احتضن المسرح الوطني الجزائري "محي الدين بشطارزي" وبالضبط قاعة "الحاج عمر" أوّل أمس الليلة الثانية من ليالي الشعر العربي التي تنظم في إطار الطبعة الجارية للمهرجان الوطني للمسرح المحترف التي تهدى هذه السنة إلى أرض المقدس أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. بعد أن خصّصت الليلة الأولى للشاعرة الفلسطينية الراحلة فدوى طوقان جاء الدور زوال الاثنين على المسرحي والشاعر السوري ممدوح عدوان، لتكون الجلسة مهداة لروحه عرفانا لكلّ ما بذله في سبيل أن تعلو كلمة الحق مدوية في السماء. جلسة ممدوح عدوان شهدت مشاركة سبعة فرسان جادوا بزبدة ما كتبوا حول الوطن والأرض والقضية الأم، أولى الأصوات المشاركة كانت من أرض الفراعنة من خلال نجل الشيخ القرضاوي عبد الرحمن يوسف الذي استهل قراءاته ب"مصر القصيدة": الشِّعْرُ صَقْرٌ وأحْلامِي فَريسَتُهُ أنَا المُقِيمُ سَعِيدًا في مخالبِهِ ! مَا زَالَ يَغْمُضُ أو يَنْسَابُ مُتَّضِحًا كَالليْلِ والصُّبْحُ يَبْدُو في تَعَاقُبِهِ كَالنَّهْرِ ... بالرَّغْمِ مِنْ إشْهَارِ زُرْقَتِهِ تَرَاهُ يَخْضَرُّ حينًا مِنْ طَحَالبِهِ ! مَا زلتُ أخْسَرُ خِلانِي لأُرْضِيَهُ ومَا حَظِيتُ بشَيءٍ مِنْ مَكَاسِبِهِ !
كما أهدى نجل الشيخ القرضاوي قصيدة لأهل غزة عنوانها "كلّنا تحت الحصار" يقول مطلعها : "كُلُّنَا تحْتَ الحِصَارْ . . . ! وكَما يَسيرُ الحَيُّ للأمْوَاتْ ... تَتَابَعُ الأزَمَاتْ ... والنِّيلُ مَحْبُوسٌ بِسِجْنِ الضَّفَّتَيْنِ وخَلْفَ سَدٍّ يَكْبَحُ الَّلذَّاتِ بالَّلذَّاتْ ... والمَجْدُ في التَّأريخِ محْبُوسٌ وفي أحْجَارِ أهْرَامَاتْ ..."
إلى أن يقول: "وأرى وُفُودَ القَصْرِ تَبدو كَاسِياتٍ عَارِيَاتْ وأرى الذي عَبَدَ الهَوى يَحْتجُّ بالآيَاتْ ملْعُونةٌ كُلُّ الجُيُوشْ ... حِفْظُ الكَرَامَةِ والدِّمَاءِ مُهِمّةُ الجَيْشِ المُظَفَّرِ لَيْسَ تَلْمِيعَ العُرُوشْ ...!" من جهته، أمتع الشاعر الجزائري رابح ظريف المعروف باسم شاعر "الرسالة" الحضور بقراءة في قصيدته " إلى وجهي الذي لا يراني أولا ..." التي يقول فيها:
"الشرق دمعتك القديمة جد لها حزنا وجد للحزن فيك جرابا الشرق دمعتك التي لم تبكها فاغسل بها الأجفان والأهدابا سر مشقيَ النبض مكيَ الدماء وخلي طيبك يلفت الأطيابا"
إلى أن يقول: "واقرأ أنا العربي أشبه خيمتي وتدي بها لم يجدد الأسبابا واقرأ أنا العربي أشرب سمرتي لبنا وأعصر قامتي أعنابا" وكذلك الشاعر بشير بن الرحمان والشاعر الشاب إسماعيل يبرير وكذا الشاعر فارس كبيش واحمد سليم الذي ختم الجلسة بقراءة في قصائد شاعر القضية الفقيد محمود درويش باللغة، تولى ترجمتها إلى اللغة الأمازيغية، وقد توسّطت تلك القراءات ترتيلات غنائية بصوت وأوتار الفنان طارق الصغير الذي من بين ما غنى "ربّما فكرت يوما أنّني لا أعشقك". يذكر أنّ ممدوح عدوان كاتب وشاعر ومسرحي سوري، ولد في قرية قيرون (مصياف) عام 1941، خلّف بعد رحيله في 2004 العديد من الأعمال المسرحية من بينها "المخاض"، "ليل العبيد"، "هملت يستيفظ متأخرا"ً، "زنوبيا تندحر عداً"، "محاكمة الرجل الذي لم يحارب"...والشعرية على غرار "الظل الأخضر"، "تلويحة الأيدي المتعبة"، "الدماء تدق النوافذ"، "أقبل الزمن المستحيل"، "أمي تطارد قاتلها"، "يألفونك فانفر"، "لو كنت فلسطينياً"، وكذا قصة "الأبتر" وغيرها من الأعمال.