قال الدكتور أحسن تليلاني في محاضرته المعنونة ب«واقع المسرح الجزائري وآفاقه»، خلال أيام عز الدين مجوبي للمسرح بعزابة ولاية سكيكدة، أن دور فن المسرح قد تراجع كثيرا بالمقارنة مع دوره في السنوات السابقة، ويتميز عن غيره من المسارح العربية والأجنبية بكونه مسرحا رساليا هادفا، اضطلع منذ بداياته الأولى بدور المقاومة الثقافية للاستعمار، كما تولى مهمة التعريف بالقضية الجزائرية للرأي العام العالمي أيام الثورة التحريرية. أضاف ثليلاني أن المسرح، إلى جانب مساهمته عقب الاستقلال في بناء الدولة الوطنية والترويج للمبادئ الاشتراكية، ظل دائما يمثل صوت الناس والمجتمع ومنتقدا انحرافات السلطة ومنتصرا لأحلام الشعب البسيط، ويتضح ذلك جليا في أعمال كاتب ياسين، وعبد القادر علولة، وامحمد بن قطاف، وفي كثير من عروض مسرح الهواة، ليعرّج بعدها الدكتور ثليلاني لقضية ارتباط المسرح بالوعي السياسي والاجتماعي للمجتمع، حيث لاحظ أن حركة المسرح تعكس حركة المجتمع، لذلك وجدنا المسرح كما أشار من أكثر الفنون استهدافا من قبل الإرهاب خلال العشرية السوداء، بإقدامه على اغتيال علولة، ومجوبي، كما تم إغلاق المسارح في محاولة لإسكات صوت الحياة وتعميم ثقافة الموت. وقال الدكتور تليلاني إن عدد المسارح المحترفة بالجزائر قد بلغت العشرين مسرحا، لكن ذلك التزايد العددي لم يستطع إعادة فن المسرح إلى الواجهة، بل لم يعد إلى الفاعلية التي كان عليها، حيث وجدنا أنفسنا اليوم أمام فراغ مسرحي وثقافي مهول رغم كثرة البنايات الثقافية، سواء فيما يتعلق بدور الثقافة أم بالمسارح، حتى أن الجمهور قد عزف هو الآخر عن الذهاب للمسارح، ربما هذا كما أشار يرجع لضعف مستوى العروض المسرحية، وربما بسبب منافسة التلفزيون للمسرح، أو بسبب انهيار قيم المدنية والتحضر في المجتمع. ليتوقف ثليلاني كثيرا عند قضية علاقة المسرح بالمدينة، حيث رأى أن المسرح فن مسائي يناسب المجتمعات المدنية المتطورة المتحضرة التي تخرج ليلا لتسهر وتلبي حاجاتها الثقافية والفنية بحضور الحفلات ومشاهدة السينما وعروض المسرح، في حين أن المجتمع الجزائري مثل غيره من المجتمعات العربية قد أصابه داء التخلف والتراجع عن قيم التمدن والتحضر، فصارت كبريات المدن تنام مع مغيب الشمس، كما انهارت كبريات العواصم العربية من القاهرة إلى بغداد إلى دمشق إلى تونس وبيروت وغيرها، محذرا من تلك الداعشية التي تكاد تصيب المجتمع في مقتل. ومن أهم الأسئلة التي طرحها الدكتور ثليلاني في محاضرته، سؤال حول جدوى المسرح اليوم ؟ ورأى أنه من الضروري الإجابة عن هذا السؤال لمعرفة آفاق المسرح، لأننا إذا لم نجب عن سؤال لماذا المسرح وما هي حاجتنا إليه اليوم ؟ فإننا لن نخرج من المتاهة.