المتجول في مدينة دلس خلال الأيام الصيفية، يستمتع بمعالم اكتسبت صيتا شعبيا منذ عقود، من بينها القصبة العتيقة والميناء، وما بينهما من محلات اكتسبت هي الأخرى شهرة كبيرة بفضل الصناعة اليدوية، منها محل "حوسو لصناعة المثلجات"، والذي ما يزال يحافظ على حرفة يدوية على أصولها منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي، غير أن روح العصر لم تخطئه هي الأخرى .. مما زاد في شهرة وشعبية المحل الدلسي، إضافة العديد من النكهات الطبيعية، كالتين والتين الشوكي والعنب والفراولة... والتي تستهوي زوار هذه المدينة الساحلية الذين لا يجدون أدنى مقاومة في الاستجابة لرغبة إطفاء العكش بشيء من المثلجات. يقع محل "حوسو" لصناعة المثلجات بحي رمضاني في قلب مدينة دلس، بمكان استراتيجي يجعل المتردد عليه يستمتع بالنظر إلى أطراف المدينة العتيقة، حيث يتوسط القصبة العليا والسفلى، كونه يقع بزاوية على الطريق الوطني رقم 24. ولأن الأجيال الناشئة أرادت تطوير هذه الحرفية، فقد قامت بتوسيع المكان الذي كان في مطلع سبعينات القرن الماضي، عبارة عن دكان صغير فيه آلة واحدة لصنع المثلجات بطريقة يدوية، يقوم عليها الوالد "إسماعيل حوسو" الذي يعتبر من أوائل الحرفيين في صناعة المثلجات في كامل منطقة دلس، حسب أحد أبنائه الحرفيين، في حديث إلى "المساء"، موضحا بأن الوالد بدأ في صناعة المثلجات في منتصف ستينيات القرن الماضي، حيث كان يجر عربة صغيرة يتجول بها عبر أزقة المدينة العتيقة، أو في بعض الأسواق الشعبية، وشيئا فشيئا، اشترى محلا بداية السبعينات... وهو نفسه الذي قام أبناؤه اليوم بتوسيعه وتطويره. من جهة أخرى، أشار محدثنا ان صناعة المثلجات تطورت كثيرا، لاسيما في السنوات الأخيرة بالنظر لأذواق الزبائن المختلفة، وكذا بفضل الأبحاث التي يقوم بها هو شخصيا "للتماشي مع التطور، ولكن بالإبقاء على أصالة الحرفة مثلما تركها الوالد من جهة أخرى"، يقول محدثنا، وهو أصغر أبناء الراحل إسماعيل حوسو، ملفتا في ذات السياق، إلى أنه وإخوته، تعلموا فن صناعة المثلجات عن الوالد... أما عن التغيرات التي طرأت على صناعة المثلجات، فيشير إلى أن أسس الصناعة اليدوية تقوم على تفضيل استعمال منتجات طبيعية دون اللجوء إلى ملونات اصطناعية، لذلك فإن أبحاث الجيل الثاني من صناع المثلجات أوصلتهم إلى صناعة مثلجات بتسع نكهات، أهمها نكهات الفواكه الصيفية، إضافة إلى الفراولة المحببة لدى الأطفال تماما مثل الشوكولاطة. من الفواكه المستعملة كنكهات طبيعية كالتين وكذا التين الشوكي أو الهندي، حيث يشير المتحدث إلى أنه يتم غسل الفواكه جيدا، ثم عصرها دون إضافة ماء أو نكهات أخرى، لتوضع بعدها بآلة صنع المثلجات لتكون جاهزة في غضون ساعات قليلة، حيث يمكن للزبون الاستمتاع بنكهتها الطبيعية، أو أن يفضل خلطها بنكهات أخرى، ومنها الكلاسيكية التي تعتمد على الحليب في صنعها. هنا يؤكد محدثنا بأن أغلبية الزبائن يفضلون الخليط الممزوج الذي يجمع بين عدة نكهات.. لكن لكثرة النكهات المعروضة بمحل حوسو، فإن الزبون كثيرا ما يتوه بين هذا وذاك، فيترك الخيار للبائع الذي أضحى يتمكن جيدا من النكهات المعروضة، والتي تتزاوج جيدا مع بعضها، مع الإشارة إلى أن الأسعار مقبولة جدا، كونها من 50 إلى 100 دج بالنسبة للمخروط الواحد قد تزيد أو تنقص حسب رغبة الزبون.. كما لا يقتصر التجديد والتطوير بمحل "حوسو لصناعة المثلجات" على الفواكه الصيفية، بل تعداه هذه السنة إلى الفواكه الاستوائية، مثل الكيوي والأناناس ونكهات أخرى محببة كثيرا لدى الأطفال، وهي الشوكولاطة ومنه السنيكرس والنوتيلا وحتى الجبن الطبيعي وغيرها. كما يؤكد محدثنا أن الأبحاث لا تتوقف لإرضاء أذواق الزبائن، متوقعا أن يسجل ضغطا كبيرا من حيث الإقبال خلال صائفة 2022، بعد انحصار جائحة "كورونا" والعودة إلى الحياة الطبيعية... مؤكدا على أن ليالي مدينة دلس الساحرة التي تمتد إلى ساعات الفجر الأولى تجعل المحل يعج بالزبائن من كل ربوع الوطن..