أصيبت الدبلوماسية المغربية بانتكاسة جديدة بعد مصادقة اللجنة الرابعة الأممية الخاصة بتصفية الاستعمار بإجماع أعضائها على لائحة جددت من خلالها التأكيد على أحقية الشعب الصحراوي في تقرير مصيره والاستقلال من الهيمنة المغربية المفروضة عليه منذ 32 عاما. وتكون اللجنة الأممية المختصة من خلال هذا التصويت قد دحضت المزاعم المغربية القائلة بمغربية الصحراء الغربية والتي ما انفكت الرباط تروج لها دون أن تجد من يقتنع بها وهي في الحقيقة فكرة لضم شعب رفض سياسة الآمر الواقع التي يصر المحتل على الترويج لها رغم انها لا تستند لأي سند قانوني أو تاريخي. وكان تصويت اللجنة الرابعة بأغلبية أعضائها على الحق التاريخي للشعب الصحراوي في أرضه وتأكيد مشروعية مطالبه في الاستقلال بمثابة صدمتين بالنسبة للمغرب صدمة كون الرباط لم تجد ما تدافع به عن طروحاتها الاستعمارية وصدمة ثانية لفكرة الحكم الذاتي التي يصر المغرب على فرضها على الصحراويين رغم حملها لعوامل فشلها المسبق بسبب النظرة الضيقة لأصحابها ورغبتهم في القفز على حقائق التاريخ التي تؤكد أن الشعب الصحراوي لم يكن يوما شعبا مغربيا. هذه القناعة التي جعلت اللجنة الرابعة تدعم المفاوضات المباشرة الجارية بين طرفي النزاع منذ أكثر من عام بما يعنيه هذا المسعى من تبادل للأفكار والبدائل العقلانية قصد التوصل إلى أرضية توافقية تؤدي إلى إيجاد حل يقبل به طرفا النزاع ويسمح بتقرير مصير الشعب الصحراوي. وتبنت اللجنة في هذا السياق كل اللوائح التي صادق عليها مجلس الأمن الدولي والتي غلبت عليها فكرة الحوار والمفاوضات للتوصل إلى حل يرضي الطرفين بدلا من سياسة الحلول الأحادية الجانب التي تسعى الرباط إلى فرضها عبر فكرة الحكم الذاتي بدعوى أنها اكبر تنازل تقدمه في إطار تسوية النزاع. والحقيقة أن الرباط من خلال هذا المقترح لم تعمل على تسهيل التوصل إلى حل بقدر ما عرقلت مسار مفاوضات علقت عليها آمال كبيرة لإنهاء مأساة الشعب الصحراوي بعد أن تفتقت عبقرية مهندسي الدبلوماسية المغربية على اقتراح فكرة ولدت ميتة وهي التي رفضتها جبهة البوليزاريو يوم عرضها الملك المغربي الراحل الحسن الثاني مرغما بعد أن اصطدم بواقع ميداني رسم بطولاته جيش التحرير الصحراوي ولم تجد السلطات المغربية من مخرج لها حينها سوى عرض فكرة التفاوض قبل ان توقع على اتفاق وقف إطلاق النار وقبولها الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع جبهة البوليزاريو التي نعتتها بمجموعة من الخارجين عن القانون. ورغم ان النزاع يحمل في طياته مشروعية مطالب أصحابه إلا أن المغرب واصل سياسة الغي والتنكر لحق شعب رفض الإذعان لسياسة الأمر الواقع ولكنه أبدى ليونة في التعامل مع النزاع وقبل بالمفاوضات وحتى تمكين المحتل بعرض بدائله ومنها طرح فكرة الرغبة في البقاء تحت السيادة المغربية آو حتى القبول بفكرة الحكم الذاتي ولكنه رفض في المقابل رهن مشروعية الاستقلال وأكد بمنح المصوتين الصحراويين حرية رفض الخيارين وقول "نعم " للاستقلال. وهو الموقف الذي جعل المفاوضات المباشرة التي انطلقت قبل عام بين طرفي النزاع تصطدم بجدار الرفض المغربي الذي انتهج سياسة السويف ربحا للوقت وفي تنصل واضح من التزامات تعهدت الرباط بتنفيذها بتواطئ مع قوى كبرى استغلت منبر مجلس الأمن للطعن في الشرعية الدولية والتنكر لحق شعب رفض الإذعان لمنطق سياسة الأمر الواقع. واعتبرت الحكومة الصحراوية أمس مصادقة اللجنة الرابعة للأمم المتحدة على لائحة بخصوص النزاع في الصحراء الغربية بأنه تأكيد من المجموعة الدولية على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وقال محمد سالم ولد السالك وزير الخارجية الصحراوي امس أن "المجموعة الدولية أكدت مجددا من خلال هذه اللائحة ضرورة أن يضمن كل حل سياسي عادل ممارسة شعب الصحراء الغربية حقه في تقرير المصير والاستقلال طبقا لمبادئ ولوائح الأممالمتحدة المتعلقة بتصفية الاستعمار" . وذكر ولد السالك بأن اللجنة الرابعة أكدت من خلال هذه اللائحة "الهامة" مسؤولية الأممالمتحدة تجاه شعب الصحراء الغربية" في الوقت الذي لا يزال المغرب ماضيا في عرقلة جهود المجموعة الدولية الرامية إلى تصفية الاستعمار في آخر مستعمرة في القارة الإفريقية" . ودعا المسؤول الصحراوي الحكومة المغربية إلى وضع حد لسياسة الأمر الواقع وسد الطريق أمام تنظيم استفتاء تقرير المصير الذي يبقى السبيل الواقعي الوحيد للتوصل إلى حل عادل ودائم" . وفي أول رد فعل على قرار اللجنة الرابعة الأممية أعربت الجزائر أمس عن ارتياحها لمصادقة اللجنة على اللائحة الجديدة التي أكدت على حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره. واكدت وزارة الشؤون الخارجية في بيان لها أمس أنه "من خلال المصادقة على هذه اللائحة التي تعزز مسار تصفية الاستعمار الذي لامناص منه لهذا التراب فإن اللجنة الرابعة قدمت مرة أخرى وبوضوح دليل تمسك جميع أعضاء منظمة الأممالمتحدة بالاحترام حق الشعب الصحراوي الثابت في تقرير مصيره" . وأعربت الخارجية الجزائرية عن إرتياحها للمصادقة على اللائحة التي "أكدت صحة اللوائح الأممية السابقة حول النزاع في الصحراء الغربية وكرست منذ سنة 1960 أحقية الشعوب المستعمرة في الاستقلال والحرية. وألحت الجزائر ضمن هذا الموقف على ضرورة ان تستمد جميع خيارات تقرير المصير في الإقليم الصحراوي مشروعيتها من مبدأ احترام التعبير الحر عن ارادة شعب الصحراء الغربية واختياره وبضرورة ان تجد قضية الصحراء الغربية انفراجا نهائيا من خلال "حل سياسي عادل ودائم يضمن حق شعب الصحراء الغربية في تقرير مصيره" . وأعرب بيان الخارجية الجزائرية عن أمل الجزائر في رؤية طرفي النزاع (المملكة المغربية وجبهة البوليزاريو) يستأنفان دون شروط وفي اقرب الآجال مفاوضاتهما المباشرة في منهاست برعاية أممية قصد التوصل إلى حل عادل ونهائي "لمأساة الشعب الصحراوي.