ارتفعت أسعار النفط الخام في تعاملات أمس لتصل إلى أعلى مستوى لها خلال أربعة أشهر، إذ تعدت حاجز ال50.5 دولارا للبرميل منذ الساعات الأولى من افتتاح التعاملات، لتواصل تذبذبها صعودا ونزولا، لكن دون الابتعاد كثيرا عن هذا المستوى. وأرجع ملاحظون هذا الانتعاش في الأسعار إلى التصريحات التي أدلى لها وزير الطاقة نورالدين بوطرفة، الذي كشف فيها عن اجتماع مرتقب بين «أوبك» وروسيا الأسبوع المقبل على هامش منتدى الطاقة في إسطنبول التركية، لبحث مستويات الإنتاج، وهو ما أكده الجانب الروسي. وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك صرح أن المباحثات التي ستجري في إسطنبول ضرورية لتحديد آلية تطبيق الاتفاق الذي توصلت إليه «أوبك» في الجزائر العاصمة الشهر الماضي. في السياق، قالت وزارة الطاقة الروسية في بيان نشرته أمس إن وفدا روسيا سيعقد مشاورات ثنائية مع عدد من وزراء النفط بمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) في إسطنبول الأسبوع المقبل، وهو ما يمثل «خطوة مهمة أخرى على طريق تثبيت إنتاج النفط». وذكرت الوزارة أيضا، نقلا عن وزير الطاقة أنها تتوقع أيضا «التوصل إلى اتفاق على تثبيت إنتاج النفط قبل اجتماع «أوبك» في الثلاثين من نوفمبر المقبل». من جانب آخر، ذكرت مصادر إعلامية نقلا عن مصادر في «أوبك» أن المنظمة قد تخفض الإنتاج إلى مستويات أقل من المتفق عليها بالجزائر، في حال رأت ضرورة لذلك. وبدأت السعودية في تطبيق اتفاق الجزائر ميدانيا، حسب أخبار نشرتها أمس وكالة رويترز للأنباء، أشارت فيها إلى أن «خمسة مصادر مطلعة أكدت أمس الجمعة أن شركة أرامكو السعودية، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، ألغت الأسبوع الماضي عطاء نادرا لبيع شحنات فورية إلى مشترين في آسيا بعدما توصلت «أوبك» لاتفاق غير متوقع على خفض الإنتاج». للتذكير، توصلت المنظمة في اجتماع استثنائي يوم 28 سبتمبر إلى اتفاق «تاريخي» لتخفيض إنتاجها إلى 32.5 مليون برميل يوميا سيتم ترسيمه في اجتماع فيينا المقبل يوم 30 نوفمبر المقبل. وفي حوار مع جريدة «الشروق» في عدد أول أمس، عاد وزير الطاقة إلى كواليس الاتفاق، ذكر فيه بالجولات التي قادته إلى أهم المنتجين ابتداء من إيران وقطر وروسيا، وصولا إلى لقائه مع وزير النفط السعودي بباريس. وكشف في هذا الخصوص بأن الجزائر شددت على إيران ألا تكون السبب في إفشال اجتماع الجزائر، وأنها وعدت بذلك نظرا للعلاقات السياسية الجيدة بين البلدين، مضيفا بأن وزير النفط القطري، رئيس منظمة «أوبك» أبدى تفاؤله بنتائج اللقاء بحكم العلاقات الجيدة التي تجمع الجزائر مع البلدان الأعضاء في المنظمة. أما عن زيارته لروسيا، فقد قال إن وزيرها للطاقة كانت «نظرته واضحة» حول الأسعار، حيث اعتبر أن سعرا تحت ال50 دولارا لا يساعد الجميع. أما بخصوص وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، فإن السيد بوطرفة كشف أنه تلقى اتصالا منه وهو بموسكو ليبحث معه اجتماع «أوبك» في الجزائر، وجرى اللقاء بين الطرفين في العاصمة باريس الذي ركز على ضرورة التحكم في الإنتاج كمدخل للتحكم في الأسعار مستقبلا وتفادي مزيدا من الانهيار. وقال إن الوزير أكد على حضور السعودية واستعدادها لاتخاذ قرار في فائدة الدول الأعضاء. وحسب بوطرفة، فإن الاجتماع كان معرضا في وقت ما للفشل، عندما أبدى البعض رغبتهم في تأجيل القرار إلى اجتماع فيينا، إلا أن الجزائر تدخلت بثقلها، حيث خاطب الوزير المجتمعين قائلا إن الجميع لديهم مسؤولية جماعية، وأن الجزائر التي كانت تعيش وضعا داخليا خاصا في العشرية السوداء، من عقوبات وحصار ومشاكل «لم تطلب يوما من «أوبك» شيئا»، ولذا فإنه تم الالحاح على ضرورة الخروج من الاجتماع بقرار، وهو ما تم بالفعل. وبالنسبة للخلاف بين السعودية وإيران، فإن الوزير أوضح أن النقطة الأساسية هي «أننا اتفقنا في البداية ألّا نطلب من السعودية أن تقوم بالخطوة الأولى لوحدها أو إيران هي التي تقوم بها لوحدها، ويجب أن تكون خطوة متزامنة لجميع الأعضاء».