تواصل فعاليات المجتمع المدني الفرنسي والاسباني المتضامنة مع القضية الصحراوية تحركاتها باتجاه الضغط على حكومتي بلديهما من اجل المساهمة في تفعيل مسار تسوية النزاع في الصحراء الغربية طبقا لمبادئ الشرعية الدولية المقرة بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وضمن هذا المسعى دعا رئيس بلدية "فيتري سير سان" ألآن أدوبير إلى ضرورة تجنيد الرأي العام الفرنسي للضغط على الحكومة الفرنسية لحملها على التحرك لدى الهيئات الدولية من اجل تطبيق اللوائح الأممية المتعلقة بالصحراء الغربية. وقال أدوبير في لقاء جمعه بوفد اللجنة الوطنية الجزائرية لمساندة الشعب الصحراوي انه "من الأهمية معرفة اليوم كيف يمكن الإسهام في توازن قوى وحركة رأي من شأنهما دفع الحكومة الفرنسية إلى التحرك لدى الهيئات الدولية من اجل التطبيق الفعلي للوائح الأممية حول الصحراء الغربية وتحقيق تقدم نحو تحقيق تقرير مصير الشعب الصحراوي". وأكد المسؤول الفرنسي أن لباريس وسائل ضغط تمكنها من إرغام المغرب على احترام الشرعية الدولية ولوائح الأممالمتحدة المتعلقة بالقضية الصحراوية. وهو ما جعله يعرب عن أسفه كون الحكومة الفرنسية لا تزال تتبنى نفس المواقف تجاه المغرب الذي تربطها به منذ أمد طويل علاقات مميزة كما تأسف لعدم قيام الرئيس الفرنسي الذي ترأس لمدة ستة أشهر الاتحاد الأوروبي "بأي عمل يدفع الحكومة المغربية إلى تطبيق القانون الدولي واللوائح الأممية". وخلص أدوبير إلى التأكيد على ضرورة "تنظيم استفتاء حقيقي يقرر مستقبل الصحراويين الذين تعتبر قضيتهم آخر قضية تصفية استعمار في القارة الإفريقية". ولم يقتصر مثل هذا الضغط على الرئيس الفرنسي من طرف المجتمع المدني الفرنسي بل تعداه إلى المجتمع المدني الاسباني الذي استغل زيارة الرئيس ساركوزي إلى اسبانيا لإثارة المسألة الصحراوية. فقد استوقفت منظمة غير حكومية إسبانية مساندة للقضية الصحراوية أول أمس الرئيس الفرنسي ولفتت انتباهه للآثار والنتائج السلبية للموقفين الفرنسي والاسباني الداعمين للمغرب على حساب الحقوق المشروعة لشعب اغتصبت أرضه بالقوة. وفي رسالة مفتوحة وجهتها إلى الرئيس ساركوزي أكدت التنسيقية الإسبانية لدعم الشعب الصحراوي أنه "لا يمكن لأي استراتيجية أو مناورة سياسية تقوم بها دولة ما أن تحجب الشرعية والحق الدولي الخاص بالشعب الصحراوي من دون أن تترتب عن ذلك آثار ومسؤولية". وقالت التنسيقية التي تضم حوالي 200 جمعية متضامنة مع الشعب الصحراوي أن سياسة التنكر للشرعية وإدعاء فرض اتفاق زائف تمت صياغته مسبقا في المكاتب والقنصليات والمتمثل في اتفاق الحكم الذاتي لا يستند لأي أساس ويناقض جميع الاتفاقات الدولية والإرادة الجلية للصحراويين وأمل الشعب الإسباني في ان يضمن مستقبل السكان الصحراويين على أساس ممارسة حق تقرير مصير. وأدانت التنسيقية "الصمت المذنب" الذي تتحمل من خلاله مدريد وباريس انتهاكات حقوق الإنسان ضد الشعب الصحراوي التي تقترفها قوات الاحتلال المغربية". كما أدانت قرار "الفيتو" الفرنسي بمجلس الأمن الدولي الذي اعتادت رفعه "ضد كل حل من شأنه أن يمنح الشرعية لمقاومة الشعب الصحراوي ضد المحتل أو الدفاع عنها أمام أعمال العنف المستمرة التي يتعرض لها من طرف السلطات وعناصر الشرطة والأمن المغربية". كما دعت التنسيقية مجددا الحكومة الإسبانية إلى إبداء "حضور أكبر ومزيد من التأثير من أجل السعي الفعلي لإيجاد الحلول لنزاع تضطلع فيه بمسؤولية كبيرة شاءت او ابت". ودعت في هذا الإطار الحكومة الاسبانية "للتحلي بمزيد من الشجاعة الضرورية لتحمل مسؤولية سياسية في المنطقة كفيلة بأن تقر الشرعية والعدالة ولا تتساهل عندما يتعلق الأمر بانتهاكات حقوق الانسان التي لا تتسبب إلا في خسائر لشعب يرزح تحت وطأة الاحتلال العسكري المغربي". وتزامنا مع ذلك أجرى وفد اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي سلسلة من اللقاءات مع مختلف المسؤولين الفرنسيين إضافة إلى قيامه بنشاطات بالعاصمة الفرنسية في إطار جولته الإعلامية والتحسيسية التي شرع فيها منذ بداية الأسبوع في فرنسا. واغتنم وفد اللجنة برئاسة محرز العماري فرصة استقباله من طرف مسؤول العلاقات الدولية بالحزب الشيوعي الفرنسي جاك فاث لتوضيح الهدف المتوخى من الجولة والمتمثل في دراسة إسهام المجتمع المدني ومدافعي حقوق الإنسان والأوساط المتضامنة مع القضية الصحراوية في مسعى لتوضيح الرؤية بخصوص هذه المسألة المندرجة في إطار تصفية الاستعمار. وقال العماري أن الأمر يتعلق كذلك "بإثارة حركة كفيلة بممارسة ضغوط على صناع القرار الفرنسيين حتى يمتثلوا للشرعية الدولية وللقانون الدولي" .وذكر أن فرنسا ما فتئت تصوت على لوائح مجلس الأمن الدولي إلا أنها ما انفكت أيضا تشجع في الميدان تعنت المغرب في رفض كل حل يطابق القانون الدولي.