لم يشأ الإعلامي يوسف فرحي أن يحتفظ بأرشيفه في خزانة بيته، بل ارتأى أن يتقاسم هذا الكنز مع كل من يعتريه الفضول؛ لكي يكشف خبايا وأسرار الإعلام الجزائري في الفترتين الممتدتين من 1954 إلى 1962 ومن 1962 إلى 1972. وفي هذا السياق يعرض الإعلامي يوسف فرحي 175 وثيقة عن العهد الذهبي للإعلام الجزائري بالمركز الثقافي مصطفى كاتب إلى غاية الخامس من نوفمبر الجاري، بمناسبة الاحتفال بمرور ستين سنة على اندلاع الثورة التحريرية، التي تشهد اختتامها هذه الأيام، وكذا تمجيدا لليوم الوطني للصحافة. ويكتشف الجمهور وثائق تُعرض لأول مرة، تهتم ببوادر بروز الإعلام الجزائري المكتوب، الذي يحتفظ بها الإعلامي المخضرم يوسف فرحي، الذي قرر أن يكشف عن جزء من كنزه؛ لأن الفضاء الذي يعرض فيه لا يمكن له أن يحتضن الكم الهائل من أرشيفه الخاص. ويُعد يوسف فرحي مؤسس العديد من الصحف الجزائرية، وُلد سنة 1936 بالعاصمة، توقف عن دراسته خلال إضراب الطلبة في ماي 1956، والتحق في أوت 1962 بفريق إنشاء أول جريدة وطنية "الشعب"، وفي سنة 1965 مع فريق جريدة "ألجيري أكتياليتي"، ليدير فيما بعد الجريدة الرياضية "المنتخب". كما ألّف كتاب "فرنسا الحنونة أو 132 سنة من الكولونيالية في الجزائر"، مع الذكر أنه كان ضمن طاقم "مغامرة" تأسيس جريدة "المجاهد". وتُعرض بالمركز العديد من الصفحات الأولى لجريدة "المجاهد"، ويظهر تغير شكلها مع مرور السنوات، ونجد في بعض صفحاتها نداء أول نوفمبر وكذا مؤتمر الصومام، كما نجد مكتوبا بخط اليد من طرف عبان رمضان، يرافقه نص يشرح كيف استطاع صاحبنا الحصول عليه، وهو الذي ذهب مع جبهة التحرير الوطني إلى تونس. كما يعرض يوسف فرحي أول جريدة خاصة بحرب التحرير، ألا وهي "المقاومة" التي صدرت يوم 22 أكتوبر 1955، وهو اليوم الذي نحتفل فيه باليوم الوطني للصحفي، وتم تعويضها لاحقا بجريدة "المجاهد" الناطق المركزي لجبهة التحرير الوطني، أيضا تُعرض بالمركز ملصقات لجرائد أخرى، مثل" لوفريي ألجيريا" (العامل الجزائري)، ديسمبر 1957، وكذا العدد الأول والثاني لجريدة "المجاهد". ونجد ملصقات باللغتين العربية والفرنسية نُشرت قبل الاستقلال، وأخرى أجنبية وحتى نسخ أصلية لجريدة المجاهد وأخرى مزيّفة، أرادت بها السلطات المحتلة تزييف الوقائع، إلا أن مسؤولي المجاهد استطاعوا إبراز المقال الأصلي من المزيّف. دائما مع الوثائق الخاصة بالصحف الجزائرية، ومن بينها عدد خاص بالتلفزيون الجزائري حينما تأممت، وكذا ملصقة عن جريدة الشعب التي عرفت النور يوم 10 ديسمبر 1962، وكذا العدد الأول لجريدة "ألجي ريبيبليكان" في جويلية 1962، إضافة إلى جرائد" النصر" و«الجماهير"، وهي جريدة ناطقة باللهجة الجزائرية نُشرت من طرف الطاهر وطار، وتوقف إصدارها بعد 19 عددا وكذا جريدة "أميكال جزائري". ودائما مع أرشيف الصحافة المكتوبة نجد الصفحة الأولى لعدد من جريدة "المجاهد"، يضم مقالا حول تكوين استفاد منه 27 صحفيا خلال ثلاثة أشهر لتعلّم أسس المهنة، ومن بينهم يوسف فرحي، أيضا هناك أعداد من جريدة "ألجيري أكتياليتي"، بالقرب منها ملحق ثقافي من توقيع كاتب ياسين، وكذا عدد خاص بالمهرجان الثقافي الإفريقي سنة 1969. ولم يسع فضاء المركز الثقافي مصطفى كاتب أن يضم كل أرشيف يوسف فرحي، ليقوم هذا الأخير بوضعها في كتاب "شهادة، 10سنوات من الصحافة، 1962- 1972" عن منشورات دحلب.