* email * facebook * twitter * linkedin مدينة شطايبي في ولاية عنابة، جنة فوق الأرض، جمعت كل عناصر الجمال الطبيعي الأخّاذ، واحتوت كل عناصر الراحة، وحباها الله بأحسن المناظر الساحرة، لكن هذه المواصفات غير مستغلة، ولم تنل هذه المنطقة، الطيبون أهلها، حقّها من المشاريع المهيكلة التي تخدم التنمية المحلية، وتعزّز قطاع السياحة، فالمنطقة التي تقع وسط نسيج غابي كثيف، ومروج خضراء تغطي المحيطات الفلاحية، وبها شريط ساحلي بالغ الجمال، تنتظر أن تتحول إلى منطقة جذب بامتياز، إذا "أصر" مسؤولوها المحليون على ترقيتها والاستجابة إلى انشغالات سكانها. لم تكن زيارة "المساء" لمدينة شطايبي مبرمجة في أجندة عملنا الصحفي اليومي، فالوصول إليها ليس سهلا، ومسلكه عبر غابات كثيفة، تبعث على التوجس، وتوحي بالعزلة، فعلى طول الطريق قليلا ما نلمح سيارة قادمة أو متجهة إلى شطايبي أو حافلة لنقل المسافرين، لدرجة أن مرافقنا همس لي قائلا "أنا خائف من المكان"، لكن الفضول وحب المهنة أرغمنا على مواصلة السير، وسط تحد كبير للتضاريس الوعرة التي كان يشغلها البقر، وفي الجهة العليا للمكان، تركزت المفرزات العسكرية التي تحرس المكان وتؤمن حياة المصطافين والزائرين. غير بعيد عن الطريق الذي قطعناه ومرافقنا، أبانت لنا المنحدرات جمالية المكان المطل على البحر، لو تم استغلاله بطريقة عقلانية لتحولت بلدية شطايبي إلى جنة فوق الأرض، فرغم صغر مساحتها إلا أنها عروس للشرق الجزائري بامتياز، لتوفرها على عدة جزر، منها جزيرة قلقميس ومزار سيدي عكاشة، ناهيك عن الخليج الغربي الذي تطل فيه الشمس وتغرب من نفس المكان، وهو ينافس عالميا خليج ريو دي جانيرو إلى جانب نقاء الهواء ووقوعها مع حدود المرسى بولاية سكيكدة، ورغم هذا التنوع الإيكولوجي والفسيفساء الجميلة التي ترسمها الشواطئ، إلا أن المنطقة تقوقعت على نفسها ورفضت أن تحمل اسم بلدية لها سمعة سياحية وفلاحية تنافس البلديات المجاورة لها تنمويا. قانون 15/08 يعزل شطايبي تنمويا لبلدية شطايبي "مير" يقضي كل وقته في المكتب، يستمع لانشغالات المواطنين ويسجلها في دفتره اليومي، لدرجة أنه لا يعطي لنفسه حقا للراحة، بل أصبح المواطن همه الكبير، هذا ما لاحظناه عند دخولنا إلى مقر البلدية، كنا نظن أنه يوم استقبال، لكن من خلال المواطنين فهمنا أن مكتب "المير" مفتوح طوال أيام الأسبوع. حدثنا رئيس بلدية شطايبي نور الدين دريسي، عن تصنيف وزارة السياحة لمنطقة شطايبي بقراها ومداشرها وأراضيها ضمن مناطق التوسع السياحي، التي يمنع حسب القانون 15/08 استغلالها في البناء والعمران، فهذا القرار الوزاري الذي اعتبره سكان البلدية "جائرا" في حقهم، حرم البلدية من أن ترى النور لسنوات، ورغم تعاقب رؤساء بلديات كثر عليها، إلا أن ذلك لم يشفع لها أن تتخلص من العزلة التنموية، وهو السبب الرئيسي في بقائها بنقطة الصفر تنمويا، خاصة في قطاع السكن، وقد راسل رئيس البلدية، حسب تصريحه، الجهات المعنية ووالي عنابة لإعادة النظر في هذه القضية وإعادة تصنيف المناطق العمرانية لوحدها خارج النسيج السياحي، من أجل تعزيز التنمية الجوارية. شطايبي السياحية تواجه غياب الغاز من المتناقضات الكبرى، أن يعول المسؤولون بالولاية على بلدية شطايبي لتكون القاطرة الأولى للسياحة في منطقة عنابة، وهي لا تزال محرومة من شبكة الغاز الطبيعي، فسكان شطايبي مركز يتزودون بقارورات غاز البوتان، بسبب بطء أشغال الربط بهذه المادة الطاقوية الهامة، وحسب مسؤول البلدية، فإن التضاريس الوعرة وطبيعة المنطقة الصخرية ساهمت بنسبة كبيرة في تعطل برنامج الربط بالغاز، في الوقت الذي تم ربط بعض التجمعات بهذه المادة، على غرار حي الزقع، الزاوية والعزلة، وقد رصد غلاف مالي معتبر قدره 28 مليار سنتيم لتزويد العائلات بالغاز، والتخلص من متاعب البحث عن قارورات البوتان التي تؤرق الكثير، سواء خلال فصل الشتاء البارد والصيف الساخن، وحسب محدثنا يتم توزيع أكثر من 200 قارورة في اليوم لتغطية احتياجات السكان. السكن اللغز المحير.. تحول ملف السكن ببلدية شطايبي، التي يقطن بها 10 آلاف ساكن، إلى لغز حقيقي ومحير، وهو ما دفع المواطن لأن يحول مكتب "المير" إلى ملجأ له لمعرفة مستجدات السكن، بعد استفادة الجارة بلدية برحال من عشرات البرامج السكنية في مختلف الصيغ، إذ لسنوات، لم ير السكان برنامجا جديدا يخرجهم من الوضع المتردي داخل البناءات الفوضوية، إلى غاية تنصيب الوالي، توفيق مزهود، الذي خصص للعائلات 100 سكن اجتماعي بالمدينة الجديدة ذراع الريش. حسب رئيس البلدية، فإن هناك 50 مسكنا إيجاريا جاهزا، لكن لم يتم ربطه بالمرافق الضرورية، فيما تسير حصة سكنية أخرى بخطى السلحفاة، والغريب في الأمر، أنه رغم الطابع الريفي الذي يغلب على بلدية شطايبي، إلا أن حصة السكن الريفي لا توجد على الإطلاق، يحدث هذا في وقت لا يزال 30 سكنا في صيغة الاجتماعي متوقفة، بعد أن تركها المقاول ورحل دون متابعة، وهو ما أثار غضب طالبي السكن، وقد بلغ عدد الملفات، حسب مصالح البلدية، ألفي طلب، في الوقت الراهن، خاصة في صيغة السكن الريفي التي تفوق ألف طلب يليها السكن الترقوي ب 220 طلبا، وبلغة الأرقام، تحصي نفس الجهة ما يقارب 400 مسكن هش و190 بناء فوضويا. المياه هاجس يؤرق العائلات من جهة أخرى، يتمثّل أكبر هاجس يؤرق سكان شطايبي وضواحيها في الوقت الراهن، في نقص الموارد المائية، لاسيما في فصل الحر، حيث يقل منسوب المياه، وتبقى الصهاريج الحل الأمثل، في أحسن الأحوال. حسب رئيس البلدية، فإن 30 بالمائة من عملية التزود تكون من منبع عين الرومان بالمنطقة و70 بالمائة تأتي من سد قرباز بسكيكدة، وهي مياه مالحة غير صالحة للشرب، ولتغطية العجز المسجل، سيتم إطلاق دراسة مشروع التنقيب عن ينبوعين بشطايبي، سيدعم السكان ب 1600 متر مكعب يوميا، وفي انتظار الإفراج عن هذه المنشأة، يبقى سكان المدينة يواجهون العطش، لأن الماء يصلهم في أغلب الأحيان مرتين في الأسبوع. البطالة تعشش في مدينة السياحة والفلاحة يعترف رئيس بلدية سرايدي السيد دريسي، بأن البطالة أرهقت حاملي الشهادات الجامعية وخريجي المراكز المهنية، الذين وجدوا أنفسهم دون عمل في مدينة محرومة من المشاريع الكبرى، "فرغم إلحاحنا"، يقول المير "من أجل الحد من نسبة البطالة بالمنطقة، إلا أن الجهات الوصية التزمت الصمت". وهو ما يؤكد أن كل الأرقام المقدمة لا تعطي الصورة الحقيقية للوضع الذي يعاني منه الشباب، الذين وجدناهم في طريقنا يملأون المقاهي والشوارع، ونسبة قليلة منهم يتواجدون بميناء الصيد، ويتزاحمون من أجل الحصول على منصب عمل موسمي مع الصيادين بعد استفادة الميناء من مشروع التهيئة وعملية التوسعة، في حين أن مناصب الشغل في هذه البلدية لا تتعدى 107 في الشبكة الاجتماعية، و108 في عقود الإدماج المهني، وعليه فإن المحظوظ من الشباب من يظفر بمنصب عمل يحميه من شبح البطالة. مدينة نظيفة بامتياز بعد اتفاقية العمل بين البلدية ومؤسسة "عنابة نظيفة"، تحولت منطقة شطايبي إلى نموذج في النظافة باتت تنافس البلديات المجاورة لها، على غرار وادي العنب، برحال والتريعات، وهو مكسب للقطاع السياحي بالدرجة الأولى، فشواطئ المدينة كلها نظيفة، حسب تصريحات الزوار، ولاستمرار حملات النظافة، تم اقتناء شاحنات لرفع النفايات بمختلف أنواعها، مع الحرص على مواجهة الحشرات والبعوض. رهان جلب مليون سائح هذه الصائفة أعطى والي عنابة هذه السنة، إشارة افتتاح موسم الاصطياف من بلدية شطايبي، بعد استفادتها من عدة أغلفة مالية تخص عملية التهيئة والترميم وتعميم الإنارة العمومية، وقد رصدت المصالح الولائية 11 مليار سنتيم لتهيئة أحياء شطايبي، منها الزقع، العزلة والزاوية، كما تم تمويل مشروع إنجاز مطاعم صغيرة وأكشاك تناسب فصل الصيف ب 6 ملايير سنتيم، بالإضافة إلى إعادة تأهيل 14 مركزا عبر شواطئ البلدية. بالنسبة للحظائر وفي سبيل تسهيل حركية الزوار، تم إنجاز ثلاث حظائر جديدة، وتهيئة شبكة التطهير على مستوى الشواطئ، وأمام هذه البرامج الواسعة التي تدعمت بها المنطقة، يتوقع "المير" توافد مليون سائح مقارنة بالسنة التي سبقتها، حيث لم يتعد فيها عدد السياح ستة آلاف سائح. علما أن شطايبي لا تتوفر على فنادق سياحية، حيث يعمد سكان المنطقة إلى كراء سكناتهم للسياح الجزائريين والأجانب والاسترزاق منها، بعد تعطل إنجاز مشروع القرية السياحية بوادي الغنم، التي تسير على مستواها الأشغال ببطء، حيث أنجزت إلى حد الساعة 9 شاليهات من بين 225 شاليها لا تزال تنتظر الإفراج من طرف المقاولة الخاصة، وعليه، فإن كراء سكنات المواطنين يعتبر الحل الأنسب لجلب أكبر عدد من السياح، بعد تهيئة الكورنيش وربطه بالإنارة العمومية التي تزين الواجهة البحرية، مع تحضير المراحيض العمومية بكل شواطئ المدينة. فيما يخص قطاع التربية بشطايبي، لم يطرح تلاميذ المنطقة مشكل النقل المدرسي، وبُعد المسافة لمواصلة الدراسة، لاسيما بعد تجميع عدة أقسام وملاحق لتحويلها إلى ثانوية، وهو حلم انتظره التلاميذ منذ سنوات طويلة. وبالنسبة للصحة، يوفّر المستشفى الموجود بالمنطقة عدة تخصصات طبية تسهل علاج المريض، ناهيك عن قاعات علاج موزعة على مستوى التجمعات السكنية.