عرف النزاع المسلح في اليمن، أمس، تحوّلا مفاجئا بعد العرض الذي تقدمت به العربية السعودية لوقف فوري وشامل للاقتتال ودخول الفرقاء في مفاوضات مباشرة برعاية أممية، ضمن أول خطوة لإنهاء هذه الحرب المتواصلة أطوارها الكارثية منذ ست سنوات. ولم تلبث حركة أنصار الله الحوثية في أول رد فعل إلى رفض المقترح السعودي واعتبرته مجرد مناورة سياسية. واقترحت الحكومة السعودية في بيان لها، أمس، ضمن هذه الخطوة أيضا بإعادة فتح مطار العاصمة اليمنية صنعاء الواقعة تحت سيطرة المتمردين ضمن إجراء للتهدئة تمهيدا للدخول في مفاوضات سياسية مباشرة بين الحكومة اليمنية وحركة أنصار الله التي يقودها عبد المالك الحوثي. وقال رئيس الدبلوماسية السعودي خلال ندوة صحفية عقدها، أمس، بالعاصمة الرياض أن بلاده "تدعو الحكومة اليمنية والحوثيين لقبول المبادرة التي تمنح كما قال الحوثيين فرصة تحكيم العقل ووقف نزيف الدم اليمني ومعالجة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية التي يعاني منها الشعب اليمني وأن يكونوا شركاء في تحقيق السلام وأن يعلنوا قبولهم بالمبادرة ليتم تنفيذها تحت إشراف ومراقبة الأممالمتحدة. وسار قبول السلطات السعودية بإعادة فتح مطار العاصمة صنعاء ضمن أحد المطالب التي سبق لحركة عبد المالك الحوثي أن رفعتها كشرط مسبق لأي مفاوضات محتملة بينها وبين الحكومة اليمنية. وأضاف وزير الخارجة السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله إننا نريد إسكات البنادق بشكل نهائي وأن مبادرة بلاده ستدخل حيز التنفيذ بمجرد قبول الحوثيين لها. وسارع محمد عبد السلام، الناطق باسم حركة انصار الله، إلى رفض المقترح وأكد أنه يتعين على العربية السعودية التي تقود تحالفا عربيا ضدهم منذ 2015 بأن ترفع الحصار المفروض على اليمن وأن مفاوضات تمت قبل عام حول قضايا طرحت للنقاش ولكنها لم تأت بأي نتيجة. وإلى نقيض ذلك سارعت الحكومة اليمنية المدعومة من طرف العربية السعودية إلى تثمين مبادرة الرياض وأكدت أنها كفيلة بإنهاء الاقتتال الذي أودى بحياة مئات آلاف اليمنيين ودفع بالملايين منهم إلى النزوح وسط ظروف معيشية وصفتها الأممالمتحدة بأكبر مأساة إنسانية يعرفها العالم في هذه الألفية. يذكر أن العربية السعودية ولدواع صحية، أعلنت شهر أفريل من العام الماضي عن وقف للقتال بسبب تفشي جائحة كورونا رفضها الحوثيون في حينها وأكدوا أنها مجرد خدعة سياسية. وقادت العربية السعودية منذ سنة 2015 تحالفا عربيا ضم بلدانا خليجية ومصر والمغرب والسودان والأردن في محاولة لكسر شوكة حركة أنصار الله الحوثية المدعومة من طرف إيران والتي شنّت هجمات عسكرية قوات الجيش النظامي اليمني وضد هيئات الحكومة المركزية التي ارغم أعضاؤها على اللجوء إلى العربية السعودية وتشكيل حكومة في المنفى. وفشل التحالف العربي بعد ست سنوات من حرب مدمرة من تحقيق أهدافه في تحييد قوة الحوثيين المتنامية، ما جعل دوله في ظل ضغوط دولية متزايدة تقتنع أخيرا بأن المخرج من المستنقع اليمني لن يتم إلا عبر مفاوضات مباشرة من شأنها التوصل إلى وضع ترتيبات سياسية كفيلة بإنهاء معاناة الشعب اليمني الذي صنفته مختلف المنظمات الإنسانية الدولية على أنه أفقر شعب في العالم. وجاء تفشي فيروس كورونا العام الماضي ليزيد في عمق الجرح اليمني الذي يعيش شعبه مجاعة حقيقية وفقرا مدقعا زادته أمراض سوء التغذية عمقا أكبر. يذكر أن المقترح السعودي لإنهاء حرب الست سنوات، جاء في سياق تصعيد عسكري فرضه الحوثيون من خلال حملة هجمات بطائرات مسيرة استهدفت عدة مواقع نفطية في عمق الأراضي السعودية وايضا في سياق هجوم واسع النطاق يشنه المتمردون لاستعادة السيطرة على مدينة مأرب الاستراتيجية والتي تعد آخر معقل للقوات الحكومية في شمال البلاد.