشبكات توزيع المياه. أما 30 بالمائة، وهو ما يمثل 2,5 مليون ساكن، يتزودون من الينابيع، وهي الفئة التي ستعمل وزارة الموارد المائية بالتنسيق مع وزارة الداخلية، على تحسين نوعية الخدمات المقدَّمة لهم، من خلال تخصيص غلاف مالي مشترك لإنجاز قنوات توزيع المياه، المضخات وخزانات المياه. وبخصوص توفير مياه الشرب خلال فصل الصيف المقبل وتدارك النقائص المسجلة السنة الفارطة، تحدّث نسيب عن تنصيب لجنة وزارية تضم العديد من إطارات الوزارة وكل المؤسسات التابعة لها شهر جانفي الفارط. وتم اتخاذ جملة من الإجراءات الاستعجالية، منها تحويل تسيير وتوزيع مياه الشرب من البلديات إلى "الجزائرية للمياه" عبر 661 بلدية، تضم 9 ملايين ساكن، مع إنجاز 11 محطة لتحلية المياه الجوفية التي تشهد ارتفاعا كبيرا لدرجة الملوحة، وتشجيع الشباب البطالين على إنشاء مؤسسات صغيرة للتكفل بعملية وضع العدادات وصيانة شبكات توزيع وصرف المياه، بالإضافة إلى ضمان تخزين كميات من قطع الغيار، لتسهيل عملية التدخل لإصلاح الأعطاب التي تطرأ على القنوات. من جهته، تحدّث مدير توزيع مياه الشرب بالوزارة السيد مسعود تيرة، عن تسجيل 2136 عملية تدخّل لإصلاح وترميم قنوات توزيع المياه قبل حلول فصل الصيف، وهي العملية التي خُصص لها غلاف مالي يقدَّر ب 1,6 مليار دج. وقد تم إلى غاية اليوم، حسب السيد تيرة، إنجاز 31 ألف كيلومتر من القنوات الجديدة من أصل مشروع يضم 40 كيلومترا، مع إنجاز 50 وحدة لمعالجة المياه و500 محطة ضخ و1176 خزانا للمياه، تسمح بتخزين 2 مليون متر مكعب. وبخصوص تسربات المياه، أشار ممثل الوزارة إلى أنها تعود بالدرجة الأولى، إلى اهتراء القنوات وسياسة "البريكولاج" المنتهجة من طرف الأعوان المكلفين بالإصلاح، وهو ما جعل الجزائر تفقد سنويا 30 بالمائة من المياه الموزعة عبر القنوات، لذلك تقرر إطلاق حملة واسعة لترميم القنوات، مع وضع شبكات جديدة تتماشى والتقنيات الحديثة حتى يتم تقليص عدد الأعطاب. وعن الوضعية الراهنة، تحدّث المسؤول عن إحصاء 245 بلدية عبر 23 ولاية لا يستفيد سكانها من مياه الشرب إلا يوما واحدا من أصل أربعة أيام، و430 بلدية من 38 ولاية توزع عبرها المياه يوما بيومين، في حين يستفيد سكان 364 بلدية من 24 ولاية، من توزيع المياه يوما بثلاثة أيام. وقد احتلت إشكالية عدم توفر عدادات المياه صدارة ترتيب النقائص المسجلة على أرض الواقع، وهناك 110 بلديات لا توزع عبرها الفواتير، وهو ما يعني أن السكان يستفيدون مجانا من مياه الشرب، وهناك 439 بلدية توزع فواتير جزافية على قاطنيها، وهي التي تتراوح قيمتها بين 300 و800 دج للثلاثي، وعليه تعتزم الوزارة، يقول مسعود تيرة، استدراك كل هذه النقائص بعد تحويل التسيير إلى "الجزائرية للمياه"، التي لها كل الإمكانيات المادية والبشرية لتحسين ظروف الاستفادة من مياه الشرب. وبخصوص الديون المترتبة على البلديات وكل المؤسسات المعنية بتسيير توزيع المياه، تحدّث وزير القطاع عن مبلغ 52 مليار دج، منها 36,2 مليار دج لدى البلديات، ملحّا على ضرورة إيجاد أحسن السبل لتسديد هذه الديون؛ من خلال إعادة جدولتها ومعالجة كل ملف على حدة. أما فيما يخص البلديات التي تعرف عجزا ماليا، فيقول نسيب إنها ستستفيد من أموال صندوق الدعم المخصص من طرف وزارة الداخلية لهذه البلديات، مشيرا إلى أن الولاة بذلوا مجهودات كبيرة لحث رؤساء البلديات على دفع ديونهم. ويُذكر أن اللقاء شهد مشاركة مدير الجماعات المحلية بوزارة الداخلية والجماعات المحلية السيد بلقاسم ناصر، الذي أكد إيلاء الوزارة كل الدعم للمجهودات المبذولة من طرف وزارة الموارد المائية، خاصة بعد تنصيب لجنة عمل مشتركة بين القطاعين لتخصيص غلاف مالي لإطلاق أشغال مد قنوات توزيع المياه عبر المناطق النائية.