أثار قرار المفوضية الأوروبية إلزام الدول ال 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بوضع ملصقات لتمييز المنتجات القادمة من المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ردود فعل فلسطينية مرحبة، وإسرائيلية غاضبة. فبعد تأجيله عدة مرات بسبب المعارضة الإسرائيلية الشديدة أقرت مفوضية الاتحاد الأوروبي في اجتماع عقدته أمس بالعاصمة الأوروبية بروكسل، إجراء وضع الملصقات لتحديد مصدر المنتجات الإسرائيلية القادمة من المستوطنات. وهو الإجراء الذي سارعت إسرائيل إلى إدانته بشدة، وزعمت أنه قرار "تمييزي"، ويهدف إلى تشجيع من يريدون "القضاء على دولة إسرائيل"؛ في إشارة إلى الحملة الدولية التي أطلقتها عدة أطراف داعمة للقضية الفلسطينية؛ من أجل مقاطعة المنتجات الإسرائيلية المصنّعة في المستوطنات اليهودية المقامة داخل الأراضي المحتلة. وذهب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى الزعم أنه "يتوجب على الاتحاد الأوروبي الشعور بالعار"، واتهم دوله بممارسة سياسة الكيل بمكيالين، وتناسى سياسة الغطرسة والتعجرف والاحتلال التي تمارسها حكومته في حق الشعب الفلسطيني الأعزل على أرضه. وعلى نقيض الموقف الإسرائيلي، رحبت السلطة الفلسطينية بقرار المفوضية الأوروبية، ولكنها اعتبرته غير كاف. وذكرت منظمة التحرير الفلسطينية في بيان أصدرته أمس، أن "قرار وضع الملصقات الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على المنتجات القادمة من المستوطنات، خطوة في الاتجاه الصحيح، لكنها تبقى غير كافية؛ لأن المنتجات القادمة من المستوطنات تُعد جريمة حرب يجب مقاطعتها وعدم الاكتفاء بوضع الملصقات عليها فقط". وكانت إسرائيل حذّرت الاتحاد الأوروبي من أن قراره الداعي إلى وضع ملصقات على منتجات المستوطنات الإسرائيلية، سيكون له "تداعيات سياسية". لكن الاتحاد الأوروبي أكد أن الإجراء "تقني"، خاصة أن الهدف منه إطلاع المستهلكين الأوروبيين على مصدر المنتج الذي يستهلكونه وليس قرارا "سياسيا"، كما تدعي الحكومة الإسرائيلية. وللتخفيف من حدة الغضب الإسرائيلي، اعتبرت المفوضية الأوروبية أن الإجراء لا يعني مقاطعة المنتجات الإسرائيلية أو فرض عقوبات عليها، وإنما هو فقط لإعلام المستهلك الأوروبي بأن هذه السلع والمنتجات مصنوعة داخل المستوطنات. ورحّب محمود نواجعة المنسق العام للجنة الوطنية الفلسطينية للحملة الدولية لمقاطعة منتجات المستوطنات، بقرار المفوضية الأوروبية، وقال إنه عكس تجاوب الدول الأوروبية مع الرأي العام الأوروبي وحملات المجتمع المدني، التي تضغط من أجل مقاطعة السلع القادمة من هذه المستوطنات، ولكنه شدد التأكيد على أن الاكتفاء بوضع ملصقات لتمييز هذه المنتجات، لا يشكل ردا يليق بجرائم الحرب الإسرائيلية المستمرة بالأراضي الفلسطينية المحتلة. ورغم ذلك يبقى مثل هذا الإجراء حتى وإن كان رمزيا بالعودة إلى الحجم الضئيل للمنتجات المسوَّقة في الاتحاد الأوروبي، إلا أنه يشكل خطوة في مسافة ألف ميل من أجل توعية الرأي العام الأوروبي وحتى مسؤوليه بجرائم الحرب وجرائم الإنسانية، التي لا يتوقف المحتل الإسرائيلي عن اقترافها في حق المواطن الفلسطيني بالأراضي المحتلة.