أحيت المكتبة الوطنية الجزائرية أول أمس أربعينية المؤرخ الجزائري الراحل، يحيي بوعزيز، وذلك بحضور رفقائه وأصدقائه الذين عايشوه عن قرب وقاسموه محن الحياة والتعليم والكتابة وقد حضر هذا اللقاء التأبيني وزير الدولة أبو جرة سلطاني الذي أكد أن التاريخ في الجزائر مظلوم، بحيث تبقى هناك الكثير من النقاط المظلمة التي تحتاج إلى تسليط الضوء عليها· وحمّل وزير الدولة مسؤولية ذلك للمؤرخين الجزائريين، مؤكدا أن هؤلاء لا يريدون التوثيق للتاريخ وإنما يعملون على تحليله فقط، موضحا في سياق متصل أن ما يحتاجه التاريخ الجزائري كمرحلة أولى هو توثيق الأحداث لتشكل مادة خام أمام الدارسين والأجيال المتعاقبة وهو ما لم نستطع تحقيقه يقول أبو جرة رغم تشكيل العديد من اللجان· ومن جهته، كشف مدير المكتبة الوطنية أمين الزاوي عن الوصية التي تركها الراحل قبل وفاته بوهب مكتبته الشخصية للمكتبة الوطنية حتى يستفيد منها القراء والباحثون، وهي المبادرة التي وصفها الزاوي بالنبيلة من رجل لا يقل نبلا وكرما بعد أن منح المكتبة التاريخية الجزائرية أكثر من 40 مؤلفا تشكل مرجعا أساسيا للدارسين في قسم التاريخ· وفي سياق آخر، أشار الزاوي أن يحيي بوعزيز يصنّف ضمن المدرسة التقليدية في كتابة التاريخ والتي ينتمي إليها أيضا صاحب تاريخ الجزائر الثقافي أبو القاسم سعد الله، موضحا أن المؤرخ كان من بين الذين يهتمون كثيرا في نصوصهم بالحفاظ على اللغة والعناية بالأسلوب فتميّزت كتاباته بالطابع الأدبي أكثر من التاريخي· أما الدكتور موسى إقبال الذي يعد من الرفاق المقربين للراحل وأصدقائه في الدارسة بجامع الزيتونة ثم بجامعة القاهر فقد أشاد من جهته بأخلاق الرجل، مؤكدا أن يحيى بوعزيز كان إنسانا هادئا قليل الكلام لا يحب المخالطة حتى في شبابه، خصب الإنتاج، كما كان مدرسا صارما محبا لمهنته· واستغل الدكتور المناسبة لرفع نداء الاستغاثة لمساعدة أحد الرفاق الذين قدموا الكثير لسلك التعليم والتأليف في الجزائر وهو الدكتور بلحميسي الذي أقعده المرض ويعاني فاقة مادية من اجل العلاج، مطالبا بضرورة مساعدته قبل فوات الأوان· ومن جهته، توقف زروال عند ذكرياته مع الراحل، مشيرا إلى أن بو عزيز تعرّض حتى للتهديد بالضرب بسبب محاولة نشر كتاب حول الرسالة التي وجهها الأمير عبد القادر ضد ابنه· لتتعاقب التدخلات التي روى من خلالها الدكتور محمد موفق الأستاذ بقسم التاريخ بجامعة وهران وأحمد شيريفي الأستاذ بقسم التاريخ بجامعة الجزائر مختلف المواقف والذكريات التي جمعتهما مع المؤرخ الراحل· ليدعو أحمد شيريفي في الأخير مدير المكتبة الوطنية إلى التنسيق المشترك من أجل تكريم عدد من الأساتذة· يذكر أن الدكتور يحيى بوعزيز الذي فارقنا مؤخرا هو من مواليد 1929 ببرج بوعريريج، درس بجامع الزيتونة ثم بجامعة القاهرة، حيث نال شهادة ليسانس في 1962، وبعد الاستقلال درس بجامعة وهران· يضم رصيده الكتابي أزيد من أربعين مؤلفا في التاريخ، بالإضافة إلى ما يفوق ألف مقالة صحفية نشرت معظمها في جريدتي الشعب والمجاهد، والعديد من المحاضرات التي ألقاها في مناسبات وطنية ودولية، منها تلك التي ألقاها في مؤتمرات الفكر الإسلامي، إلى جانب العلاّمة مولود قاسم نايت بلقاسم·