بدأ ستافان دي ميستورا، الوسيط الاممي في الأزمة السورية أمس، بمدينة جنيف السويسرية أول مشاورات منفردة مع فرقاء الأزمة السورية ضمن تحرك جديد من أجل إعادة بعث الروح في مفاوضات جنيف التي تعثرت لمرتين دون التوصل إلى نتيجة ملموسة لإيقاف حمام الدم السوري المراق منذ مارس 2011. وكان من المنتظر أن يشرع دي ميستورا، في مفاوضات مع مختلف أطراف الأزمة السورية أول أمس الاثنين، ولكنه أرجأها إلى مساء أمس الثلاثاء، بما يؤكد المهمة الشاقة التي تنتظره لتقريب وجهات نظر المتحاربين وإقناعهم بقبول الآخر، وبحث موقفه على أمل إجلاسهم جميعا إلى طاولة مفاوضات واحدة.وأكد اختيار الوسيط الأممي للمشاورات المنفصلة مع كل طرف لقناعته المسبقة أن الشحناء التي يكنّها غرماء الحرب الأهلية السورية تجاه بعضهم البعض يستحيل معها إقناعهم منذ الوهلة الأولى بالجلوس إلى طاولة مفاوضات مباشرة. كما أن المدة التي ستستغرقها هذه المشاورات من أربعة أيام إلى ستة أسابيع دليل آخر على أن الوسيط الأممي دخل المستنقع السوري ولكنه لا يعلم متى يخرج منه، وأي نتيجة سيحصل عليها فكلما طالت مدة المفاوضات كلما تأكد أن الهوة مازالت شاسعة بين أطراف هذه الحرب المدمرة. وهو ما اعترفت به مصادر أممية أكدت أن دي ميستورا، سيقتصر في مرحلة أولى على إجراء مشاورات مع وفد كل طرف على حدة للتأكد مما إذا كانوا مستعدين للانتقال من مرحلة المشاورات إلى المفاوضات التي تعتمد اتفاق ”جنيف 1” المتوصل إليه نهاية جوان 2012 كقاعدة للمفاوضات. وكانت القوى الكبرى توصلت إلى هذا الاتفاق وجعلته بمثابة آلية للخروج من الأزمة الراهنة في سوريا، ولكنه بقي حبرا على ورق لاستحالة تجسيده على أرض الواقع بسبب الصراع الميداني والتجاذبات الإقليمية والدولية التي حالت دون نجاح خطة الأممالمتحدة لإنهاء هذه الحرب التي خلّفت مقتل 220 ألف سوري. وهو السبب الذي أفشل أيضا جهود المبعوث الأممي الثاني الأخضر الإبراهيمي، رغم مفاوضات ”جنيف 2” سنة 2014، وهو ما جعله يقدم استقالته بعد أن تيقن افتقاد الفرقاء لإرادة حسنة لإنهاء الحرب بينهم. ويبدو أن مثل هذه المواقف هي التي جعلت دي ميستورا، يؤكد نهاية الشهر الماضي، أنه سيمنح لنفسه مهلة إلى غاية نهاية شهر جوان القادم، للوقوف على مدى استعداد أطراف الحرب لتحقيق السلام قبل أن يقدم تقريرا مفصلا للأمين العام الأممي، وربما إرفاقه باستقالته كما فعل الأخضر الإبراهيمي وقبله كوفي عنان.