رغم أن الهدف واحد في ليبيا وهو محاربة تنظيم "داعش" الإرهابي والقضاء عليه فإن الفرقاء الليبيين لا يزالون منقسمين بين سلطتين واحدة في العاصمة طرابلس بقيادة حكومة الوفاق الوطني التي تحظى بدعم المجموعة الدولية والثانية في طبرق برئاسة عبد الله الثني المدعوم من قبل قوات الجنرال خليفة حفتر. ويتأكد تكرس هذا الوضع من خلال محاولة كل سلطة من جهتها إثبات وجودها رافعة بذلك ورقة محاربة الإرهاب حيث شعرت القوات الموالية لحكومة الوفاق في عمليات عسكرية لتطهير المنطقة الغربية من الإرهاب في وقت تواصل فيه قوات حفتر عملياتها بمناطق شرق البلاد. ويبدو أن الجانبين دخلا في منافسة قوية أصبح من خلالها كل طرف يسارع إلى إعلان تحقيقه لانتصارات ميدانية في هذه المنطقة وتلك حتى ينظر إليه أنه رقم لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه في أي ترتيبات كانت. وفي هذا السياق أعلنت القوات التابعة لحكومة الوفاق الليبية إمس تمكنها من استرجاع من قبضة مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي مدينتين ساحليتين بن جواد ونوفلية الواقعتين شرق مدينة سرت معقل التنظيم الإرهابي في ليبيا. وقال مصدر من مركز اتصال حرس المنشآت النفطية التي أعلنت مؤخرا ولاءها لحكومة فايز السراج أن قوات هذه الأخيرة تمكنت من دخول مدينة بن جواد ومطاردة مقاتلي "داعش". من جانبه أكد العقيد بشير بوطفيرة قائد المنطقة العسكرية نوفلية الواقعة على بعد 127 كلم الى شرق مدينة سرت أن القوات الحكومية تمكنت من دخول هذه المدينة الصغيرة دون مقاومة تذكر أو خسائر في الأرواح وهي التي شهدت أول أمس معارك عنيفة خلفت سقوط خمسة قتلى و18 جريحا. وأضاف المسؤول العسكري أن القوات الحكومية تقترب حاليا من منطقة هراوة الواقعة على بعد 75 كلم فقط إلى شرق سرت ضمن خطوة تحضيرية من أجل شن عملية عسكرية واسعة لتحرير هذه الأخيرة من قبضة الدواعش. وتأتي سيطرة حكومة فايز السراج على مدينة بن جواد ونوفلية في وقت يبق وأعلنت فيه القوات التابعة للجنرال خليفة حفتر تحقيقها لانتصارات أيضا بمناطق في غرب ليبيا وأعلنت لأكثر من مرة على شنها لعدة عمليات عسكرية لتطهير مدينة بنغازي ممن تصفهم ب«الإرهابيين". لكن هذه المنافسة التي دخلت فيها كلا السلطتين الغريمتين في ليبيا لا تعجب المجموعة الدولية من منطلق أنها قد تهدد الجهود الدولية الرامية للقضاء على "داعش" الذي يواصل التوغل في ليبيا منذ بداية نشاطه في هذا البلد نهاية 2014. وأمام هذا الوضع المتململ دعا المبعوث الأممي إلى ليبيا مارتن كوبلر أمس قوات كلا السلطتين بتوحيد صفوفهما ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي وصفه بالعدو رقم واحد. وقال أن محاربته تتطلب "معركة ليبية ومعركة موحدة". والح كوبلر في لقاء جمعه امس بالعاصمة الفرنسية باريس مع وزير الخارجية الفرنسي جون مارك ايرو أنه "يتوجب هيئة مشتركة وجيش مشترك وقيادة عامة". والسؤال المطروح هل ستجد دعوات كوبلر أذانا صاغية لدى الفرقاء الليبيين وخاصة حكومة طبرق والجنرال خلفية حفتر اللذين تطالبهما المجموعة الدولية بالولاء لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج. سؤال يبقى مطروح وبرلمان طبرق لا يزال لم يمنح بعد الثقة لحكومة السراج خمسة أشهر منذ توقيع الاتفاق السياسي الذي تم بموجبه تشكيل هذه الحكومة على أمل أن تمثل كل الليبيين دون استثناء.