لم يستبعد خبراء في ميدان تسيير المخاطر والكوارث الطبيعة احتمال وقوع فيضانات خطيرة ببعض مناطق الوطن خاصة وادي حيدرة والينابيع بالعاصمة في حالة تساقط كميات معتبرة من الأمطار تتسبب في سيول طوفانية تؤدي إلى تشكيل مجرى الوديان المتوقفة عن النشاط من جديد في حالة تساقط كميات كبيرة غير متوقعة من الأمطار. وحذر هؤلاء الخبراء في تدخلهم خلال الندوة التي نظمتها جريدة المجاهد أمس حول " تسيير الكوارث الطبيعية"، من الأخطار التي تهدد حياة السكان القاطنين على ضفاف الوديان والذين لا تحترم منازلهم المقاييس الأمنية الواجب توفرها في البناء. مؤكدين أن الكارثة التي وقعت في غرداية جراء التساقط الكبير للأمطار باتت تهدد العديد من المناطق بما فيها وادي حيدرة الذي شيدت فوقه العديد من المؤسسات والفيلات الفخمة، حيث لم ينف هؤلاء إمكانية استيقاظ هذا الوادي في حالة سقوط أمطار غزيرة تتسبب في سيول جارفة وقوية تؤدي إلى تآكل أسس البنايات. ونفس الشيء بالنسبة لعدة مناطق أخرى كولاية بومرداس التي شيدت بها بنايات على بعد متر واحد فقط من الأودية. وفي هذا السياق دعا هؤلاء كل المواطنين للتحلي باليقظة والتخلي عن البناء الفوضوي على ضفاف الأودية مرجعين سبب الكارثة التي وقعت في تسع بلديات بغرداية إلى اللامبالاة في البناء. وحمّل المختصون في مجال الخبرة وتسيير الكوارث الطبيعية المسؤولية على البلديات التي لا تقوم بإعداد مخططات لمعرفة الأخطار التي تهدد أقاليمها من أجل توعية السكان بها وتفادي انجاز بنايات بها وإبعاد التجمعات السكانية عن هذه المناطق للوقاية من الأخطار التي تتسبب في خسائر بشرية ومادية جراء هذه الكوارث الطبيعية. وذلك طبقا للقانون الخاص بتسيير هذه الكوارث والوقاية منها الصادر في سنة 2004 . وفي سياق الحديث عن فيضانات غرداية اعتبر السيد شلغوم ممثل عن وزارة الموارد المائية، أن السد الصغير أو ما يعرف بالحاجز المائي الذي شيد بمحاذاة وادي ميزاب قلص من حجم الكارثة إذ منع تدفق 20 مليون متر من المياه في وادي ميزاب، حيث توقع المتحدث تسجيل نتائج وخيمة بالمنطقة لولا وجود هذا الحاجز المائي البالغ ارتفاعه 14 مترا والذي تصدى لضغط السيول الطوفانية التي حددت ب 900 متر مكعب في الثانية وهي ظاهرة تحدث مرة واحدة خلال مائة سنة. ورغم قوة هذه الأمطار إلاّ أن منسوب المياه لم يتدفق من الحاجز ولم يتجاوز علوه مما يبين أهمية انجاز مثل هذه الحواجز بالمناطق المهددة بأخطار الفيضانات. علما أن ولايات غرداية تحصي حاجزين آخرين من هذا النوع لا يزالان في طور الإنجاز بمنطقتي بوبريق والحيمر للوقاية من أخطار فيضان وادي ميزاب لجعل المنطقة آمنة من أخطار الفيضان. وتقرر انجاز هذه الحواجز المائية الثلاثة التي تم استلام واحد منها بعد الدراسة التي أجرتها وزارة الموارد المائية على نموذج مصغر في سنة 1995 حول كيفية تحويل مياه وادي ميزاب، وقد توصلت هذه الدراسة إلى تحديد خطورة فيضان وادي ميزاب في حالة تساقط أمطار غزيرة مثلما حدث هذه المرة، وهي الدراسة التي أوصت بانجاز هذه الحواجز المائية. وأرجع الخبراء في تسيير الكوارث حجم الكارثة التي ألمت بغرداية إلى تدفق كميات معتبرة من المياه بوادي ميزاب والقادمة من الولايات المجاورة كالجلفة، وبوسعادة التي تصب مياهها في وادي ميزاب. وأكد السيد نصري ممثل وزارة السكن أن مصالح المراقبة التي جندت لمعاينة الأضرار بغرداية والمقدر عدد مهندسيها ب 228 مهندسا أحصت إلى غاية أول أمس 10 آلاف منزل تضرر من الفيضانات وتم تحديد نسبة خطورة كل بناية. وحسب المتحدث فإن الخبرة الميدانية أثبتت أن عددا كبيرا من المنازل بني بمواد بناء محلية بسيطة لا تقاوم الفيضانات، كما أن أغلب المنازل شيدت على ضفاف الوادي، مشيرا إلى أن البنايات الواقعة في الأعالي لم تتضرر. ومن جهتها أوضحت ممثلة المرصد الوطني للأحوال الجوية أوضحت أن ما وقع في غرداية "ليس له أية علاقة بظاهرة الاحتباس الحراري" كما قالت بعض الأطراف، مشيرة إلى أن المرصد غير مسؤول عن هذه الكارثة لأنه نبه إلى تساقط كميات معتبرة من الأمطار في الفترة الممتدة من 26 إلى 30 سبتمبر الماضي وهي الفترة التي سجل فيها المرصد تساقط كمية قدرها 47 ملمترا بغرداية. وأضافت المتحدثة أن هذه الكمية ليست السبب في وقوع الفيضانات لأن بعض الولايات سجلت نسبة أكبر منها غير أنها لم تشهد كوارثا مثل ولاية بجاية التي بلغ معدل تساقط الأمطار بها 106 ملتر مما يبين أن الكارثة سببها البنايات الهشة والمبنية أمام الوادي.