لقيت شابة في مقتبل العمر (18 سنة) حتفها تحت الأنقاض صباح الخميس، في انهيار صخري أتى على منزلها العائلي، فيما أصيب والدها بجروح خطيرة. ودمّر الانهيار 3 منازل واقعة بنفس الرواق، وتضرّرت 3 أخرى، لتكون بذلك ولاية وهران ضحية جديدة تضاف لضحايا الانهيارات الجبلية وانهيارات المساكن الهشة والقديمة. كانت الساعة تشير إلى تمام الحادية عشرة وثماني دقائق، عندما تمكّن عناصر التدخّل بمديرية الحماية المدينة لولاية وهران، من انتشال جثة المرحومة بن عبد الله سهام المعوّقة حركيا وذهنيا؛ في عملية إنقاذ بطولية تواصلت منذ الساعة الثانية من صباح الخميس بعد انهيار صخري لجبل يحاذي موقع السكن العائلي للضحية التي صارعت لساعات طويلة تحت الأنقاض، قبل أن تستسلم للموت المحتم بسبب تواجدها أسفل صخرة كبيرة، فيما تم إنقاذ والديها السيد بن عبد الله محمد المدعو «الحبيب» البالغ من العمر 46 سنة وزوجته السيدة واضح خديجة المدعوة «عائشة» البالغة من العمر 38 سنة، اللذين لايزالان بمستشفى وهران، حيث تمّ إخضاع الزوجة لعملية جراحية بعد إصابتها بجروج وكسور خطيرة على مستوى الرجلين. وتنقلت «المساء» إلى موقع عملية الإنقاذ بحي أرض غزال بمنطقة كوشة الجير بمندوبية البدر ببلدية وهران، في ساعات مبكرة من صباح الخميس، حيث كان عناصر الحماية المدنية يصارعون الزمن لانتشال الضحية التي كانت لاتزال حية، ولم يتمكّن العناصر من استخدام آليات تفتيت الصخور بسبب موقع الانهيار، وبقيت الصخور تتربّص الجميع من أعلى الجرف الهش، واستعانت الحماية المدنية بآليات للرفع بواسطة الضغط، وهي الآليات المستخدمة عادة لرفع الأشياء الثقيلة، إلى جانب استخدام قطع من الخشب لمنع انهيار الصخرة الكبيرة. وشاركت «المساء» عناصر الحماية المدنية في عملية الإنقاذ التي كانت تتمّ في ظروف صعبة جدّا. وخاطر عناصر الحماية المدنية بأنفسهم في سبيل إنقاذ الضحية من خلال حفر ممر أرضي أسفل الصخرة والدخول أسفله، غير مبالين بخطورة الموقف وتهديدات ما تبقّى من الجرف بالانهيار. دامت العملية قرابة 10 ساعات كاملة إلى غاية انتشال الضحية من تحت الأنقاض بعد أن فارقت الحياة، لتحوَّل إلى مصلحة الطب الشرعي بمستشفى وهران. وحضرت «المساء» عملية الإنقاذ البطولية التي تمت أمام مرأى مسؤولي أمن ولاية وهران والدرك الوطني ووكيل الجمهورية بمحكمة وهران، إلى جانب مسؤولي بلدية وهران وتواجد كثيف لعناصر الحماية المدينة. وعن مجريات الانهيار، كشف السيد بوعبد الله بلوفة جار الضحية وأحد السكان ممن دُمّر منزله بالكامل، كشف أنّه يقيم رفقة جيرانه منذ 20 سنة أسفل الجرف، وهي سكنات فوضوية، مشيرا إلى أنّه سبق أن تمّ تسجيل عدّة انهيارات جزئية، ورغم ذلك بقيت العائلات تقيم أسفل الجرف إلى غاية ليلة الأربعاء؛ يقول: «سمعنا صوت التشققات في حدود منتصف الليل، التي ارتفع صوتها بعد مرور نصف ساعة، لتبدأ الصخور في التساقط بقوة، الأمر الذي دفعني إلى إخراج عائلتي المتكونة من 3 أطفال رفقة زوجتي، ومنه تم تحذير كلّ الجيران الذين غادروا منازلهم باستثناء عائلة بن عبد الله المقيمة فوقنا وأسفل الجرف مباشرة؛ حيث تساقطت فوقهم الصخور، ومنعتهم من الخروج حتى سقوط الصخرة الكبيرة التي علقوا أسفلها». من جهته، كشف الشاب ياسين قريب الضحية، أنّه كان أوّل من أبلغ عن الحادث بالاتصال بالرقم الأخضر للشرطة، التي تدخلت مباشرة في حدود الساعة الواحدة ليلا، تبعها تدخّل عناصر الحماية المدنية، الذين أظهروا احترافية كبيرة في التعامل مع الموقف وسرعة التدخل. ووجهت العائلات المتضررة نداء إلى السلطات المحلية بالولاية لانتشالهم من المكان بعد أن وجدت نفسها في الشارع، فيما تبقى العائلات الأخرى تحت رحمة الصخور المتساقطة. يُذكر أنّ مدينة وهران سجّلت العديد من الضحايا في انهيارات صخور ومبان قديمة. كما أحصت أوّل حادثة سنة 2006 بحي الحمري، تسبّبت في وفاة 3 أشخاص، ليتم على إثرها الإعلان عن برنامج خاص لترحيل سكان المباني القديمة، وهو البرنامج الذي لايزال متواصلا إلى اليوم. وعرفت منطقة كوشة الجير حادثا مماثلا تمثّل في انهيار بناية قديمة أودت بحياة شخصين، إلى جانب مقتل عائلة بالكامل في انهيار للصخور بحي الهواء الجميل ببلدية وهران، فضلا عن وفاة امرأة وسقوطها من أعلى مسكن قديم بحي رأس العين بسبب قدم البناية. كما لقي شاب بحي رأس العين حتفه في انهيار بناية فوضوية خلال تساقط الأمطار سنة 2011. رئيس البلدية بالنيابة: ...توزيع 3 مساكن على العائلات المتضررة من جهته، كشف رئيس بلدية وهران بالنيابة السيد محمد واعد، عن تشكيل خلية أزمة محلية تابعت كلّ مجريات العملية بإشراف من رئيس الدائرة، في وقت قرّر والي وهران السيد عبد الغني زعلان منح 3 شقق للعائلات المتضررة والتكفّل بالضحيتين، مؤكّدا أنّ البلدية قامت في إطار التضامن، بجمع مساعدات للعائلات المتضرّّرة، إلى جانب شراء مستلزمات إلكترومنزلية وأثاث وكل مستلزمات المنزل لعائلة الضحية التي نُقلت إلى الشقة التي استفادت منها بحي بلقايد ببلدية بئر الجير، موضّحا أنّ مصالح بلدية وهران لاتزال تتابع الوضع في المنطقة في انتظار قرارات أخرى لاحقا.