تشير أصابع الاتهام، إلى أن بعض وسائل الإعلام مدرسة تلقن العنف والإجرام للأجيال الناشئة، فعدة رسوم متحركة أريد لها أن تقدم للأطفال خبراتها الحياتية على طريقتها الأوروبية والأمريكية، وتتفنن في تجسيد أدوار العنف لتصنع سعادة صغارنا الذين يستلطفون ببراءتهم وقائع الرسومات المتحركة العنيفة، أملا في أن يفوز "بطلهم" المحبوب في النهاية!.. فلا وزر عليهم إن أغرموا بعنف الأفلام الكارتونية المستوردة، ولا غرابة في ذلك في ظل غياب الرقابة الأبوية.. فالعنف واقع بات يستفزنا وأمام استفزازه هذا يقف عدة آباء موقفا يتقاسمه الاستسلام. لكن وبما أن الدراسات المختصة أثبتت مرارا، أن تصرفات الصغار ليست سوى الصورة التي تعكس نمط التنشئة الاجتماعية، فإنه لن يكون من العدل أن نضع القنوات التلفزيونية ووسائل التكنولوجيا الحديثة التي أتتنا من هناك في قفص الاتهام لوحدها، فهي ليست لوحدها الأدوات المشجعة على العنف، لأن الحقيقة في الميدان تشهد أن وسائل الإعلام لم تستطع الانسلاخ عن"قوانين" المجتمع التي تؤثر على الدور التوجيهي، فكثيرا ما يكون المحيط الأسري الأرضية التي يبنى عليها عنف الصغار، ويكفي ما تتدواله المحاكم في هذا الإطار من قضايا تتعلق بمعارك طاحنة تقوم بين العائلات بسبب تشاجر الأطفال.. والبداية غالبا ما تكون بتلقين الطفل طرق الانتقام من خلال تحريضه على الثأر ممن ضربه! الظاهر أن المجتمع يزرع ثقافة اللاتسامح وسط الصغار، وبالموازاة مع ذلك، يستغرب مشاهد العنف التي أصبحت جزءا لا يتجزأ من يومياتنا، ونتيجته استفحال ظاهرة القتل لأتفه الأسباب.. وأنا شخصيا لا أستوعب هذا التناقض، لأنه من المنطقي تماما أن تكون التصفيات الجسدية ثمنا لسياسة عدم الصفح التي يزرعها بعض الآباء في أوساط أبنائهم، قياسا على المثل الشعبي القائل: "اللي يزرع الشوك يحصد جراحو"!