* email * facebook * twitter * linkedin يُجمع المختصون في الإعلام من أكاديميين وممارسين، على أن الإعلام الجزائري ما بعد الحراك المرتبط بما اصطُلح عليه "الجزائر الجديدة"، سيكون أمام تحديات كبيرة، تتطلب منه أن يكون أكثر تنظيما ومهنية، بما يكيّفه لفهم أولويات المرحلة ومواصلة المرافقة التنويرية للسيرورة السياسية والاجتماعية، التي بدأت خيوطها تتضح من خلال تكريس إعلام نظيف يضمن خدمة الكلمة والدفاع عن الحق، وفتح المنابر لمختلف الآراء، والتحلي بالمصداقية.ويطالب المختصون في هذا الاستطلاع الذي طرحنا فيه سؤالا واحدا يخص "وجهة نظر المستجوبين حول إعلام المرحلة القادمة" من المهنيين، بأن يغتنموا هذا الحراك لمعرفة النقائص والمخاطر التي تحدق بهذا القطاع الحساس الذي بات يشكل السلطة الأولى، ويساهم في صناعة الرأي العام. وتحدّث إلينا العديد من الإعلاميين في هذا الملف عن واجبين اثنين، أولهما يقع على المهنيين الذين تأخروا في الالتقاء والتفاهم على "كلمة سواء"، وكذا مسيّري وسائل الإعلام، الذين لا توجد لديهم خارطة طريق أو رؤية موحدة حول "السوق الإعلامية"، وثانيهما السلطة التي كما يراها محدثونا، تستفيد من هذا التشتت والفوضى التي يقع على عاتقها توفير المناخ المناسب والمريح ودفع القطاع إلى جعله قويا، ينتج دولة قوية، وليس العكس. الدكتور عامر مصباح: 4 ضوابط ضرورية للإعلام في الجمهورية القادمة يلخّص الدكتور عامر مصباح من كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر"3"، موجهات الإعلام في الجمهورية القادمة في أربع نقاط أساسية، تُعد ضوابط لاستكمال البناء الديمقراطي، وهي الحيادية والموضوعية في طرح الموضوعات، وعقلانية الخطاب، وتثمين المراحل الأولى للتحول الديمقراطي، وعدم الانسياق إلى اتجاهات "التخوين أو الشيطنة". ويفصل محدثنا قائلا: "إذا تحولنا إلى جمهورية جديدة تسوَّق على أنها ستكون "جمهورية ديمقراطية"، فإن الإعلام سيكون جزءا من هذا التحول، لكن في الوقت نفسه، هذا الدور سيكون محفوفا بمجموعة من المخاطر، الأول هو التعامل مع المعلومات المضلِّلة؛ لأن الكثير من الأشياء بدأت تطبع الإعلام المحلي وحتى الدولي، هو ترويج معلومات مغلوطة؛ خدمة لأهداف معيّنة. والخطر الثاني هو تسييس الإعلام، فإلى حد الآن الإعلام عندنا منقسم بين إعلام تابع لرجال الأعمال، وإعلام تابع للدولة (النظام أو السلطة)، وكل طرف يخدم أجندة معيَّنة. وإذا سلّمنا يضيف مصدرنا بأن الحراك الشعبي حرر الإعلاميين فهو في نفس الوقت، دفعهم نحو سلوك "الإعلام المنفعل" أو"الانفعالي"، حيث رأينا أنه لا يدير حوارا هادئا بنّاء يخدم التحول الديمقراطي حقيقة، ويمكن أن يساعد على تنضيج أفكار وطرح أخرى جديدة، وتهيئة الأجواء لإبداء الآراء، هذا المشكل مطروح، وسيستمر لأن مشكلة الإعلام تكمن في البحث عن الإثارة، والإثارة موجودة في الانسياق وراء الحراك الشعبي المنفعل، الذي لا يتوفر على عقلانية، فهو تعبير عن غضب. ويرى الدكتور مصباح بشأن ما يجب أن يكون عليه الإعلام في المرحلة القادمة بالاستفادة من المراحل السابقة، أننا مرتبطون بالتجارب السابقة في دول الربيع العربي، قائلا إن الإعلام فيها انساق وراء الشارع، ثم انساق وراء اتجاهات معيّنة، أدت بعد ذلك إلى أزمة أمن مجتمعي، أو كما يُصطلح عليه "احتراب أهلي"، حيث خلق نوعا من الفوضى، جعلت الشعب يطالب حتى بإلغاء الديمقراطية، والنموذج المصري خير مثال على ذلك، ولذلك فالخسارة كانت للجميع، ونحن لا نريد أن تتكرر التجربة عندنا. ويضيف محدثنا: "إذا نجح "غدا" رئيس ما فالإعلام يجب أن يكون متوازنا، لأنه مهما يكن هذا الرئيس القادم ومهما تكن هذه التجربة فتية، وفيها من العيوب، تبقى مكسبا للتحول الديمقراطي، ويجب أن نبني عليه، ويجب ألا نطالب دائما بالكامل والمثالي". ويضيف الدكتور مصباح أن ما نراه في الإعلام خلال الحراك، المواضيع التي تُطرح لا تتسم بالموضوعية، وربما هذا هو المشكل الذي يعاني منه الإعلام الجزائري الفتي، لأنه متأثر بالإعلام الخارجي، الذي يخدم أجندة معيّنة، تؤثر على التوازنات السياسية والأمنية داخل الدولة. الدكتور أحمد حمدي: التحلي بالمصداقية والمسؤولية لمواجهة "إعلام الهواة" ينبه الدكتور أحمد حمدي إلى أن الإعلام الجزائري صار يواجه تحديات "الإعلام المفتوح" أو الإعلام المزدوج، مما يحتّم عليه التحلي بالصدق والمصداقية والموضوعية والمسؤولية والحكمة والتعامل مع الخبر أو المعلومة وتحري صدقيتها. فكما يقال في القاعدة الإعلامية: "ليس كل ما يُعرف يقال"، والصحفي الحكيم هو الذي يستطيع أن ينشر المعلومات لكن ليس بطريقة تؤدي إلى الفتنة والتهويل.. ويتأسف محدثنا لكون صحافتنا أصبحت تميل إلى الإثارة وتتنافس على السبق الصحفي، معتقدا أن الإعلام الوطني سيكون له تحديات في المرحلة القادمة مع "الإعلام المفتوح"، فقد أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي توجه الرأي العام وتصنع المواقف، وبالتالي ما يمكن بثه في هذه الوسائل سينعكس مباشرة في السلوكات السياسية، وهو ما لاحظناه في الحراك الشعبي، فالاتصال يتم عبر الفيسبوك، وهو ما وقع في مصر، وقد أعطى صورة جديدة للإعلام، ويمكن أن نقول إنه "تم افتكاك حرية التعبير والإعلام"، حيث أصبح من السهل الاتصال وتخزين المعلومات وبثها حتى ظهر ما يُعرف الآن ب "الصحفي المواطن" أو" المراسل المواطن"، ويمكن لهذه الوسائل التكنولوجية الجديدة أن تسمح بمناقشات بين أعضاء الشبكات. ويرى الدكتور حمدي أنه يجب ألا ننكر أن حرية التعبير عندنا حققت مكاسب وتطورات كبيرة، لكن ذلك تأثر بالتحول التكنولوجي وما يسمى ب "إعلام الهواة" أو إعلام مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يُعتبر خطرا على حرية الإعلام، لأنه مفتوح على الانفلات وكل الانزلاقات، فكل شيء لا يخلو من القدح والشتم والتشهير رغم أن ذلك مراقَب، فالهواة لا يحسون بالمسؤولية الإعلامية، عكس الإعلام المحترف الملزم بالقواعد وقوانين وأخلاقيات المهنة. عبد الوهاب جاكون: تنظيم القطاع والتحلي بالمصداقية صمام أمان المهنة يرى مدير يومية "لانوفال ريبوبليك" عبد الوهاب جاكون، أن في المرحلة القادمة يجب أن نعود إلى الضوابط السابقة للتأكد من المعلومات ومصادرها، لأن علينا مسؤولية تجاه البلد؛ لا نبث أي شيء، لا نزيد الطين بلة، بل ننوّر الناس وننبه الشعب والسلطة معا، لأن الوضع استثنائي. ويرى محدثنا أن الصحافة الجزائرية غير منظمة، فلا يوجد مجلس لأخلاقيات المهنة؛ نعيب على الناس وننسى أنفسنا. إذا لم ننظم أنفسنا في المستقبل فإن هذه المهنة ستزول ويركب موجتها الدخلاء، وقد دخلها فعلا رجال أعمال ونواب ورجال سياسة. وفي رأي محدثنا، يجب أن نفكر في التنظيم، لأن في ذلك تفاوضا مع السلطة. ويجب أن نفكر في خلق الظروف لتكوين الصحافيين، حتى لا تكون هناك انحرافات، مثلما نلاحظه، والسبب هو غياب هيئة ضبط، وترك الفراغ، و«الطبيعة لا تقبل الفراغ". ويضيف السيد جاكون أن الانتهازية ضربت أطنابها في هذه المرحلة، ومن المؤسف أنها باسم الديمقراطية، وبدعوى معارضة الجو السائد أصبح الصحافي معلقا رغم أن الأصل هو نقل الخبر أو الحدث كما هو، ولكن في الظروف الاستثنائية، ولما يتعلق الأمر بمصير البلد تكون فيه مسؤولية كبيرة كي لا نزيد الطين بلة، فلا نتحيز لجهة معيّنة. ويتأسف محدثنا لكون بعض القنوات والجرائد باللغتين أصبحت أداة للدعاية المغرّضة أو ما يُصطلح عليه "البروباغاندا"؛ فهذه الوسائل أصبحت تكمل ما يقوم به أعضاء شبكات التواصل الاجتماعي، والمحلل يجب أن تكون بينه وبين الحدث مساحة، فإلى حد الآن لم أر دراسة حول الحراك الحالي، ما هي طبيعته، من وراءه، ما هو برنامجه ومشروعه وتركيبته السياسية والإيديولوجية. الصحفي له مسؤولية كبيرة، خاصة فيما يخص إعطاء الكلمة للمتلقي. وفي هذا يرى السيد جاكون أن الكلمة في أي وسيلة إعلام يجب ألا يعطيها الصحفي لأيٍّ كان، فالصحافي بعمله يجب أن يسهم في توضيح الرؤية وإيجاد الحل، لأن الوضع استثنائي، وليس باسم حرية الإعلام أن يقوم الصحفي بالإثارة والتجارة من أجل استقطاب القراء أو المشاهدين على حساب وضعية البلاد. ومن المؤسف أن نرى بعض وسائل الإعلام تأخذ شعارات الشارع على عاتقها، ومنه نقوم بتحضير الرأي العام لمسيرات الجمعة. وقد أصبح الصحفي في ظل هذه الوضعية "مناضلا" وتخلى عن مسؤوليته الإعلامية، والعمل الصحفي له ضوابط، ويجب التحري بشأن صحة المعلومات، واحترام أعراض الناس وحياتهم الشخصية. الدكتور الحاج يتطاوني: المطلوب حسن تموقع الصحفي وفهم أولويات المرحلة ذكر لنا الدكتور الحاج تيطاوني أستاذ الإعلام بجامعة خميس مليانة ومدير مخبر البحث والإعلام والرأي العام وصناعة القيم والعميد الأسبق لكلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة نفسها، أنه كإعلامي، مهتم بالشأن الوطني ومتابع ومؤازر لهذا الحراك بكل مآلاته؛ "علينا أن نستحضر الآن وبلادنا تعيش هذا التحول السياسي والاجتماعي اللافت منذ 22 فيفري الماضي، من خلال هذا الحراك الشعبي غير المسبوق فكرة وتجسيدا، لم يعد رجل الإعلام أو المؤسسة الإعلامية وحدهما مَن يصنع المشهد الإعلامي، كما أن التطور التكنولوجي لوسائل الإعلام والاتصال قد أفرز وسائط أخرى غير ما يُعرف بالإعلام الجماهيري المتمثل في الصحافة الورقية والإذاعة والتلفزيون... لقد أصبحت هناك بدائل أخرى بيد الأفراد والمؤسسات، إنه الإعلام البديل أو الإعلام الرقمي أو الإعلام الجديد، الذي لم يعد حكرا على السلطة المركزية لا الحكومة ولا لصاحب رأس المال من الخواص؛ إنها صحافة المواطن، التي مكنت الجميع من أن يكون لكل فرد مؤسسته الإعلامية التي هو رئيس تحريرها ومحرر خطها الافتتاحي، ومنها صفحات شبكات التواصل الاجتماعي وصفحات الأنترنت والمدونات الإلكترونية وغيرها. ويضيف محدثنا أن علينا أن نستحضر تلك النظرية الكبيرة في مجال الممارسة الإعلامية المتمثلة في "نظرية المشاركة الديمقراطية في الإعلام"، التي تنص على أن من حق كل مواطن المشاركة برأيه فيما يحدث داخل مجتمعه، ليس كمتلق فقط للمعلومة، بل كصانع لها. ويؤكد الدكتور الحاج تيطاوني أستاذ الإعلام بجامعة خميس مليانة ومدير مخبر البحث الإعلام والرأي العام وصناعة القيم والعميد الأسبق لكلية الحقوق والعلوم السياسية بالجامعة نفسها، أن ما ننتظره من إعلامنا لأجل "جزائر جديدة" ولا أقول "ثانية" تعادل النموذج الفرنسي، أن يكون، أولا، إعلاما واعيا بالوسائل التي بات يمتلكها هذا القارئ أو المتلقي، عموما المواطن، للتعبير عن آرائه وتطلعاته بعيدا عن كل وصاية مؤسساتية تقليدية. وثانيا أن يحسن الصحفي التموقع المهني في أداء مهامه الإعلامية كمحترف يحتكم إلى الصدق والدقة والموضوعية والوعي لا إلى الولاء للأشخاص وهاجس الربح الظرفي. وأضاف الدكتور يتطاوني أن ثالث نقطة أنه يجب على القطاع العمومي والقطاع الخاص أخذ بعين الاعتبار، حق المواطن في الإعلام كجزء من المواطنة، التي تقتضي تقديم خدمة نوعية مشوقة وجادة، يقوم المواطن بدفع أموال مقابل الحصول على هذه الخدمة وبتلك المواصفات المطلوبة، أي حق المواطن في مادة إعلامية مبتكرة وفق تطلعاته، ورابعا أن تطلّع إعلامنا إلى جزائر جديدة، يقتضي تفعيل قانون إعلام يفهم أولويات هذه المرحلة بكل تفاصيلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إلى جانب أهمية تفعيل تلك الهيئات الضابطة لمساراته، ومنها سلطتا ضبط الصحافة المكتوبة وسلطة ضبط السمعي البصري، اللتين تعيشان إلى اليوم حالة من الركود والتخلف المهني بغير مبرر مهني. الصحافي عثمان لحياني: على الإعلام فتح المنابر، وعلى السلطة توفير المناخ يرى الإعلامي عثمان لحياني أن مرحلة بناء "الجمهورية الثانية" أو البناء الديمقراطي تتطلب حالة بحالة ومقابلا بمقابل، ويستدعي الأمر أن يتكيف الإعلام ويتطور مع الوضع والمرحلة الديمقراطية، ويساهم في فتح منابر النقاش الحر لكل الآراء، والتركيز على القضايا ذات الأولية، لكن، حسب محدثنا، الأمر يتطلب من السلطة أن توفر أيضا البيئة والمناخ السليم لقيام إعلام حر ومسؤول، مقرنا بذلك الحرية بالمسؤولية. واعتقد أن الإعلام الجزائري بوضعه الحالي يعيش مأزقا مرتبطا بتراكمات عقود من الهيمنة السياسية، ولذلك اعتبر أن من الضروري إجراء مراجعة سريعة بالنسبة للعمل الصحفي في هذه المرحلة بالغة الحساسية، والتي تصبح فيها المعلومة والخبر أشبه بالقنبلة. رأينا في وقت قريب كيف أن خبرا عن انتشار كاذب للجيش صنع حالة من الهلع في صفوف الجزائريين، وهنا يقع الأمر على الهيئات التحريرية لضبط مدوّنة أخلاقيات ومهنية ومحددات عمل. ونتفق جميعا أيضا، على أن الإعلام الجزائري إضافة إلى المأزق المالي المرتبط أحيانا بسوق الإشهار، يعاني من حالة غموض لافت في البيئة التشريعية والقانونية، تحتاج الى تعديلات من حيث تحرير المؤسسة الإعلامية من الضغوط والإكراهات السياسية، وتحرير سوق الإشهار بما لا يجعل من الإشهار أداة ضغط بيد المؤسسة السياسية؛ حيث إن قانون الإشهار معطل منذ سنوات، ثم توفير حق الحصول والوصول إلى المعلومة. سنلاحظ أن القنوات التلفزيونية الجزائرية مازالت حتى الآن في وضع غير قانوني؛ لا هي مرخصة كقنوات جزائرية ولا هي مرخصة كقنوات جزائرية. الأستاذ عباس بومامي: ننتظر إعلاما نظيفا يخدم الكلمة ويدافع عن الحق يتصور أستاذ الإعلام عباس بومامي بجامعة البويرة، واقع الصحافة في جزائر ما بعد الحراك، بأن يكون إعلاما نظيفا يخدم الكلمة ويدافع عن الحق ويزيل تلك النقائص التي شابته خلال الحراك، التي يرى أنها مرتبطة بتغييب الأحداث، والتعامل معها على أنها لا حدث، وأخرى تميل ميلا كبيرا إلى جهات وإملاءات تخدم الخط الافتتاحي للمؤسسة أو الجهة الممولة أو المالكة، إلى جانب التحريف الجزئي أو الكلي للمعلومات، والمبالغة في تغطية جهة ما على حساب الجهات الأخرى، فضلا عن استغلال الإعلام الخاص الكثير من الأحداث الوطنية لابتزاز الدولة ولأجل الحصول على امتيازات معيّنة، وكذا ارتباط الإعلام الخاص بمؤسسين يحملون روح الانتقام، باعتبار أن أغلب مؤسسي الصحف والقنوات الخاصة جاءوا من القطاع العام. وقد ظهرت الروح الانتقامية عند هؤلاء، ولازالت تظهر، وهو الأمر الذي أوصلنا ليس إلى الإعلام الهادئ والمتوازن والمسؤول، بل إلى الإعلام الانتقامي. الأستاذ لزهر ماروك: اِرفعوا الضغوطات التنظيمية والاجتماعية عن المهنيّين يقر الأستاذ لزهر ماروك من كلية علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر "3"، أن في المرحلة القادمة من خلال تطورات الحراك، لاحظنا أن كل الصحف والقنوات والمواقع الإعلامية واكبت الحراك وثمّنته، ورافعت ونقلت رسائله، معظمها قامت بحوارات وندوات، والمعالجة الإعلامية كانت إيجابية، مما جعل المواطن الجزائري لا يتطلع إلى متابعة الأحداث ذلك من القنوات الخارجية، لكن تبقى صحافتنا تئن تحت وطأة ضغوطات تنظيمية واجتماعية، مما يقلل من قدرة الصحافة على العطاء بشكل كبير، إذ إن الصحافي لا يتوفر على خدمات وامتيازات تساعده على العمل؛ كالتخفيض في النقل والإيواء، في تحركات الصحافيين لا توجد امتيازات لتسهيل أمور الصرف مثلا، وكلها عوامل تؤثر على أداء الصحافي. ويرى مصدرنا أن الإعلام الذي يعد السلطة الأولى التي تراقب عمل الحكومة، إذا كان قويا فإنه يخلق دولة قوية، والعكس صحيح، وأن المطلوب من رجال السلطة في الحكومة القادمة التكفل الحقيقي بالصحافي، ومن بينها إدراج الصحافة من ضمن المهن الشاقة بالنظر إلى المتاعب والضغوطات النفسية التي يتعرض لها الصحفي، والأمراض التي تصيب أهل المهنة، إلى جانب تحسين الأجور وتوفير السكن المريح وضمان التكوين. من جهة أخرى، يقر الأستاذ ماروك أن الإعلام الجزائري حقق في السنوات الاخيرة، قفزة مميزة من حيث المهنية والاحتراف رغم الظروف السياسية والمهنية والاجتماعية التي تحيط بكثير من الصحفيين، فلا ننكر أن الممارسة الإعلامية في بلادنا باتت مضرب المثل، ونموذجا عربيا في حرية التعبير من حيث انتقاد الدولة والرئيس والوزراء، وصارت العديد من الجرائد تخصص من 4 إلى 5 صفحات يوميا للتحدث عن الشأن السياسي بنظرة نقدية وموضوعية، لكن ما يؤاخذ على الإعلام أن العديد من العناوين بالغت في الاهتمام بالشأن السياسي على حساب جوانب أخرى، فأصبحت "صحفا مسيّسة" تروّج لأفكار وطروحات جهات سياسية معيّنة بدون الحديث عما يهمها في حياتها اليومية والشأن الخاص. لخضر بن خلاف: المطلوب إعلام لا يباع ولا يُشترى أكد البرلماني لخضر بن خلاف أنه يثمّن الحراك ويتوق إلى جمهورية جديدة، يفضل أن يسميها "جزائر نوفمبرية"، مثلما تمثلها الشهداء والمجاهدون. ويرى محدثنا، وهو القيادي في جبهة العدالة والتنمية، أنه لا يوجد عندنا حرية صحافة، وأن النظام البائد حاول تمييع حرية الإعلام، وجعل كل من هب ودب يدخل سوق الاستثمار في الصحافة، حيث وصل عدد الجرائد إلى 286 عنوانا، وإنشاء ما يزيد عن 25 قناة، جلها لا تملك الاعتماد، وتتعامل معها السلطة على أساس أنها قنوات أجنبية. وعلى هذا الأساس، هي فرصة للالتفات إلى قطاع الإعلام، والاهتمام به كي يواكب المستجدات والتحولات السياسية بهذه الدولة التي حلم بها الشهداء، هذه الدولة التي سلاحها الأول "الحراك"، الذي يجب أن يتواصل، وأن تكون هناك حرية صحافة حقيقية، وألا يباع الإعلام ويشترى بالإشهار الذي صار يوزع عن طريق "الولاء".