أسدل الستار على حصيلة المشاركة الجزائرية في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو قبل انتهاء أطوار هذه الأخيرة، إنها حصيلة لا تبعث على الارتياح، بل مخيبة لكل الآمال التي كانت تراودنا وجعلتنا ننتظر المعجزة في زمن تراجعت رياضتنا على كل الأصعدة والمستويات وبقينا نعيش على ماضي قريب كان حافلا بإنجازات كبيرة على المستوى الدولي، والتي كنا نحتفل بها بكل افتخار عند عودة رياضيينا إلى أرض الوطن. وهي مشاهد غابت عن عيوننا منذ سنوات طويلة وأصبحنا نحنّ إليها ونشتاق إلى معايشتها ولو للحظات. المختصون في مختلف الاختصاصات، بما فيهم أبطال سابقون حازوا على ميداليات في المنافسات الدولية، أشاروا في تصريحاتهم ل"المساء"، إلى غياب إستراتيجة واضحة لدى الاتحاديات الرياضية، وطالبوا بالتعجيل بإصلاح الأوضاع التي وصفوها ب"المزرية" لإنقاذ الرياضة الجزائرية. اليوم، نشاهد بلدانا أقل وزنا منّا رياضيا وغير متعودة على حصاد الميداليات الذهبية تحتفل بأبطالها بعدما تيقّنت أنّ التألّق في المجال الرياضي دوليا يزيد من قيمتها على كلّ الأصعدة، فضلا عن أنّه يعطي دفعا قويا للممارسة الرياضية في أوساط شبابها. لكن في الجزائر لا زلنا نعيش على ذكريات ماضي كان حافلا بالألقاب العالمية، فقطعنا حبل الاستمرار في بذل المزيد من المجهودات لتطوير رياضتنا في مختلف فروعها. لقد كانت الرياضة الجزائرية في وقت ليس ببعيد، تملك قاطرتها في كل الاختصاصات، فإذا تعذّر علينا الوقوف على منصة التتويج، كنّا نصل على الأقلّ إلى حفظ ماء الوجه بتحقيق نتائج مرضية. الآن نتساءل: من المسؤول عن زمن القحط الذي وقعت فيه رياضتنا؟ هل هي وزارة الشباب والرياضة، اللجنة الأولمبية، الاتحاديات الرياضية أم الرياضيين أنفسهم؟ ربما الكل وربّما البعض فقط من هذه الأطراف، لكن لكلّ طرف مسؤوليات مباشرة في الإخفاقات التي سجلناها في مختلف الاختصاصات. من الملاكمة، إلى الجيدو، مرورا بالمصارعة ورفع الأثقال والسباحة والدّراجات، لا أحد من هذه الفروع استطاع أن يمنحنا ميدالية من المعدن النّفيس الذي كان في متناولنا أيّام تألق الرياضيين القدامى مثل نور الدين مرسلي، قرني جبير، حسيبة بولمرقة، عبد الرّحمان حمّادي، نوريةّ مرّاح وغيرهم من الرياضيّين الآخرين الذين كانوا أحسن سفراء الرياضة الجزائرية في الخارج. اليوم لا أحد ينكر أنّ السلطات العمومية المكلّفة بالرياضة وفرت على مرّ السّنين ميزانيات ضخمة للاتحاديات الأولمبية لتدعيم تحضيرات رياضيّيها هنا في الجزائر وفي الخارج، فلم نسمع قبل ألعاب ريو دي جانيرو عن وجود احتجاجات من أي رياضي ادعى أن الهيئة التابع لها لم تلب احتياجاته في التحضيرات اللهمّ إلا إذا أرادوا التستّر على عجز هيئاتهم الرياضية. قد نلوم رياضيي بعض الفروع الذين افتقروا إلى التجربة الدولية أو إلى وقت طويل في التحضيرات، لكن ليس هو الحال بالنسبة للرياضيين الذين خاضوا منافسات دولية على مدار الأربع سنوات على أعلى مستوى دولي، على غرار الملاكمين والمصارعين في الجيدو، البعض منهم يكسبون تجربة أولمبية لكنهم شكلوا خيبة كبيرة في ريو دي جانيرو، على غرار بن عمادي وبويعقوب اللذين خسرا أمام منافسين كانوا في متناولهما وأيضا الملاكمين الثمانية الذين خاضوا أطوار هذه الألعاب عبد الحفيظ بن شبلة(81 كلغ) الذي أقصي في الدور ربع النهائي، شأنه شأن كل من رضا بن بعزيز (60 كلغ) ومحمد فليسي (52 كلغ) الذي كان آخر المقصيّين من هذا الدّور وعبد القادر شادي (64 كلغ) ورضا بن بعزيز (60 كلغ)، ولياس عبادي (75 كلغ) وشعيب بولوذينات (91كلغ) وحماش فاهم (56 كلغ). الملاكمة الجزائرية كانت بعيدة كلّ البعد عن مستواها الذي ظهرت به في الدّورات الأولمبية الأخيرة. ويجدر بنا التّساؤل هنا عمّا إذا يمكن الاحتفاظ في المستقبل بنمط التسيير الحالي للاتحاديات الرياضية أم يجب تغييره بل حتى إلغاء هذه الهيئات الفيدرالية التي أصبحت تشكل إطارا لا يحمل أي مشروع تنموي رياضي وتحوّلت إلى عبء ثقيل على السلطات العمومية المكلفة بالرياضة. المدرب الوطني المساعد السابق نور الدين يعقوبي: رئيس الاتحادية هو المسؤول عن النتائج السلبية للجيدو خروج مصارعي الجيدو في الأدوار التصفوية الأولى من الألعاب الأولمبية المقامة بريو دي جانيرو جعل أوساط هذه الرياضة، تتساءل عمّا إذا أصبحت الهيئة الفيدرالية الحالية صالحة للإستمرار في تسيير هذا الفرع الذي كان يمثل إحدى قاطرات الرياضة الجزائرية في التجمعات الرياضية الدولية الكبرى. يبدو أنّ أكبر خطأ ارتكبته اتحادية الجيدو تمثّل في قيامها بإحداث تغيير مفاجئ على رأس المنتخب الوطني تحسّبا للمشاركة في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو، على حدّ أقوال المدرب الوطني المساعد السابق نور الدّين يعقوبي الذي قال في تصريح ل"المساء": إن رئيس الإتحادية مسعود ماتي لم يكن يبحث عن مصلحة الفريق الوطني بقدر ما كان يسعى إلى الحفاظ على منصبه لمّا قام بإحداث تغييرات مفاجئة على رأس الطاقم الفني للمنتخب الوطني، في وقت كان هذا الأخير في طريق استعادة هيبته تحت قيادة مدرّبه عمار بن يخلف، وأوضح محدّثنا قائلا: "كنت مساعدا لعمار بن يخلف في العارضة الفنية لمنتخب الأكابر، وسعينا منذ تعييننا في هذه المهمة إلى إعادة بناء التشكيلة الوطنية على مسار جديد بالتوجّه إلى الاعتماد على عناصر شابة ظنّا منّا أنّها ستمثل مستقبل الجيدو الجزائري على المستوى الدّولي. لكن الهيئة الفيدرالية لم توافقنا في هذا الرأي، وسارعت إلى إقالتنا بعد مشاركة الفريق الوطني في بطولة العالم بروسيا، حيث سجل نتائج سلبية. لقد تمّ تقييم عملنا على أساس النتائج المسجلة في بطولة العالم بروسيا لكنهم لم يأخذوا بعين الاعتبار ما حققه الفريق الوطني من قبل تحت قيادتنا، وأذكر من بين ذلك سيطرتنا لمدة سنتين على المستوى الإفريقي بعد حصولنا على المركز الأول حسب الفرق لدى الذكور والثاني لدى الإناث في بطولة أمم إفريقيا بجزر موريس لسنة 2013". بالنسبة لمحدّثنا، التغيير الذي حصل على رأس العارضة الفنية للفريق الوطني لم يكن مجديا وانعكس سلبا على المسيرة الدّولية لعناصره، والدّليل كما قال أنّ مصارعيه مثل بويعقوب وبن عمّادي فشل كل واحد منهما في تسيير منازلته بألعاب ريو دي جانيرو. بويعقوب انهزم في الدور الثاني أمام غازينوف من أذربيجان، لكن أكبر مفاجأة بالنسبة لمحدّثنا هي هزيمة بن عمادي في الدّور الثاني، قائلا بأنّ هذا الأخير كان مرشحا بقوة للمرور إلى الدّور الموالي، بل للفوز بميدالية في هذه الدّورة الأولمبية، لاسيما أنه واجه منافسا كان في متناوله وهو الأوزباكيستاني جاريف شرغالي، حيث أنّ الجزائري ارتكب أخطاء فادحة جعلت حكم المنازلة يوجه له إنذار أول في وقت كان متفوقا في النقاط بحركة وازاري، لكن منافسه عدّل النتيجة وتفوق بالنّقاط. حمّل يعقوبي رئيس الاتحادية مسعود ماتي مسؤولية النتائج السلبية التي سجلها الفريق الوطني في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو، حيث لم تنال عناصره أية ميدالية بعد فشلها في الوصول إلى الأدوار النّهائية، حيث قال بأنّ بوادر الإخفاق في ريو دي جانيرو ارتسمت بعد احتلال التشكيلة الوطنية المركز الثالث في البطولة الإفريقية الأخيرة التي نال فيها سوى ميداليتان ذهبيتان. نور الدّين يعقوبي أوضح أنّ التسيّب أصبح سيد الموقف في الهيئة الفيدرالية ولم يعد هناك أيّ اهتمام بالفئات الشبانية واستدلّ في كلامه بغياب الفريق الوطني أواسط في بطولة أمم إفريقيا التي جرت بالمغرب. كما كان الرئيس الحالي للهيئة الفيدرالية للجيدو عرضة لانتقادات شديدة من المدرب الوطني السابق لمنتخب الأكابر عمار بن يخلف الذي لم يتوان في القول بأنّ التغييرات التي حدثت على رأس العارضة الفنية لمنتخب الأكابر، كانت لها خلفيات مرتبطة أساسا بالعملية الانتخابية التي اختارت مسعود ماتي رئيسا لاتحادية الجيدو. محمد اسماعيل، نائب رئيس اتحادية السباحة ل"المساء": السبّاح سحنون كان ضحية نقص الإمكانيات المادية الصعوبات الكبيرة التي واجهت بعض الرياضيين قبل مشاركتهم في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو تكشف عن مدى الاستخفاف الذي وقعوا فيه، بالرغم من الإرادة التي كانت تحذوهم لتمثيل الجزائر في المحافل الرياضية الدّولية، لاسيما فيما يتعلّق بالمساعدات المالية التي يطلبونها من أجل إعداد تحضيراتهم. وقد كشف في هذا الشأن نائب رئيس اتحادية السباحة محمد اسماعيل في تصريح ل"المساء"، عن الوضع الصعب الذي تواجد فيه السباح أوسامة سحنون أثناء تحضيراته للألعاب الأولمبية، حيث قال: "التكفل بالرياضيين وصنع الأبطال لا يجب أن يكون بالطريقة التي تنتهجها وزارة الشباب والرياضة في مجال تقديم الإعانات للاتحاديات الرياضية. هذه الإعانات تظل عادة متأخرة وتعطل تحضيرات الرياضيين، لاسيما أولائك الذين يستعدّون للتظاهرات الدّولية الهامة، مثل الألعاب الأولمبية. ولدينا مثال واضح في شخص السبّاح أوسامة سحنون الذي عانى كثيرا خلال تحضبراته للألعاب الأولمبية التي جرت بريو دي جانيرو. الإعانات المالية كان يقبضها سحنون على فترات متباينة لكنّ عادة ما تصله متأخرة وهو موجود خارج الوطن، يستلم 30 ألف أورو في كل ثلاثة أشهر ويصرف منها يوميا 40 أورو، وهو مبلغ غير كاف لتغطية مصاريف الإيواء والأكل وغيرها من المصاريف الأخرى الضرورية لحياته اليومية الخارجة عن نطاق التحضيرات". كشف محدّثنا في هذا الشأن عن "أن تأخر وصول ميزانية الاتحادية دفع هذه الأخيرة إلى الاستدانة من الصندوق الوطني للرياضة الذي منح للهيئة الفيدرالية للسباحة مبلغ مليار سنتيم الذي أحيل جزء منه إلى حساب السباح سحنون بفرنسا، لكي يتمكن من ضمان تحضيراته. مثل هذه الأمور يجب أن لا تحدث في مجال تسيير الرياضة بمختلف فروعها، لكن للأسف الشديد، الوضع الذي تتواجد فيه هذه الأخيرة لا يبعث على الارتياح". كان السبّاح أوسامة سحنون قد أقصي في الدور الأول من منافسات السباحة بالألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو في اختصاص 50 م سباحة حرة، حيث فشل في تسجيل الهدف الذي رسمته له الإتحادية وهو الوصول إبى الدّور النّهائي. لكن مسبري الاتحادية لم يلوموا كثيرا السباح سحنون بسبب الظروف غير اللاّئقة التي طبعت تحضيراته هنا في الجزائر وفي فرنسا، غير أنه لم يسلم من بعض الانتقادات، مثلما قال لنا نائب رئيس الاتحادية محمد اسماعيل: "السباح أوسامة سحنون اتخذ قرارات ارتجالية لم تخدم مصالحه ومصالح الرياضة الجزائرية لما رفض المشاركة في تجمع فيشي بفرنسا واختار التنافس أثناء تحضيراته في تجمع ستراسبورغ، مع الإشارة إلى أنّ التجمع الأول أي فيشي شاركت فيه ألمع نجوم السباحة العالمية الذين فازوا بالميداليات الذهبية في ألعاب ريو دي جانيرو. لقد ارتكب سحنون خطأ فادحا من خلال قيامه بهذا الإختيار غير الصائب". وقد كان بوسع اتحادية السباحة الجزائرية إشراك أربع سباحين في الألعاب الأولمبية لريو دي جانيرو لولا الأخطاء الفادحة التي ارتكبها السباحون عبد القادر عفان وماجدة شيباراكة ورانيا نفسي، حيث فضلوا المشاركة في منافسة دولية بكندا لا تعترف بها اللجنة الدولية الأولمبية بها كمقياس لتحديد النتائج المؤهلة للألعاب الأولمبية. صادو عبد الكريم، مدير فني وطني لألعاب القوى ل"المساء": الاتحادية افتقرت إلى استراتيجية واضحة قال المدير الفني الوطني لألعاب القوى عبد الكريم صادو في تصريح ل"المساء"، بأنّ الهيئة الفيدرالية لهذا الفرع لا تزال بحاجة إلى استراتيجية واضحة في كيفية تطوير مختلف الاختصاصات التي تكسبها هذه الرياضة، واستدلّ في أقواله بالتباين الحاصل في نتائج الرياضيين الذين شاركوا في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو 2016. أوضح محدّثنا قائلا: "رياضة ألعاب القوى الجزائرية لم تفقد من قوّتها لأنّ كثير من عناصرها أبانت عن إمكانيات كبيرة في ألعاب ريو دي جانيرو، رغم إقصائها في المنافسات التصفوية، على غرار العداء الاختصاصي في ال400 م حواجز، عبد المليك لاحولو الذي اجتاز الدور الأول بنجاح وحطّم الرقم القياسي الجزائري في هذا الاختصاص (48 ثانية و62 جزءا من المائة)، لكنّه فشل أثناء سباق الدور نصف النّهائي، حيث جاء في المركز الرّابع بتوقيت زمني قدره 49 ثانية و8 أجزاء من المائة، بعيدا عن الرقم القياسي الذي سجله في الدّور الأول، ويبدو واضحا أن لاحولو كان ضحية قوانين هذا السباق، إذ أنّ العدّائين الأوّلين لكل منافسة هما الذين يمكنهما التأهل إلى السباق النّهائي، مما يعني أن عدّائنا لم يكن محظوظا". كما نوّه محدّثنا بالمجهودات الكبيرة التي بذلها العدّاءان الجزائريان ياسين حتحات وأمين بلفرّار الذين أقصيا في نصف نهائي 800 م، الأول احتلّ المركز الثالث بينما الثاني جاء في المرتبة السابعة، وقال عنهما عبد الكريم صادو بأنهما سيتحسنان في المستقبل شريطة أن يشاركا كثيرا في المنافسات الدولية التي افتقرا إليها في الألعاب الأولمبية الحالية. نفس الإعجاب أبداه المدير الفني الوطني لألعاب القوى فيما يتعلّق بالنتيجة التي حققها بورعدة في سباق العشاري التي احتل فيها المركز الخامس، وهي نتيجة قال عنها محدّثنا بأنّها جيدة تفتح آفاقا جديدة لهذا العدّاء على المستوى الدّولي. إلاّ أنّ عبد الكريم صادو أبدى إستياء كبيرا من المشاركة الجزائرية في سباق ال300 م موانع الذي لم يفلح فيه الجزائريون هشام بوشيشة، بلال تابتي وعلي مسعودي، قائلا بأنّه كان ينتظر منهم الظهور بوجه لائق. فعلي مسعودي الذي جرى في المجموعة الأولى لم يسعفه الحظ، حيث تواجد مع أحسن العدائين في هذا الاختصاص ليتم إقصائه من السباق في الدّور الأول وقال عن هذا الأخير "لقد نافست البطل الأولمبي ونائب بطل العالم، إلى جانب عدائين كبار آخرين وهذا ما يفسر إقصائي المبكر في هذه الألعاب التي جئت إليها بدون مدرّبي الذي وجّهني بالهاتف عوض أن يكون معي وينصحني في يوم السباق. لكن بغض النظر عن هذا الإخفاق، شكّلت مشاركتي في هذه الألعاب تجربة مفيدة لي سأحاول استغلالها خلال مشاركتي القادمة في بطولة العالم للعدو الرّيفي وألعاب البحر الأبيض المتوسط". زميله تابتي بلال الذي جرى في المجموعة الثانية، وجد نفس الصعوبات وعانى بشكل خاص من الرطوبة وحرارة الطقس. أمّا الجزائري الثالث الذي شارك في هذا الاختصاص وهو هشام بوشيشة، فقد أنهى السباق في المركز الثامن وقال بأنّ مشاكل عضلية منعته من استغلال كل إمكانياته في السباق. وعن الجزائريان حكيم سعدي والهادي لعمش اللذين شاركا خلال الألعاب الأولمبية في سباق الماراطون، فقد عانيا من الإرهاق والإصابات، ممّا لم يسمح لهما من البروز في سباق هذا الاختصاص، بينما يبقى انسحاب العدّاءة أيت سعادة في ماراطون ال10 كلم محلّ تساؤل إلى أن تقوم العدّاءة نفسها بتقديم تفسيرات عما وقع لها خلال السباق. لكن الإخفاق الذي سجله كل الرياضيين الذين ذكرناهم لا يمكن أن يمحي النتيجة الرائعة التي حصل عليها العربي بورعدة في سباق العشاري الذي يضم عشر اختصاصات في ألعاب القوى، حيث فاز بعدة اختصاصات قبل أن يحتل في النّهاية المركز الخامس بين أحسن الرياضيين العالميين في سباق العشاري، ويمكن وضع سليم بورعدة في نفس مرتبة مواطنه توفيق مخلوفي من حيث المجهودات الكبيرة التي بذلاها ورغبة كل واحد منهما في تشريف الألوان الوطنية والتأكيد بشكل خاص على أنه يمكن لألعاب القوى الجزائرية استعادة هيبتها الدّولية، شرط أن يكون تكفّل حقيقي وفعّال لرياضيها في مختلف الاختصاصات. الملاكم مصطفى موسى (صاحب الميدالية البرونزية في لوس أنجلس) ل"المساء": "إنني حزين ومستاء جدا" عبر الملاكم الدولي السابق موسى مصطفى في تصريح ل"المساء"، عن غضبه الشديد بسبب الإخفاق الذي حصل للفريق الوطني في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو، حيث لم تحافظ عناصره على تقاليد الملاكمة الجزائرية التي عودت الجمهور الرياضي الجزائري على تحقيق التتويجات في المحافل الدّولية الرياضية الكبرى. قال موسى الذي يعدّ أول ملاكم جزائري ينال ميدالية (برونزية في ألعاب لوس أنجلس 1984) في الألعاب الأولمبية؛ "أنا حزين ومستاء جدا لتراجع مستوى الملاكمة الجزائرية التي عودتنا على تسجيل نتائج كبيرة أينما حلّت عناصرها. والحقيقة أنني توقعت هذا الوضع منذ عدة سنوات لأنّ لا شيء كان يسير على ما يرام في الاتحادية المشرفة على الفرع. هناك سوء تسيير واضح، فضلا عن أنّ النوادي أصبحت غير مهتمة بالتكوين إلاّ القليل منها وهي مدارس معروفة على المستوى الوطني". أشار البطل الجزائري السابق إلى أنّه متأكد الآن من أنّ سوء التحضيرات شكلت أحد الأسباب التي أدت إلى إضعاف نتائج عناصر الفريق الوطني للملاكمة في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو. مضيفا أنّه يعتقد بالتّأكيد أنّ الطاقم الفني الذي يقود التشكيلة الوطنية لم يسير جيدا ملاكميه طيلة فترة التحضيرات التي سبقت هذه الألعاب، واستطرد موسى قائلا؛ "في السابق كان الفريق الوطني يدخل في تربصات طويلة المدى ولا يتوقف عن المشاركة في الدّورات والبطولات الدّولية، لكن اليوم الأمور تغّيرت، لأنّ الاتحادية لا تولي أهمية لكثير من العوامل التي صنعت قوة وشهرة الفريق الوطني للملاكمة في السنوات الماضية". في نظر محدّثنا، بعض التقاليد التي كانت موجودة في رياضتنا وصنعت قوتها اختفى جانب كبير منها، وذكر منها بشكل خاص التفاني في العمل، لكن اليوم -يضيف موسى- المفاهيم انقلبت رأسا على عقب وهو ما يفسر بالنّسبة إليه، إخفاق الكثير من الرياضيين الجزائريين في الألعاب الأولمبية بريو دي جانيرو. وطالب الملاكم الدّولي السابق موسى مصطفى في الأخير عودة المدربين الذين صنعوا شهرة الملاكمة الجزائرية، وذكر من بينهم المدرب بجاوي. أبوبكر الصديق ميسوم (المصارع الدولي السابق) ل"المساء": ‘'البريكولاج" سبب خيبة مصارعينا اعتبر المصارع الجزائري السابق وصاحب استحقاقات وطنية ودولية عديدة أبو بكر الصديق ميسوم، أن المشاركة الضعيفة للجيدو الجزائري في الألعاب الأولمبية 2016 بريو دي جانيرو البرازيلية، كانت متوقعة بالنظر إلى العديد من الأسباب المنطقية، في نظره، يتصدرها غياب إستراتيجية واضحة وبعيدة المدى، وأضاف في هذا الشأن: "منافسة بحجم الألعاب الأولمبية يحضر لها على مدى سنوات طويلة، وليس سنة أو سنتين من قبل، ولا ينبغي أن نستحي من الاحتكاك مع المنتخبات الأكثر قوة في اللعبة والخسارة أمامها، مادمنا نرمي إلى إعداد رياضيينا ومصارعينا لما هو أهم، ومن أجل مشاركة نوعية في مثل هذه المحافل الدولية كالألعاب الأولمبية، لا المشاركة من أجل المشاركة فقط". ويرى ميسوم أن ما رصدته الهيئات الرياضية لفائدة الرياضيين الجزائريين غير كاف، مقارنة بما يستفيد منه نظراؤهم في الدول الأخرى، في غياب تكوين قاعدي سليم وصلب، مصاحب لهذه الإمكانيات المرصودة، حيث قال عن ذلك: "مصارعونا يتخبطون في نفس المشاكل، فإما يتفقدون للاعتبار بداخل أنديتهم، أم غير محفزّين إطلاقا وهذا هو الداء الحقيقي للجيدو الجزائري، فالإهمال الذي طالهم دفع بهم إلى ترك ممارسة اللعبة، وسلك طرق أخرى، والخاسر الأكبر في النهاية هو الجيدو في بلادنا". وضرب محدثنا مثالا، بما تعانيه رياضة الجيدو في مدينة وهران التي كانت وإلى وقت قريب خزانا حقيقيا للأبطال: "الجيدو الوهراني الذي كوّن أسماء كبيرة، عرف انحدارا مخيفا ومحزنا في السنوات الأخيرة بسبب "البريكولاج"، ومشاكل أخرى كغياب المنشآت الرياضية، والقاعات المتخصصة لرياضة الجيدو، وتقدير جهود المصارعين، وهذا انعكس سلبا على مستوى الجيدو الجزائري وطنيا، وللأسف فإن الوضعية لم تتحسن بل ساءت أكثر". قال ميسوم بكل حسرة، قبل أن يذّكر بما سبق وأن توقعه أساتذة كبار في رياضة الجيدو بوهران كحيفري، والحاج مسكين والمرحوم بن سالم حسني حول تدني مستوى الجيدو الوهراني بالخصوص والجزائري عامة: "هؤلاء الشيوخ" كانت توقعاتهم صائبة، ودقوا أكثر من مرة ناقوس الخطر حول انخفاض مستوى الجيدو الجزائري، وللأسف كل جهودهم أضحت دون معنى في ظل ذلك، ويفتقدون الآن للتقدير والاعتبار رغم تخريجهم لأسماء كبيرة من أمثال خالد براهيمي، توى حبيب وخالد مداح". للتذكير، فإن المصارع أبو بكر الصديق ميسوم يحوز على درجة (دان 4)، وبجعبته ستة ألقاب وطنية وأخرى إفريقية وعربية، بدأ مسيرته الرياضية في سن الثامنة بقاعة بحي العثمانية ("مارافال" سابقا)، ومارس في فريقي الناحية العسكرية الثانية والنادي الرياضي لسيدي محمد بالعاصمة، الذي طور قدراته بين أحضانه، واعتزل ميسوم ممارسته رياضة الجيدو سنة 2008، عقب إصابة لحقته خلال تربص للفريق الوطني بمصر، وحاليا مدرب ينقل معارفة وخبرته للمصارعين اليافعين بإحدى القاعات الرياضية في مدينة وهران.