بقي الغموض سيد الموقف إلى غاية مساء أمس بمدينة جنيف السويسرية حول حضور وفد المعارضة السورية من عدمه؛ قصد المشاركة في أول جولة مفاوضات غير مباشرة بين الفرقاء السوريين برعاية أممية. وكان المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا يأمل في عقد هذه الجولة من المفاوضات بين دمشق والمعارضين لها ضمن مسار سياسي أممي؛ لإخراج هذا البلد من متاهة الحرب الأهلية التي يتخبط فيها منذ خمس سنوات. وقال أحمد فوزي الناطق باسم المبعوث الأممي، إن المفاوضات ستنطلق حتى وإن رفضت المعارضة الذهاب إلى جنيف. وإذا كان وفد الحكومة السورية برئاسة السفير السوري في الأممالمتحدة بشار الجعفري، وصل إلى جنيف رفقة 16 عضوا، فإن علامة استفهام كبرى بقيت مطروحة حول القرار، الذي يمكن أن تتخذه أطياف المعارضة السورية المجتمعون منذ الثلاثاء الأخير بالعاصمة السعودية الرياض، لحسم موقفهم النهائي من مفاوضات وصفتها الأممالمتحدة ب "التاريخية". وأمام إصرار الأممالمتحدة على عدم انتظار ما ستسفر عنه هذه المفاوضات، عقد دي ميستورا أمس أول لقاء مع وفد الحكومة السورية مباشرة بعد وصوله إلى جنيف؛ حيث أعطى إشارة انطلاق هذه المفاوضات. ويكون المبعوث الأممي بذلك قد أعطى إشارة بدء أول مفاوضات تمتد على مدى الستة أشهر القادمة، يتم خلالها بحث كل السبل الكفيلة بإنهاء أزمة في هذا البلد. وفي غياب أي تسريبات حول ما تم التوصل إليه في الاجتماعات الماراطونية بالعاصمة السعودية بخصوص إشكالية التمثيل في هذه المفاوضات، اكتفت بعض مصادر المعارضة بالقول إنها تطالب بتحسين الظروف الإنسانية "الكارثية" التي يعاني منها الشعب السوري قبل الذهاب إلى جنيف. وتأكد أمس أن تبعات من يمثل المعارضة السورية في هذه المفاوضات، كان سببا مباشرا في عدم توصلها إلى اتفاق بعد أن انقسمت معارضة الداخل والخارج فيما بينها، ودب الشك بينهما إلى حد القطيعة. ففي الوقت الذي وجهت الأممالمتحدة دعوات لشخصيات معارضة في داخل سوريا لحضور المفاوضات بشكل شخصي، رفضت أطياف المعارضة في الخارج ذلك، واعتبرت أنها الممثل الوحيد للشعب السوري في هذه المفاوضات. كما أن رفض روسيا كل فكرة لمشاركة محمد علوش قائد "جيش الإسلام" الموالي للعربية السعودية في هذه المفاوضات، أخلط على اللجنة العليا للمفاوضات حساباتها، وجعلها تعجز عن التوصل إلى اتفاق حول تركيبة جديدة لفريق مفاوضيها، الذي تم التفاهم بشأنه في اجتماع عُقد منتصف شهر ديسمبر بالعاصمة السعودية. وكانت الأممالمتحدة أكدت أمس أن دي ميستورا سيلتقي مباشرة بعد لقائه بوفد الحكومة السورية، "بمشاركين آخرين وممثلين عن المجتمع المدني السوري"؛ في تلميح واضح إلى إصراره على إتمام هذه المفاوضات حتى في غياب اللجنة العليا للمفاوضات، التي لم تحسم أمر مشاركتها في هذه المفاوضات. المبعوث الأممي قرر ضمن أول جلسة مفاوضات إتمامها بطريقة غير مباشرة؛ حيث يقوم هو شخصيا بالانتقال بين فريقي الطرفين المتفاوضين. يُذكر أن اللائحة الأممية 2254 التي صادق عليها أعضاء مجلس الأمن والتي استندت إليها هذه المفاوضات، أكدت على وقف لإطلاق النار ضمن خطوة لتهدئة النفوس قبل الاتفاق على تشكيل حكومة انتقالية بحلول جوان 2017. ولكن هل يفلح المبعوث الأممي في حلحلة ترسبات وضع عمّر قرابة خمس سنوات، وكلما مر يوم إلا وازداد تعقيدا أكبر في وقت بلغ عدد القتلى السوريين أكثر من 250 ألف شخص .