أصبح العنف في الجزائر جزءا من يومياتنا، إلى درجة باتت تدعو إلى التساؤل الملح حول أسباب هذه الظاهرة وانعكاساتها على المجتمع، والنتائج التي سنجنيها كلنا في حال استمرار الوضع على حاله. وإذ نتحدث عن العنف، فإننا لا نعني به فقط الأشكال المختلفة للإجرام التي تؤكد كل الأرقام الرسمية التي تعلن عنها في كل مرة مصالح الأمن، أنها في ارتفاع، وإنما نعني كذلك الأنواع المختلفة للعنف بدءا من العنف اللفظي الذي يتجلى في السب والشتم، الذي "يتفنن" فيه الجزائريون أكثر من غيرهم، مرورا بالعنف المعنوي الذي قد يظهر في "البصق" والتعليقات الجارحة، لاسيما الموجهة إلى الفتيات والنساء، وصولا إلى الاعتداءات العنيفة التي لم يعد الشارع فقط مسرحا لها، بل انتقلت عدواها إلى المدارس والجامعات مفقدة إياها تلك القدسية التي تربينا عليها. قد يقول قائل أن سنوات الدم والدمار التي عاشتها الجزائر هي السبب، وقد يقول آخر أن وسائل الإعلام بما تقدمه من برامج وأفلام تشجع على العنف، هي التي تقف وراء الظاهرة، وقد يعتبر آخرون أن استقالة الأسرة من دورها أدى إلى استفحال العنف، لكن هل يجب أن نتوقف عند الأسباب ونتفرج، أم أن كل الأطراف مدعوة إلى التدخل في نطاق اختصاصها لتطويق الظاهرة والبدء في أولى خطوات التغيير؟ وأين هم علماء الاجتماع وعلماء النفس مما يحدث حولهم، وأين هم رجال الدين ومن خلالهم مديريات الشؤون الدينية، عبر الولايات، وكذا الحركة الجمعوية؟ أسئلة كثيرة تطرح عندما نتطرق إلى ملف "العنف" بالجزائر، ومن خلال سلسلة من المقابلات، سنحاول تسليط الضوء على بعض أوجه هذه الظاهرة، دون أن ندعي الإلمام بكل جوانبها، التي تبقى متشعبة ومترابطة ومعقدة.