يعقد وزراء نفط دول مجموعة "أوبك +" يوم غد اجتماعهم الدوري لتحديد موقف تجاه سوق الطاقة الدولية إما بالمحافظة على الزيادة الشهرية المقدرة ب400 ألف برميل يوميا وإما برفعها إلى بمعدلات مضبوطة، عشية العام الجديد . وسيكون الترقب سيد الموقف في عواصم الدول الصناعية كثيرة الاستهلاك لهذه المادة الحيوية التي كانت تأمل في مراجعة الدول النفطية استراتيجيتها باتجاه رفع يدها عن سقف إنتاجها باتجاه الأعلى وبالتالي وقف المنحنى التصاعدي الذي سجله برميل الخام على مدار الأسابيع الأخيرة وبلوغها معدلات قياسية الأسبوع الماضي إلى حدود 83 دولارا للبرميل. ويكتسي اجتماع دول "أوبك +" أهمية خاصة هذه المرة كونه جاء في سياق ضغوط أمريكية وصينية وهندية ويابانية من أجل حثها على رفع حجم زيادتها الشهرية إلى حوالي 600 ألف برميل يوميا وأيضا لتزامنه مع الظهور المفاجئ لفيروس "أوميكرون" الذي أخلط كل الحسابات وخاصة الاقتصادية منها، وسط مؤشرات لاحتمال لجوء دول العالم إلى فرض إغلاق جديد بسبب ما روج حول مخاطر هذا الفيروس القادم من جنوب إفريقيا. وشكل تزامن هذين المعطيين، أكبر تحد أمام الدول النفطية المنضوية تحت لواء مجموعة "اوبك +" في ظل التراجع القياسي الذي عرفته أسعار الخام في تبادلات اليومين الأخيرين والتي فقدت حوالي 7 دولارات من 82 دولارا للبرميل إلى حوالي 75 دولارا فقط قبل يومين. وكان لجوء الولاياتالمتحدة إلى ضخ كميات إضافية من النفط من مخزونها الاحتياطي ومعها الصين والهند واليابان ضمن ورقة ضغط لجعل الدول المنتجة تعيد النظر في زيادتها الشهرية المحددة في 400 ألف برميل يوميا وكان ذلك سببا مباشرا في تراجع أسعار الخام في سوقي لندن ونيويورك مع بداية الأسبوع الجاري. والمؤكد أن دخول المتحور أوميكرون على خط الحرب النفطية بين الدول المنتجة والمستهلكة، من شأنه التأثير سلبا على الأسعار والدفع بها بالاتجاه التنازلي، بعد أن عرفت انتعاشا مضطردا منذ الصيف الماضي، نتيجة تمسك دول مجموعة "أوبك +" بموقفها الرافض لأي زيادة في ظل الشكوك وغياب مؤشرات مؤكدة بخروج العالم من متاهة الجائحة الكونية. وكانت استراتيجية الدول النفطية بالمحافظة على سقف إنتاجها والقيام بزيادات شهرية مقننة، صائبة إلى حد كبير في تمكين برميل النفط من استعادة عافيته بعد تراجعه التاريخي بداية العام الماضي متأثرا بالتفشي السريع لجائحة كورونا والركود الذي ضرب الاقتصاد العالمي. وهو الموقف المتوقع تبنيه في لقاء يوم غد في ظل ضبابية المؤشرات الاقتصادية التي زادها ظهور أوميكرون ضبابية أكبر وأخلط كل الحسابات وجعل العالم كله يعود إلى نقطة البداية بعد أن اعتقد مخطئا، أن الجائحة أصبحت في حكم الماضي بفضل اللقاحات التي أوجدتها مخابر الدواء العالمية نهاية العام الماضي والتي أعادت الأمل بإمكانية استعادة الاقتصاد العالمي عافيته وخروجه التدريجي من حالة الانكماش التي غرق فيها بعد أن عجز في الخروج من دوامة أمواجها العاتية. وحتى الدول الصناعية التي ألحت على زيادة سقف إنتاج "أوبك +" ستعيد النظر في طلبها بعد تسجيل عشرات الإصابة بهذا المتحور في عديد بلدان العالم وستتأكد أن لجوءها إلى الاحتياطي الاستراتيجي كان رد فعل غير مدروس العواقب وخاصة في حال فرض المتحور الجديد منطقه على العالم وأرغم دوله على إعادة إغلاق حدودها مرة أخرى وحينها ستجد الدول المستهلكة والنفطية على السواء نفسها في قفة واحدة تترقب متى ينزاح الوباء الذي اصبح يدفع إلى طرح التساؤلات حول حقيقته وكيفيات احتوائه بعد عجز اللقاحات المتوفرة في طي صفحته والعودة بالعالم وكل البشرية إلى سكة النمو والحياة العادية.