انتهى مؤخرا المخرج السينمائي، عبد الرزاق بلعابد من تصوير شريط وثائقي بعنوان "أطفال في الذاكرة، المجاهد السعيد بولكره بطل بطبيعته" استمدّ موضوعه من كتاب المجاهد الدكتور محمد تومي المعنون "طبيب في معاقل الثورة"، مستأنسا بما جاء فيه من شهادات تؤرخ للكثير من الأحداث الثورية البطولية. وأوضح المخرج ل"المساء" أنّ هذا العمل عبارة عن شهادة سينمائية تعود وقائعها إلى تاريخ 28 أوت 1960 بمنطقة أولاد ابن جامع بالمصيف القلي. الواقعة كان بطلها الطفل بوالكره السعيد البالغ من العمر آنذاك 15 سنة، الذي تمكّن من إنقاذ حياة مجموعة من المجاهدين كانوا محاصرين من قبل عساكر العدو بعد وشاية وردت إليهم عن مكان تواجدهم، فبعد أن تمكّن من مغادرة المحتشد متسللا ليخبر المجاهدين بالأمر، تمكّن العدو من إلقاء القبض عليه في كمين نصب بنفس المكان لبدء عملية قنبلة موقع تواجد المجاهدين ليتمكّن بعد عملية استجواب خضع لها من قبل عساكر العدو من الإفلات بأعجوبة من قبضتهم. وخلال فراره في جنح الظلام الدامس وسط الغابة، شرع في الصراخ منبّها المجاهدين بالهروب بسبب تواجد الاستعمار، وبصراخه ذاك تمكّن من إنقاذ أرواحهم. وعن ظروف إنجاز هذا الشريط، أوضح المخرج أنّه بعد عرض الفكرة على شركة "شولو" للإنتاج السّمعي البصري، تمّ الشروع في عملية التصوير التي كانت من جهة عادية - كما قال - خاصة أمام آليات التحكّم في الحرفة السينمائية، لكن من جهة أخرى، اعترضته صعوبات كبيرة من حيث التمويل ذلك أن الدّعم المادي أو السبونسور لا يراعي الأشرطة الوثائقية وأحيانا لا يعترف بها، لكن إرادة رفع التحدي كانت حافزا مكّنه من إنجاز هذا العمل. مراحل إنجاز الشريط، عدّدها المخرج بلعابد بمرحلتين اثنتين، الأولى خصّصت لجمع شهادات المجاهدين ممن عايشوا الحادثة عن قرب وكذا شهادة أفراد عائلته التي تعرّضت إلى أبشع أساليب التعذيب من قبل السلطات الاستعمارية خاصة شقيق السعيد الأصغر، عمار الذي زجّ به المستعمر في السجن وهو ابن العشر سنوات. أما المرحلة الثانية، فخصّصت لتجسيد تلك الشهادات بتمثيل بعض المشاهد وذلك بإسناد الأدوار لممثلين هواة جلّهم يقف لأوّل مرة أمام الكاميرا فنجحوا في تجسيد المشاهد المعنية بالتصوير. أما التجربة التي اكتسبها المخرج من تصويره لهذا الشريط، فقال إنّ إنجازه لهذا الشريط الوثائقي جعله حقا يتعرّف على بطولات أطفال الثورة التحريرية والذي يعدّ السعيد بوالكره نموذجا حيا لتلك الفئة التي سكنها منذ الصغر، حب الوطن والتضحية من أجله. وعن سرّ اهتمامه بالذاكرة، قال المخرج بأنّه من لا يحافظ على ذاكرته يفقد التاريخ وعندما يفقد الانسان تاريخه بالطبع يضيع منه الوطن، معتبرا أنّ أحسن كتابة للتاريخ لأبنائنا وللأجيال القادمة هي التسجيل بالصوت والصورة. وكشف المخرج بلعابد أنّه يستعد لإنجاز شريط وثائقي آخر حول الشهيدة الممرضة، زيزة مسيكة التي استشهدت بمستشفى العارطة الواقع ببلدية خناق مايون وهي تؤدي واجبها الوطني كممرضة مسؤولة عن قسم التمريض. للتذكير، المخرج عبد الرزاق بلعابد من مواليد 1959 بمدينة القل خريج، معهد برج الكيفان، كانت بداية ممارسته السينمائية سنة 1981 في إطار مدرسة سينما الهواة، أنتج سلسلة من الأفلام الروائية والخيالية، وآخر أعماله إلى جانب "أطفال في الذاكرة"، سلسلة أشرطة حول خصوصيات الطبيعة بجبال القل منها الفواكه والزيوت والأعشاب الطبيعية.. وإلى جانب نشاطه السينمائي، فهو إطار بمديرية الثقافة لسكيكدة وإعلامي بمؤسسة أيام سينما الهواة للقل.