* email * facebook * twitter * linkedin أدرج المشرع الجزائري تعديلات على قانون العقوبات، تتكيف مع المستجدات الحاصلة في مجال الإجرام، حيث أقر إجراءات جزائية لجرائم لم يسبق وأن تعامل معها القضاة، ومنها تلك الخاصة بالمتورطين في تعريض حياة وسلامة الآخرين للخطر، من خلال عدم احترام النظام الخاص بالكوارث الطبيعية والتكنولوجية والبيولوجية، على غرار تدابير الحجر الصحي الذي فرضها التصدي لانتشار فيروس "كوفيد 19". في هذا الإطار، أقرت التعديلات المدرجة على قانون العقوبات، والتي قدم وزير العدل حافظ الأختام، أمس، عرضا بخصوصها بالمجلس الشعبي الوطني، عقوبات تصل السجن لمدة 5 سنوات وغرامة مالية تصل إلى 500 ألف دينار بالنسبة للمخالفات المرتبطة بتدابير الوقاية من انتشار الوباء. كما شدد المشرع من العقوبات الخاصة بمسربي مواضيع الامتحانات التربوية الوطنية وتلك الخاصة بالمسابقات المهنية، بما ينجر إلى إلغائها أحيانا، حيث تصل هذه العقوبات إلى السجن لمدة 15 سنة وغرامات مالية تصل إلى 150 مليون سنتيم، فيما أقر تدابير أخرى تخص جانب رد الاعتبار للقضاة والأئمة وحمايتهم من الاعتداءات، وذلك عبر سن عقوبات لمن يعتدون عليهم، تتضمن السجن لمدة تصل إلى 10 سنوات. في سياق متصل، أدرج المشرع أحكاما ردعية ضد ناشري الأخبار الكاذبة ومن يتحايلون للاستفادة من دعم الدولة دون وجه حق، عبر التزوير وبمساعدة موظفي الإدارة، حسبما تضمنه نسخة مشروع القانون المذكور التي تحوز عليها "المساء". وحتى وإن كانت الجرائم والجنح التي شدد بشأنها المشرع العقوبات، لا تدخل ضمن الجرائم الجديدة، ومنها مثلا الاعتداء على الأئمة والقضاة وكذا السطو على حق الفئات المعوزة والهشة في الدعم الذي تخصصه لهم الخزينة العمومية، وكذا تبادل الهدايا بين المسؤولين ونشر الأخبار الكاذبة، والتي أصبحت تتكرر بشكل ملفت للنظر، غير أن الأزمة الوبائية التي تمر بخا الجزائر والعالم في الفترة الراهنة، عمقت من الأثار السلبية التي تخلفها تلك الجرائم، سواء على انسجام المجتمع ومردود الخزينة العمومية أو على صورة بعض رجال القانون والأئمة والمسؤولين وسمعتهم، ما استدعى إعادة النظر في التشريع الحالي، من أجل سد الفراغات، بشكل يخفف من الأعباء التي تتحملها الدولة ويجعلها قادرة على تسيير الشأن العام، خاصة خلال الأزمات التي تفرض ضغطا ماديا ومعنويا ومسؤولية أكبر في التعامل معها. وحسبما ورد في عرض الأسباب الخاصة بالمشروع الجديد المعدل والمتمم لقانون العقوبات، فإن الغرض من تعديل مشروع قانون العقوبات هو "تكييف القانون مع التحولات التي تعرفها البلاد، من أجل التكفل الأحسن بالأشكال الجديدة للإجرام الناتجة عنها، حيث يهدف النص إلى تجريم بعض الأفعال التي عرفت انتشارا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، والتي باتت تهدد أمن واستقرار البلاد"، فضلا عن "سد الفراغ القانوني الموجود بالمنظومة القانونية في مجال تسيير الأزمات الناتجة عن بعض الظروف الاستثنائية والاستعجالية التي تقتضيها حماية الأمن والنظام العموميين والصحة العمومية". وتشمل أحكام القانون المتعلقة بتجريم بعض الأفعال التي تمس بأمن الدولة وبالوحدة الوطنية، "كل من يتلقى أموالا أو هبة أو مزية بأي وسيلة كانت من دولة أو مؤسسة أو أي هيئة عمومية أو خاصة أو من أي شخص طبيعي أو معنوي، داخل الوطن أو خارجه، قصد القيام بأفعال من شانها المساس بأمن الدولة أو باستقرار مؤسساتها وسيرها العادي، أو بالوحدة الوطنية أو السلامة الترابية أو بالمصالح الأساسية للجزائر أو بالأمن والنظام العامين، أو يحرض على ذلك". ووضع المشرع عقوبات للجرائم سالفة الذكر على أساس أنها جنح، حيث يحبس مرتكبوها لفترة تتراوح ما بين 5 و7 سنوات، مع غرامة مالية تتراوح ما بين 500 ألف دينار و700 ألف دينار، مع تشديد العقوبة إذا تمت هذه الأفعال، تنفيذا لخطة مدبرة داخل الوطن أو خارجه أو إذا أدت إلى ارتكاب جرائم أخرى، أو اذا تم تلقي الأموال في اطار جمعية أو جماعة أو منظمة أو تنظيم مهما كان شكله أو تسميته". تدابير جديدة لردع المتسببين في تفشي الكوارث البيولوجية وتناول المشروع لأول مرة انعكاسات الكوارث الطبيعية والبيولوجية والتكنولوجية على المواطنين، من خلال التنصيص على عقوبات تتعلق بتعريض حياة الغير أو سلامته الجسدية للخطر، مستنبطا من الواقع الذي فرضه فيروس "كوفيد 19"، بشكل سبب شللا للاقتصاد الوطني وفتك بأرواح العديد من المواطنين. وينص مشروع القانون في هذا الإطار، إلى عقوبات في حق من ينتهك كل واجبات الاحتياط أو السلامة التي يفرضها القانون أو التنظيم، مثلما هو الأمر، بالنسبة لمن يخرقون إجراءات الحجر الصحي والمداومة التجارية وتزويد المواطنين بالمواد الغذائية والصيدلانية خلال الأزمات، على غرار جائحة كورونا، حيث تتراوح العقوبات المطبقة على هذه الأفعال بين الحبس لفترة تتراوح ما بين 6 أشهر وسنتين وغرامة مالية تتراوح بين 60 ألف دينار و200 ألف دينار. كما ينص المشروع على أن تكون العقوبة الخاص بالحبس ما بين 3 سنوات و5 سنوات، وغرامة مالية بين 300 ألف دينار و500 ألف دينار، خلال فترات الحجر الصحي أو خلال وقوع كارثة طبيعية بيولوجية أو غيرها من الكوارث، حسبما تنص عليه المادة 290 من النص الجديد. وخصت العقوبات الجديدة أيضا، الأحكام المتعلقة بمخ ألفة الأنظمة الصادرة عن السلطات الإدارية من خلال تطبيق أحكام المادة 459 من قانون العقوبات، عن طريق رفع حدها الأدنى من 3000 دينار إلى 10 ألاف دينار وحدها الأقصى من 6000 دينار إلى 20 ألف دينار. 10 سنوت سجنا ضد من يعتدي على القضاة والأئمة وشدد المشروع من العقوبات المطبقة على جرائم التعدي على الأئمة والقضاة، والتي انتشرت في السنوات الأخيرة، حيث استشهد بحوادث تعرض بعض الأئمة إلى الضرب والجرح وحتى القتل، الأمر الذي يعد مساسا بالمهمة النبيلة للإمام الذي يعد في نظر القانون، موظفا لدى الدولة محمي بنص المادة 144وتوابعها. في هذا الإطار، تنص المادة 144 من المشروع على أنه "يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات وبغرامة مالية تتراوح بين 100 ألف دينار و500 ألف دينار أو إحداهما، كل من أهان قاضيا أو موظفا أو ضابطا عموميا أو قائدا أو أحد رجل القوة العمومية بالقول أو الإشارة أو التهديد أو بأرسال أو تسليم أي شيء أو بالكتابة أو الرسم غير العلنيين أثناء تأدية وظائفهم أو بمناسبة تأديتها وذلك بقصد المساس بشرفهم أو باعتبارهم أو بالاحترام الواجب لسلطتهم". وفصل المشرع في حالات الاعتداء على الأئمة والقضاة، حيث تكون العقوبة، الحبس من سنة إلى 3 سنوات والغرامة من 200 ألف دينار إلى 500 ألف دينار اذا كانت الإهانة موجهة إلى قاض أو عضو محلف أو وقعت في جلسة محاكمة أو مجلس قضائي..". وتطبق نفس العقوبة إذا كانت الإهانة موجهة إلى إمام ووقعت بالمسجد بمناسبة تأدية العبادات. أما المادة 148 فتتناول عقوبة الحبس من سنتن إلى 5 سنوات وغرامة من 200 ألف إلى 500 ألف دينار لكل من يعتدي بالعنف أو القوة على أحد القضاة أو أحد الموظفين أو رجال القوة العمومية أو الضباط العمومين أثناء عملهم ووظائفهم أو بمناسبة مباشرتها. وإذا ترتب عن العنف إراقة دماء أو جرح، ووقع مع سبق الإصرار والترصد ترتفع عقوبة السجن من 5 إلى 10 سنوات والغرامة المالية من 500 ألف دينار إلى مليون دينار. السجن للموظفين المتواطئين في تزوير وثائق منح الإعانات غير المستحقة كما شملت العقوبات الجديدة أيضا الجرائم المتصلة بالتزوير للحصول على الإعانات والمساعدات العمومية، والتي يلجأ إليها بعض الأشخاص من أجل الاستفادة بطريقة غير قانونية من حقوق موجهة للفقراء والفئات الهشة، حيث عادة ما تتم عمليات التزوير عبر التصريح الكاذب وتزوير الوثائق. وفي هذا الإطار يسلط المشرع عقوبات تتراوح بين سنة واحدة إلى 3 سنوات سجنا، وغرامة مالية من 100 ألف دينار إلى 300 ألف دينار، فضلا عن رد الإعانات التي استلمها المزور وجميع الإعفاءات المتحصل عليها بغير وجه حق. ولم يقتصر الجزاء على المستفيد من الإعانات غير المستحقة، بل شمل أيضا أعوان الإدارة والموظفين الذين يكونون طرفا في التزوير، تحت طائلة الحبس من سنة إلى خمس سنوات 5 وغرامة مالية من 100 ألف دينار إلى 500 ألف دينار، علما أن العقوبة تضاعف للمستفيد من الدعم عبر التزوير إذا قام بتكرار الجريمة. عقوبات صارمة ضد المساس بنزاهة الامتحانات والمسابقات ويدرج النص الجديد أيضا عقوبات ضد الأشخاص الذين يرتكبون أفعالا تمس بنزاهة الامتحانات والمسابقات، من خلال تسريب مواضيع الامتحانات الخاصة بمراحل التعليم المتوسط الثانوي والجامعي وكذا جميع المسابقات المهنية، حيث استند المشرع إلى الفضائح التي طبعت المرحلة الماضية وازدادت في التنامي باستعمال تكنولوجيات الاتصال، الأمر الذي أصبح يمس بمصداقية الشهادات المحصل عليها في المؤسسات التعليمية الوطنية. في هذا الإطار، تنص المادة 253 مكرر 6 على أنه "يعاقب بالسجن من سنة إلى 3 سنوات وبغرامة من 100 ألف دينار إلى 300 ألف دينار، كل من يقوم بتسريب مواضع الامتحانات الوطنية للطور المتوسط الثانوي والجامعي أو مسابقات التكوين المهني والمسابقات المهنية. ونفس العقوبات تطال من يحل محل المترشح. وتشدد المادة التي تليها في النص، العقوبات، برفعها إلى ما بين 5 سنوات و10 سنوات سجنا وغرامة من 500 ألف دينار إلى مليون دينار، إذا ارتكبت الجريمة من قبل الأشخاص المكلفين بالإشراف والتحضير للامتحانات والمسابقات. كما ترتفع العقوبة إلى غاية 15 سنة سجن وغرامة تصل إلى 150 مليون سنتيم، اذا ترتب عن تسريب الأسئلة أو الأجوبة إلغاء كلي أو جزئي للامتحانات والمسابقات. منع تلقي هدايا ومزايا تؤدي إلى المساس بالنظام والأمن العموميين وتناولت المادة 95 مكرر من مشروع القانون المعدل لقانون بالعقوبات، تجريم تلقي هدايا أو هبات أو مزايا من الدولة أو مؤسسات عمومية أو خاصة أو شخص معنوي أو طبيعي تؤدي إلى المساس بأمن الدولة أو استقرار المؤسسات والوحدة الوطنية والترابية أو المصالح والنظام والأمن العمومين، حيث تنص في هذا الصدد على معاقبة الفاعلين، بالسجن لمدة تتراوح بين 5 و7 سنوات وغرامة من 500 ألف دينار إلى 700 ألف دينار. وتضاعف هذه العقوبة في حالة ارتكب الفعل من قبل جمعية أو منظمة أو تنظيم مهما كان شكله. وتتطرق المادة 95 مكرر إلى كيفية التصرف في الأموال والهبات المعنية، حيث تصادر كل الأموال والهبات والعقارات التي تحصل عليها مرتكبو الجريمة، مع غلق الحساب البنكي أو البريدي الذي حولت عبره الأموال، أما المادة 196 من المشروع، فقد تناولت العقوبات المتعلقة بنشر الأخبار الكاذبة التي تشكل مساسا بالأمن والنظام العموميين، والتي تتراوح بين سنة و3 سنوات سجنا وغرامات مالية من 100 ألف دينار إلى 300 ألف دينار. وتضاغف العقوبة في حالة العود.