أرسلت مديرية الثقافة لبومرداس نهاية الأسبوع المنصرم، فرقة من مصلحتي التراث والنشاط الثقافي، إلى مغارة اكتُشفت بالصدفة بجبال بلدية عمّال جنوب غرب الولاية بومرداس، للوقوف على هذا الاكتشاف الذي يُعد مكسبا ثقافيا وسياحيا للولاية. وقال جمال فوغالي مدير الثقافة ل «المساء» إن مصالحه ستعقد في الأيام القليلة القادمة، اجتماعا مع مصالح الطاقة والمناجم والسياحة لتدارس سبل حماية هذه المغارة، هذه التي أدى اكتشافها إلى مطالبة المجتمع المدني بنفض الغبار عن الإرث الطبيعي والتاريخي لكل المنطقة التي تحوي كنوزا حقيقية. تقع مغارة ثغرين بالقرب من محجرة بجبال عمّال، وتاريخها يعود لملايين السنين، حسبما أفادنا به السيد فوغالي، ملفتا إلى أن الفرقة المتخصصة الموفدة إلى عين المكان نهاية الأسبوع الفارط، كشفت أنها مغارة أصغر من المغارة الموجودة بولاية جيجل. كما أكدت جمالها الخلاب، إذ أنها تحتوي على صواعد ونوازل تشكّل رسما طبيعيا فريدا، مضيفا أنه اقترح في المقام الأول تهيئة الطريق المؤدية إليها، وتصنيفها كمحمية طبيعية سياحية، مشيرا إلى تنظيم اجتماع يضم مديريات الثقافة والسياحة لتدارس طرق حماية المغارة من المحجرة القريبة منها. اكتشاف هذه المغارة الذي جاء بالصدفة بعد أن أدت التفجيرات بالديناميت للمحجرة القريبة منها بفتحها بجبال عمّال، دفع بأعضاء المجتمع المدني إلى الحديث عن المكاسب الكبيرة التي تحويها هذه المنطقة تحديدا من ولاية بومرداس، حيث قال محمد شارف إن المغارة المكتشفة تحمل اسم «ثيغرين»، وتقع على بعد 100 متر فقط عن محجرة تابعة لمؤسسة عمومية، وراءها تقع مغارة إفري تيزي التي تحوي رفاتا تعود إلى شهداء الثورة التحريرية، ليطالب المجتمع المدني بإرسال فرقة من الحماية المدنية تكونت بولاية خنشلة خصيصا لاستخراج رفات الشهداء، وإعادة دفنها وتهيئة المغارة لاستغلالها سياحيا. كما لفت المتحدث إلى أنه رفقة أشخاص آخرين دقوا ناقوس الخطر حول المحجرة على المغارات بجبال عمال في 20 أوت 2014، إثر اجتماع جمعية ثقافية سابقة تدعى «أسيرم»، حذّرت مديريات الثقافة والسياحة والمجاهدين والمناجم والفلاحة والموارد المائية ودائرة الثنية. وتم مراسلة المجلس الشعبي الولائي آنذاك والوالي الأسبق كمال عباس، «حول خطر المحاجر في المنطقة التي تهدد الثورة النباتية والحيوانية والسياحية بجبال بلديات قدراة بوزقزة وعمّال، كونها مناطق تعج بمغارات استُعملت إبان الثورة التحريرية، وتحوي مقابر جماعية للشهداء فردية وجماعية وأماكن تاريخية تشهد على كمائن نصبها بعض قادة الثورة، ومنها معركة بوعلام بوقري بمنطقة تيزي غير، وكمين الشهيد علي خوجة في ماي 1956 بجرّاح»، يضيف المتحدث. نشير إلى أن المغارة المكتشفة ثيغيرين محاطة بأماكن تاريخية تعود للحقبة الاستعمارية الفرنسية، وأخرى تثبت التواجد العثماني بالجزائر، حيث توجد طريق قديمة تسمى عين السلطان ومحليا «تمصمّرت»، كانت تربط العاصمة بالبويرة باستعمال عربات الخيول. كما تحوي منطقة عمّال على معلم إسلامي معروف باسم «بابا أولمو» شبيه بزاوية لتدريس وتدارس القرآن واللغة العربية، تعرضت للتخريب في سنوات الإرهاب. وطالب المجتمع المدني مرارا بإعادة تهيئته والحفاظ عليه معلما تاريخيا، يشير نفس المتحدث. ولم ينته ثراء منطقة عمّال التاريخي، حيث توجد مغارة أخرى كانت تحوي حسب محمد شارف أدوات الإنسان القديم، وبالضبط بقبب عمّال بمحاذاة قرية هيني على الطريق الوطني رقم 05، «قام المستعمر الفرنسي بالاستيلاء عليها، ولدينا الوثائق التي تثبت ذلك»، يقول المتحدث رئيس جمعية أسيرم الثقافية سابقا، ملفتا كذلك إلى كنوز تاريخية أخرى بنفس المنطقة، تتعلق بوجود مغارة تسمى «إزروايمعزيّن» شرق بلدية عمّال، قال إنها كانت تُستعمل كورشة لخياطة لباس جيش التحرير الوطني، ناهيك عن وجود شلالات دشرة تيبحرين أو تيزي قرب واد يسر في الحدود ما بين عمال والأخضرية ومطالب بحمايتها من التخريب وتهيئتها سياحيا، إلى جانب حوالي 20 منبع ماء كانت الجمعية قد توسطت بالقرب من الوالي كمال عباس لحمايتها، وذلك الذي تم فعلا، في انتظار تثمين بقية الإرث التاريخي والطبيعي والبيولوجي المتعلق بعشرات أنواع الطيور النادرة التي تتعرض بين الفينة والأخرى للصيد الجائر، وكذا نباتات طبية وحيوانات، وهذا بدون إغفال الإشارة إلى وجود دشرة تحوي منازل قديمة جدا مبنية بالتراب أو الطوب بقرية آيت دحمان تستحق الحماية. كما أنه يمكن للمنطقة بكاملها أن تستقطب آلاف السياح بعد تهيئتها؛ مما يزيد في خلق الثورة محليا، وهذا هو مطلب المجتمع المدني لعمّال من السلطات الولائية، وعلى رأسها الوالي عبد الرحمان مدني فواتيح.