واجه المبعوث الأممي إلى سوريا أول عقبة في طريق مساعيه لإنهاء الأزمة السورية بعد أن قرر وفد المعارضة مقاطعة جلسة كانت مقررة مساء أمس بحجة استمرار الأوضاع العسكرية والإنسانية في سوريا على ما هي عليه. وأكد فرح الاتاسي، أحد الناطقين باسم وفد المعارضة قرار إلغاء الجلسة وقال إنه لا يوجد أي مبرر للقاء دي ميستورا ما دام أننا قدمنا مطالبنا لانطلاق المفاوضات وننتظر الرد الايجابي عليها، لأننا لا نريد تكرار طرحها مرة أخرى. وكان التلميح واضحا بأن الوفد لم يتحصل على إجابة بخصوص مطالبه ذات الصلة بوقف القصف الجوي الروسي على مواقع المعارضة ورفع الحصار على سكان مختلف المدن السورية وإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام السوري. وقال سالم المسلط، عضو وفد المعارضة أننا تباحثنا مع الموفد الأممي حول المسائل الإنسانية وقد تلقينا ردودا إيجابية بذلك. وأضاف أننا سنحرص على تحقيق ثلاث مطالب أساسية، وهي رفع الحصار المفروض على السكان وإطلاق سراح المعتقلين في سجون النظام ووقف عمليات القصف الروسي ضد السكان المدنيين. وأكدت مصادر عن المعارضة أن هذه الأخيرة شرعت في تقديم قوائم بأسماء المدنيين المعتقلين في السجون السورية في مختلف محافظات البلاد. وحتى يؤكد حسن نيته، أكد الوفد الحكومي مباشرة بعد أول لقاء جمع المبعوث الأممي بوفد المعارضة، استعداد دمشق إرسال قوافل مساعدات إنسانية إلى مدينة مادايا المحاصرة في ضواحي العاصمة دمشق. وهي طريقة ذكية من أجل سحب البساط من تحت أقدام المعارضة التي رفعت ورقة مسألة المساعدات الإنسانية في وجه النظام السوري بعد تأكيدات بموت عشرات السوريين جوعا بسبب الحصار العسكري المفروض عليهم من طرف القوات الحكومية. وأكد رئيس الوفد السوري على هذا الموقف بعد أن أشار إلى أن جولة المفاوضات الجارية حاليا مازالت في مراحلها الأولى وأنه مازال يصر على معرفة أسماء أعضاء وفد المعارضة الذي سيتفاوض معه. وقال بشار الجعفري، بعد ثاني لقاء جمعه أمس بالموفد الأممي إننا مازلنا في انتظار معرفة مع من سنتفاوض ونقاط جدول أعمال المفاوضات. وجاء تساؤل الجعفري في وقت وصل فيه محمد علوش، عضو المكتب السياسي لتنظيم "جيش الإسلام" الذي تعتبره روسياوسوريا إرهابيا ورفضت التفاوض معه، إلى جنيف من أجل الانضمام إلى وفد المعارضة. وقال علوش في تصريح صحفي أمس إننا جئنا إلى هنا من أجل "التوصل إلى تسوية سياسية"، متهما الحكومة السورية بمحاولة القضاء على المعارضة. ويبدو أن مسألة العضوية في وفد المعارضة ستكون عقبة أمام انطلاق المفاوضات، ففي الوقت الذي أكد فيه دي ميستورا أن المفاوضات انطلقت بشكل رسمي، سارع بشار الجعفري، رئيس إلى معارضته وقال إن الإعلان الرسمي على ذلك يجب أن يكون بحضور أعضاء الوفدين. وقال إننا طالبنا المبعوث الأممي باطلاعنا على هوية المشاركين في وفد المعارضة وجدول أعمال الجلسات، متهما المعارضة بعدم الجدية وأن أعضاءها لا يتعاملون من الملفات المطروحة كسياسيين محترفين. ولم يتضح يومين بعد أولى الجلسات بين دي ميستورا وطرفي الحرب السورية طبيعة الإطار العام الذي ستتم فيه هذه المفاوضات، وهو ما يؤكد على هشاشتها واحتمالات فشلها. فبينما تصر دمشق على معرفة أسماء أعضاء المعارضة، تصر هذه الأخيرة من جهتها للحصول على ضمانات دولية لوقف القصف الجوي الروسي وفتح ممرات إنسانية لإنقاذ حياة آلاف السوريين المحاصرين بين فكي كماشة نيران المتحاربين. وأدرك المبعوث الأممي الأرضية الهشة التي يتحرك فوقها مما حتم عليه اعتماد دبلوماسية هادئة في التعاطي مع مفاوضات عوامل فشلها أكبر من عوامل نجاحها بالنظر إلى التباعد الحاصل في علاقات الفرقاء والضغينة التي ارتسمت على علاقاتهما طيلة خمس سنوات من الحرب المدمرة. ولأن مدة المفاوضات ستتواصل إلى غاية شهر جوان القادم، فإن دي ميستورا لا يريد استباق الأحداث وراح يتعامل بحذر كبير مع موقفين متباينين. وهو الواقع الذي حتم عليه مباشرة مهمته بمفاوضات غير مباشرة والعمل على نقل مقترحات هذا الطرف وذاك عبر غرفتين منفصلتين في مقر الأممالمتحدة بمدينة جنيف.