استشهد 52 فلسطينيا من بينهم ثمانية أطفال وأصيب المئات بجروح متفاوتة في مواجهات دامية اندلعت بين قوات الاحتلال الإسرائيلي ومتظاهرين فلسطينيين خرجوا في مسيرات سلمية في قطاع غزة احتجاجا على قرار الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها إلى القدس الشريف. وارتفع عدد الشهداء الفلسطينيين تباعا من واحد ثم تسعة ثم عشرين ثم ثلاثين وسبعة وثلاثين قبل أن يصل إلى 52 شهيدا في حصيلة تبقى مفتوحة، بما يؤكد نية القتل مع سبق الإصرار لدى قناصة جيش الاحتلال بدعوى الدفاع عن النفس. وتكون قوات الاحتلال بهذه الحصيلة الدموية قد اقترفت أكبر جريمة قتل في حق المدنيين الفلسطينيين عشية يوم النكبة وفي يوم أراد الإسرائيليون والأمريكيون جعله يوما احتفاليا احتفاء بقرار الرئيس دونالد ترامب الجائر الذي أصر على انتهاك أحد أقدس المقدسات الإسلامية وضرب للحقوق الفلسطينية. وأكدت الطريقة التي نفذ بها جنود جيش الاحتلال جريمتهم، أنهم استعدوا لاقترافها بدليل أنهم سارعوا منذ الساعات الأولى إلى إطلاق الرصاص الحي ضد المتظاهرين في نفس الوقت الذي فتحوا فيه نيران أسلحتهم على الصحافيين الذين كانوا ينقلون أحداث تلك المجزرة مما أدى إلى إصابة العشرات منهم بالرصاص الحي، ضمن خطة لمنع نقل مشاهد تلك الجريمة التي لا يمكن إدراجها إلا ضمن قائمة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية خطط لها بإحكام. وهو ما أكده افيغدور ليبرمان وزير دفاع الكيان المحتل الذي صرح قبل هذه المجزرة بساعات أن عناصر وحدات جيشه ستستعمل كل الوسائل للدفاع عن حدودها وشكل ذلك ضوءا أخضر لقناصة الاحتلال بإطلاق النار على الفلسطينيين. واندلعت المواجهات في نفس اليوم الذي قرر فيه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى المدينة المقدسة في أكبر تحدي لمشاعر الفلسطينيين الرافضين للأمر الواقع الذي أراد أن يفرضه عليهم بقوة الحديد والنار. وأعادت هذه الحصيلة الدموية إلى أذهان الفلسطينيين مشاعر الحزن التي صاحبت قرار القوى الكبرى سنة 1948 بإقامة دولة لليهود في قلب فلسطين، في أكبر رضوخ غربي للحركة الصهيونية آنذاك التي راحت تبتز الدول الغربية بدعوى مسؤوليتهم في المحرقة النازية ضدهم. وإذا كانت الحكومات الإسرائيلية معتادة على اقتراف مثل هذه الجرائم، بل وأبشع منها إلا أن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب يتحمل هذه المرة مسؤولية مباشرة في دماء الأبرياء التي سالت في يوم يضاف إلى قائمة أيام الشؤم الإسرائيلية المقترفة في حق الشعب الفلسطيني. وهو يوم جاء ليؤكد اأنه مهما كان الحيف الإسرائيلي والأمريكي فإن أصحاب الحق الفلسطيني حتى وإن خفتت أصواتهم، فإن ذلك لا يعني أبدا أنها كممت وأن كفاحهم سيتواصل أبا عن جد إلى غاية قهر أحد أبشع الأنظمة الاستيطانية في العالم. وجاءت هذه الجريمة لتؤكد للذين مازالوا يعتقدون في حسن النوايا الأمريكية بأنهم مخطئون في حساباتهم وأن المجزرة إنما اقترفت بسبب الهوان العربي وانسياق الكثير من الدول العربية وراء الوهم الأمريكي بتحقيق السلم في منطقة الشرق الأوسط. وهو ما عكسته التهاني التي بعث بها الرئيس، دونالد ترامب إلى الإسرائيليين بتحقيق حلمهم في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف في يوم وصفه «بأكبر يوم بالنسبة لإسرائيل»، غير مكترث بأرواح الفلسطينيين الذين كانوا يسقطون الواحد تلو الآخر على أيدي جنود الاحتلال الإسرائيلي في أكبر إهانة للعرب والمسلمين. وبلغت حدة الاستهتار الأمريكي بمشاعر الفلسطينيين قمتها عندما راح كاتب الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو يقول من دون أي حرج أن بلاده مازالت مع تحقيق سلام دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين متجاهلا حتى التلميح إلى جريمة قوات الاحتلال في قطاع غزة. وفي رد فعل على هذه الجريمة، اتهمت السلطة الفلسطينية حكومة الاحتلال باقتراف «مجزرة بشعة» في قطاع غزة، حيث أدان صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين ما وصفه بالعداء المعلن ضد القانون الدولي والشعب الفلسطيني» متهما «الولاياتالمتحدة بالوقوف إلى جانب القوة المحتلة». وهو موقف باهت لم يرق إلى درجة التحدي الأمريكي وفي وقت اكتفت فيه الجامعة العربية بعقد اجتماع وصفته بالطارئ بعد هذه المجزرة للممثلين الدائمين ولكن بعد أن «وقعت الفأس الأمريكية في رأس الفلسطينيين».