اقترح الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريس، أمس، على أعضاء مجلس الأمن الدولي، فريق ملاحظين دوليين يتم نشر أفراده بشكل تدريجي في ليبيا بمهمة مراقبة مدى احترام وقف إطلاق النار في هذا البلد والسهر على عملية خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب بعد اتفاق مع السلطات الليبية الجديدة. وعرض غوتيريس مقترحه ضمن تقرير قدمه أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي عبر تقنية التحاضر عن بعد تناول آخر تطوّرات الوضع في ليبيا، مؤكدا أن فريق الملاحظين يجب أن يكون متوازنا بين الجنسين وأن يكون أفراده من الشباب دون أن يحدّد عددهم. وكشفت مصادر دبلوماسية على صلة بالملف الليبي في الأممالمتحدة، أمس، أن بريطانيا تعكف حاليا على صياغة مشروع قرار أممي في هذا الاتجاه يتم من خلاله تحديد آليات عمل فريق الملاحظين وتحديد تاريخ إعطائه الضوء الأخضر لمباشرة مهمته. وأكد تقرير غوتيريس أن فريق الملاحظين يجب أن يدرج ضمن مهمة الأممالمتحدة في ليبيا "مانيل" على أن تنحصر مهمته في مراقبة مدى احترام اتفاق وقف إطلاق النار على الطريق الساحلي الذي يربط كبريات المدن الليبية قبل أن يتم توسيع نطاق مهمته إلى مثلث أبو غرين وبن جواد والسواكنة مع إمكانية تمديد نطاق هذه المهمة إلى مناطق ليبية أخرى بقناعة أن تأمين الطريق الساحلي يعد في نظر البعثة الأممية أمرا مهما لتجسيد اتفاق وقف إطلاق النار الموقع يوم 23 أكتوبر الماضي. وكان المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، يان كوبيتش رحب بالتقدم المسجل لإزالة الألغام التي تم زرعها من طرف الفرقاء طيلة سنوات الحرب على الطريق الساحلي الرابط بين مدينتي مصراتة ومدن شرق البلاد الأخرى. وفي مقابل ذلك فقد جدد الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريس، أمس، انشغاله تجاه معلومات حول استمرار تواجد مكثف لمقاتلين أجانب ومرتزقة في داخل مدينة سيرت وفي محطيها القريب ووسط ليبيا داعيا إياهم إلى مغادرة هذا البلد على الفور مما جعله يعبر عن قلق متزايد رغم وجود كما قال انسحابات محدودة لهؤلاء المقاتلين، وصفه بغير الكافي. وكشف غوتيريس في هذا الإطار عن انسحاب قوات أجنبية نهاية شهر فيفري من وسط وغرب مدينة سيرت باتجاه وادي هراوة الواقعة على بعد نحو 50 كلم إلى شرق هذه المدينة الاستراتيجية وعدم تسجيل أي انسحاب في مدن وسط البلاد. وأحصت الأممالمتحدة في تقارير سابقة انتشار نحو 20 ألف أجنبي من مرتزقة ومقاتلين أجانب من مختلف الجنسيات الذين تم الزج بهم من طرف فرقاء الحرب الأهلية المتواصلة أطوارها منذ شهر أكتوبر سنة 2011 إلى جانب قوات نظامية تركية. وهي الحقيقة التي جعلت الأمين العام الأممي يطالب كل الفاعلين الليبيين والإقليميين والدوليين إلى احترام بنود اتفاق وقف إطلاق النار المتوصل إليه حتى تتمكن السلطات الليبية الجديدة من تجسيد بنوده في أقرب وقت ممكن ضمن خطوة أولى على طريق الإعداد الجيد لتنظيم أول انتخابات نيابية تعددية يوم 24 ديسمبر القادم. وكان تقرير أممي سابق أشار إلى تواجد مقاتلين ومرتزقة من روسيا وتشاد والسودان وسوريا بالإضافة إلى قوات عسكرية تركية نشرتها أنقرة تنفيذا لاتفاق مع حكومة الوفاق الوطني الليبية السابقة بقيادة الوزير الأول المغادر، فايز السراج. وقال المبعوث الأممي الجديد إلى ليبيا، يان كوبيتش من جهته أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي بضرورة انسحاب كل هذه القوات الأجنبية بمختلف صفاتها، بقناعة أن ذلك سيساهم في توحيد الشعب الليبي واستعادة ليبيا لسيادتها على كامل ترابها وتضميد الجراح الغائرة التي تسببت فيه سنوات الحرب والتدخلات الأجنبية. وهو المبتغى الذي أكد على تحقيقه رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، خلال أول اجتماع لحكومة الوحدة الذي شدّد على ضرورة أن تكون انطلاقة عمل طاقمه انطلاقة قوية لحل مشاكل الليبيين وتحسين ظروف معيشتهم.