تتعزز من يوم لآخر مؤشرات اندلاع انتفاضة وشيكة في الأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل إصرار حكومة الاحتلال الإسرائيلية على تصعيد حملتها القمعية ضد الفلسطينيين؛ انتقاما لمقتل أربعة من مستوطنيها بدل العمل على تهدئة الوضع. وهو المنطق الذي اعتادت إسرائيل التعامل به مع الفلسطينيين بفرضها سياسة العقاب الجماعي في كل مرة تتلقى فيها ضربات موجعة على يد المقاومة الفلسطينية. ولا يخرج استشهاد مراهق فلسطيني لا يتعدى سنه ال 13 عاما أمس وقبله شاب آخر في 18 من عمره بالضفة الغربية، ضمن هذا المنطق الصهيوني، الذي يسعى متعمدا إلى إشعال فتيل حرب عنيفة بالمنطقة. واستشهد الطفل عبد الرحمن عبد الله بعد إصابته برصاصات قاتلة خلال مواجهات عنيفة اندلعت أمس بين قوات الاحتلال والفلسطينيين بمخيم عايدة للاجئين بمدينة بيت لحم بالضفة الغربية. ويُعد هذا الطفل ثاني شهيد يسقط في ظرف 24 ساعة الأخيرة بعد استشهاد الشاب حذيفة عثمان سليمان البالغ من العمر 18 عاما برصاص الاحتلال، في مواجهات اندلعت بمدينة طولكرم في شمال الضفة الغربية، ليصل بذلك عدد الشهداء الذين سقطوا منذ إطلاق الاحتلال الإسرائيلي حملته الانتقامية لمقتل مستوطنين اثنين بالضفة الغربية الأربعاء الأخير، إلى أربعة شهداء؛ ثلاثة في الضفة الغربية وواحد بالقدس المحتلة. وتتفاعل مؤشرات اندلاع انتفاضة ثالثة بشكل متسارع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي كانت أولى مؤشراتها الاعتداءات المتكررة منذ الأسابيع الثلاثة الأخيرة على المسجد الأقصى المبارك؛ مما ولّد حالة من الغليان، زادت حدتها مع فرض قوات الاحتلال قيودا وإجراءات تعسفية عنصرية ضد الفلسطينيين الذين حرمتهم حتى من الصلاة في المسجد الأقصى. ولأن "الضغط يولّد الانفجار" فقد كان منتظَرا أن تشهد الأراضي الفلسطينية موجة جديدة من العنف، أثارت هذه المرة مخاوف برلين، التي حذّرت من مخاطر اندلاع انتفاضة ثالثة. وقال مارتن شيفر المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، "إن ما تشهده الأراضي الفلسطينية هو أشبه بانتفاضة جديدة"، مؤكدا أن ذلك "لا يصب في صالح أي أحد.. ولا يمكن أن يكون شيئا يريده أيٌّ كان في إسرائيل أو أي مسؤول فلسطيني". وجاءت تصريحات المسؤول الألماني الذي دعا إلى استئناف مفاوضات السلام قبل ثلاثة أيام من زيارة من المقرر أن يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى برلين. وجاءت دعوة السلطات الألمانية في وقت توعّد هذا الأخير بمزيد من التصعيد غير آبه بنداءات المجموعة الدولية، المطالَبة بالتهدئة والتحكم إلى العقل لتفادي انفجار غير محمود العواقب بفلسطين. وهدّد نتانياهو بشن حرب ضد ما أسماه ب "الإرهاب الفلسطيني"، وتناسى الإرهاب الذي تمارسه حكومته وقواته ومستوطنوه ضد الفلسطينيين، وأنه كان السبب الرئيس في دفع هؤلاء بعدما ضاقت بهم كل السبل إلى الخروج عن صمتهم والدفاع عن أنفسهم بما يمتلكون من وسائل في غاية البساطة لا تتعدى الحجارة أو زجاجة حارقة. ومع تصاعد حدة التوتر بالضفة الغربية والقدس المحتلة أدان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس التصعيد الإسرائيلي، متهما الحكومة الإسرائيلية بأن له مصلحة في جر المنطقة إلى موجة عنف. وقال إن حكومة الاحتلال تسعى من خلال التصعيد ضد الأقصى وهجمات المستوطنين، للهروب من مسؤولياتها وعزلتها الدولية. وأضاف عباس أن الشعب الفلسطيني بصدد الالتئام حول قادته لمواجهة المحتل الإسرائيلي وجرائمه وجرائم المستوطنين في الضفة والقدس. للإشارة، فإن الهلال الأحمر الفلسطيني أكد علاوة على استشهاد الشابين الفلسطينيين، إصابة أكثر من 150 فلسطينيا في ظرف 48 ساعة الأخيرة، أصيبوا بالرصاص الحي أو الرصاص المطاطي لجيش الاحتلال.