تحدثت "المساء" إلى العديد من الجمعيات الناشطة في مجال محاربة السرطان في مختلف ولايات الوطن، للتعرف على مشاكل ومعاناة المريض مع الداء، خاصة أنه يعد من الأمراض الثقيلة وباهظة العلاج، حيث أكد المشرفون عليها، والذين يحتكون يوميا مع المريض، أن هناك سيدات ينتظرن منذ سنة إجراء "الماموغرافي" ببشار ولم يحن بعد موعدهن، ومريضات تضطر الجمعية إلى أخذهن من البيوت لمباشرة العلاج في المناطق النائية بتيبازة، في حين يعاني مرضى غرداية من انعدام المراكز وبعد المسافة. أكد أمين عام جمعية "إشراق" لمساعدة مرضى السرطان بغرداية، بابا إسماعيل محمد، أن انشغالات مريض السرطان في الولاية عديدة، بداية من عدم وجود مركز لمكافحة السرطان، إذ يوجد جناح واحد فقط بمستشفى بنورة، يمارس فيه طبيبان، وهو يعج بالمرضى الذين ينتقلون إلى ورقلة للاستفادة من العلاج الإشعاعي، ويقول "المركز الأقرب للمرضى موجود في ورقلة، وهو يبعد ب200 كلم، والإشكال المطروح بخصوص هذه المسافة هو؛ أين يقيم المريض؟ فهناك أشخاص فقراء لا يقدرون على دفع تكاليف التنقل، وهو الإشكال نفسه الذي يعانيه المرضى عند تنقلهم إلى العاصمة، التي وجدنا فيها المساعدة من قبل "جمعية الأمل" في الشق المتعلق بالمواعيد وتقديم يد المساعدة، لكن يبقى مشكل التنقل لمسافة 600 كلم وما ينجر عنها من مصاريف وتكاليف". طلب الأمين العام ل«جمعية الإشراق" من السلطات المحلية وذوي البر والإحسان، مساعدة المرضى من أجل تجاوز هذه الانشغالات، "فكل ما يخفّف من متاعب المريض مطلوب". 200 امراة تنتظر "الماموغرافي"منذ سنة من جهتها، أشارت رئيسة "جمعية الحياة" لمكافحة السرطان ببشار، فوزية زقالم، إلى المعاناة الكبيرة التي تعرفها المريضات في الولاية، انطلاقا من مواعيد "الماموغرافي"، إذ هناك سيدات ينتظرن الفحص منذ سنة، تقول السيدة زقالم "هناك 200 امراة تنتظر الماموغرافي، فنحن نعمل على مستوى الجمعية على الكشف المبكر عن سرطاني الرحم والثدي، لهذا ندعو المحسنين إلى مساعدة الجمعية على تأمين هذا الجهاز لحماية السيدات في المنطقة". أكدت السيدة زقالم أنه في ظل غياب الوسائل، اختارت أن يكون عمل الجمعية وقائيا وتحسيسيا بمناسبة "أكتوبر الوردي" لهذه السنة. مشيرة إلى التركيز على الوقاية. كما عمدت الحديث عن شقين مهمين في مجال الحماية من السرطان وهما؛ ممارسة الرياضة كوقاية واستهلاك أغذية سليمة متوازنة، والتركيز على تلك التي تقي من السرطان، على غرار الفواكه الجافة والمسكرات التي تعد مضادة. كما عرضت الأغذية المسببة له، على غرار النقانق والملح والسكر التي يستوجب التقليل منها، خاصة لمن بلغن الأربعين سنة. مريضات المناطق النائية.. معاناة اجتماعية، مادية وعضوية من جانبها، أوضحت المتطوعة في جمعية "الآمال" لمكافحة السرطان بحجرة النص في تيبازة، مريم يحياني، أهمية توسيع التوعية بالمناطق الريفية أكثر، لأن المرأة لا تملك ثقافة التشخيص المبكر أو الماموغرافيا، مؤكدة أن الناشطات في الجمعية يطرقن البيوت للتعريف بالمرض والوقاية منه وسبل العلاج، وتقول "مريضات المناطق الريفية يعشن معاناة نفسية، اجتماعية ومادية، لأن سرطان الثدي يحتاج إلى التكفل التام بهن، كونهن يعشن في مناطق بعيدة. ولأنهن من أسر فقيرة، فهن لا يملكن أحيانا حتى حق التنقل من مكان لآخر، حيث تعمد الجمعية إلى أخدهن من البيوت من أجل الكشف والفحص أو مواصلة العلاج، فنحن كجمعية نسعى إلى إحاطة المريضة ماديا، وهو ما تؤمنه لنا إعانات المحسنين. كما نعمد إلى مساعدتها من أجل التغلب على المرض، من خلال طاقم من الأطباء النفسانيين الذين يعملون معها في أجواء عائلية، خاصة أنه تم تسجيل 400 مصابة بسرطان الثدي على مستوى الجمعية"، وأضافت أن المرض ليس بالأمر الهين، فالمريضة مسؤولة عن العائلة وهي عمادها، وبسقوطها يسقط كل شيء، حيث قالت "نتمنى أن يخفف الرجال عنهن". أكدت السيدة فريدة ولد علي، من جمعية "الآمال"، أن الجمعية تتكفل بنقل المرضى لإجراء الأشعة التي يستفيدون منها بمستشفى "سيدي غيلاس"، في حين تدفع الجمعية تكاليف التحاليل و«الماموغرافي"، حيث يتم إرسال المريضات إلى ولاية ورقلة لمواصلة العلاج، وهو ما تجد فيه الجمعية صعوبة كبيرة، في ظل تنقل المريضات، رغم المساعدة الكبيرة التي تتلقاها من قبل جمعيات ناشطة على مستوى ولاية ورقلة. تأمين كل المرض ىضرورة أشارت السيدة أمال لوطاري، من "جمعية الشفاء" لمرضى السرطان، وموظفة بمركز مكافحة السرطان بسطيف، إلى أن المرضى بالمنطقة لا يعانون من نقص الإمكانيات، لتوفر ثلاث أجهزة علاج إشعاعي تعمل، واستقطب المستشفى حتى مرضى المناطق الأخرى من البلاد. مشيرة إلى أن هذا انتصار كبير على المرض، يقابله العلاج باهظ الثمن بباقي البلدان العربية. مؤكدة في السياق، على أن المريض يحتاج بدرجة كبيرة إلى الدعم المعنوي الذي يجب أن يقدمه له الأهل والمحيط. وأشارت إلى أن المحسنين يقومون بالواجب ماديا، وأكدت متاعب الأشخاص الذين ليس لديهم تأمين، خاصة أن بطاقة الشفاء يطول وقت تحضيرها مقابل الدواء باهظ الثمن، مما يستوجب مساعدة المرضى في هذا الباب. "دار الرحمة" ترفع الغبن عن مرضى الجنوب أكدت مديرة "دار الرحمة" ببئر خادم، السيدة صابري، أنها تستقبل مرضى السرطان القادمين من الجنوب الجزائري بأكثرية، ومن سائر ولايات الوطن، والمرفقين بملف طبي يؤكد خضوعهم للعلاج لمدة ستة أشهر، يستفيد فيها المريض من الإيواء والطعام والتنقل إلى المستشفى، حيث تبلغ قدرة استيعابها 120 سريرا، مقسمة بالتساوي بين الرجال والنساء، مع الإشارة إلى أن العدد يرتفع أحيانا. أكدت السيدتان صابري ورحمون على هامش مشاركتهما في "صالون الإعلام" حول السرطان، للتعريف بدور "دار الرحمة" والرفع من معاناة المرضى، إلى أن الدار التي تعد مؤسسة عمومية ذات طابع إداري، تتكفل بكل الفئات الاجتماعية على اختلاف حالاتها لمدة 6 أشهر، وهي المدة المسموح الإقامة بها، كما تسعى إلى الإدماج العائلي، حيث تتوسط للأشخاص مع عائلاتهم، كما تحتضن المرضى المصابين بالأمراض السرطانية، خاصة من الجنوب، وتقول السيدة رحمون "عندما يقصد المريض المؤسسة، من بين الأشياء التي نطلبها منه، إظهار الموعد الطبي الذي يثبت أنّه يتابع العلاج، لتقدم له المؤسسة خدمة الإيواء، الطعام وتوفير النقل. كما تحقق له التكفل الداخلي الذي يؤمنه الأطباء في الحالات الاستعجالية التي تتطلّب تنقل المريض إلى المستشفى". أشارت السيدة صابري إلى أن المريض أو المقيم في الدار، يستفيد من مزايا كثيرة، من بينها تعلّم الأشغال اليدوية أو الحياكة، حتى لا يبقى حبيس الغرفة والمرض. كما يستفيد من الرحلات الترفيهية والكثير من النشاطات التي تقام خلال المناسبات الدينية والوطنية، حيث يشارك المرضى أنفسهم في ورشات الطبخ، تحت إشراف مؤطر من الدار.