تباينت رهانات التشكيلات السياسية التي ستدخل منافسة الانتخابات التشريعية المقررة في 4 ماي القادم، بين من اختار نسخ قوائمه السابقة والتعويل على خبرة وتجربة نوابه السابقين في كسب ثقة الناخبين، وبين من اختار تجديد الواجهة بالاعتماد على الوجوه الجديدة من كوادره وكفاءاته المحلية التي لم يسبق لها خوض سباق التشريعيات. موازاة لما سبق ذكره، تراهن العديد من التشكيلات على الوجوه المعروفة على الساحة المحلية لاسيما من بين الوجوه الرياضية ورجال المال والأعمال. حملات الاحتجاج على القوائم الانتخابية التي ضبطتها قيادات الأحزاب السياسية، تحسبا للتشريعيات القادمة، لم تنتظر نهاية الآجال القانونية لإيداع القوائم، والتي استنفذت أمس رسميا، لتنطلق عبر بعض الولايات، تعبيرا عن غضب فئات عديدة من مناضلي بعض الأحزاب التي بدأت تشتكي الإقصاء والتهميش، مثلما هو الحال بالنسبة لمحافظة إسبانيا لحزب جبهة التحرير الوطني، التي أعلن قياديون فيها حسب ممثلهم السابق نور الدين بلمداح استقالتهم الجماعية، تعبيرا عن استيائهم لعدم ترشيح بلمداح مجددا على رأس قائمة المقاطعة. ولا يستبعد المتتبعون لشأن الحزب العتيد أن تتبع عملية الإعلان عن القوائم النهائية لمترشحي الحزب لموعد 4 ماي القادم، والتي ضربت عليها حالة حصار قصوى، وفضل الأمين العام جمال ولد عباس عدم تسريبها قبل موعد الإعلان عنها رسميا اليوم بالمقر المركزي للحزب، حالات ترقب مشوبة بغضب في أوساط المناضلين والقياديين الذين لن تروقهم خيارات قيادة الحزب، في وقت لم تنتظر فيه بعض الأسماء الغاضبة لحظة الإعلان عن القوائم، وسارعت إلى الترشح في قوائم حرة مثلما هو حال البرلماني ونائب رئيس المجلس الشعبي الوطني في العهدة الحالية بهاء الدين طليبة، الذي يكون حسب مراسلنا من عنابة قد قرر دخول المعترك بقائمة حرة. حالة التذمر في أوساط المناضلين لم يسلم منها أيضا حزب العمال، الذي تقول مصادرنا بأن حالة من الغليان عرفتها معاقل الحزب بولاية عنابة، حول موضوع متصدر قائمة التشكيلة للتشريعيات القادمة، قبل أن تتدخل الأمينة العامة لويزة التي فصلت في الأمر بترجيح كفة محي الدين بوشمة، الإطار بالديوان الوطني للخدمات الجامعية. بعيدا عن تداعيات عملية الضبط والغربلة والخيارات التي استقرت عندها قيادات التشكيلات السياسية التي ستخوض غمار الانتخابات التشريعيات القادمة، يبقى عامل المراهنة على الأسماء التي باستطاعتها استقطاب ثقة الناخبين، أهم رهان تعوّل عليه الأحزاب المتنافسة للفوز بأكبر عدد من المقاعد خلال هذا الموعد الانتخابي الحاسم، ولذلك فقد بدت خيارات التشكيلات المعنية متباينة نوعا ما، بين من فضل الاعتماد على عامل التجربة والخبرة التي اكتسبتها الإطارات التي سبق لها أن خاضت مثل هذه المنافسات، مثلما هو حال التجمع الوطني الديمقراطي وحزب العمال اللذان اختارا إعادة ترشيح عدد معتبر من البرلمانيين السابقين ضمن قوائمهما لتشريعيات 4 ماي، ونفس الحال ينطبق على أحزاب أخرى ولو بدرجة أقل، مثلما هو الشأن بالنسبة لجبهة القوى الاشتراكية والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، اللذان دفعا ببرلمانييهما السابقين في الصفوف الأولى للمعركة، مع تقدم الأمين العام للأرسيدي لقائمة الحزب بالعاصمة وتصدر السكريتير الوطني الأول للأفافاس لقائمة الحزب في قسنطينة. هي نفس الخطة التي اختار تكتلا الإسلاميين اعتمادها، في مسعى اكتساح أكبر عدد ممكن من المقاعد في قصر زيغوت يوسف، حيث راهن الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء على إطاراته ونواب التشكيل الثلاثي السابقين، في مواجهة «الشجعان» بالولايات الكبرى، على غرار بن خلاف في قسنطينة وحسن عريبي بالعاصمة، فيما استقر خيار تكتل حمس والتغيير على رئيس الجبهة والوزير السابق مناصرة لتصدر قائمة العاصمة، وضمت قوائم التكتلين في غالبية الولايات إطارات التشكيلات المشكلة لها وقيادييها على المستويين الوطني والمحلي. في المقابل، فضلت بعض الأحزاب تجديد واجهتها للتشريعيات القادمة، بالمراهنة على أسماء جديدة ومتداولة على المستوى المحلي، حرصا على ضمان التمثيل الشعبي الأوسع، واختارت لذلك وجوها معروفة من عالمي الرياضة والأعمال. هذا الخيار لم يهمله الحزب العتيد، الذي حتى وإن ارتبطت تسميته بالأسماء الثقيلة في الحكومة وفي الساحة السياسية عامة، إلا أنه ترك حيزا معتبرا، طبقا لما تسرب لمراسلينا من معطيات، للوجوه الجديدة الذائعة الصيت على مستوى المحلي، مثلما هو الشأن بالنسبة لاختياره للدكتور عمر سعيد محساس، الناطق الرسمي السابق للنادي الرياضي القسنطيني لتصدر قائمة عاصمة الشرق، وهي الولاية نفسها التي اختار فيها الغريم «الأرندي» رجل الأعمال عبد الكريم شنيني لترأس قائمته الانتخابية، بينما اختارت الحركة الشعبية الجزائرية المناضل السابق بحزب الأرندي ورجل الأعمال بوربيع صالح، ليقود قائمة الحزب في هذه الولاية. ورشح حزب تجمع أمل الجزائر «تاج» هو الآخر رجل الأعمال فقيه عكاش على رأس قائمة الحزب بولاية تلمسان، مع الإشارة إلى أن التجمع الوطني الديمقراطي، وفي انتظار ما ستسفر عنه قوائم الأفلان الرسمية، يعتبر الحزب الذي رشح في قوائمه أكبر عدد من رجال الأعمال على غرار عبد القادر زغيمي في البليدة، إسماعيل بن حمادي في برج بوعريريج وأحمد طورش في ميلة.