برافو سعدان.. شكرا للاعبين.. تحية تقدير للجماهير التي كانت سندا قويا لكومندوس من اللاعبين الذين طبقوا بالحرف ومن الألف إلى الياء الخطة التي عرت قوة الفراعنة وقزمتهم، بل وأرجعتهم الى الصف لقراءة ابجديات لعبة ظنوا ولقرون، أنهم أول من لعبوها وأنهم الأفضل، ولم يدركوا أن العالم يتغير وان اللعبة تتطور وان الذي كان بالأمس تلميذا قد يتحول بذكائه وجهده ومواظبته الى استاذ محنك. برافو لسعدان، لأنه استطاع بصبره ومثابرته ان يضع الفريق الوطني على السكة السليمة، للوصول رويدا رويدا نحو بحر الآمان، كيف لا وهو الذي قفز بالمنتخب الى المرتبة الاولى لمجموعة كان يرى فيها خصم الامس انه الافضل، وان مباراة الجزائر ما هي إلا جولة في سهل المتيجة لا اكثر. برافو للاعبين لأنهم كانوا على فكر واحد وقلب واحد، وفي تناغم متناسق اعاد لنا الذاكرة المفقودة التي توقفت عن التفكير كرويا لأكثر من عشريتين، و لو ان محاولة إعادة البناء لم تتوقف، بدليل ان المنتخب الوطنى ها هو يتعافى ويعود الى الواجهة بقوة وندية، ويملك ترسانة من اللاعبين الذين سيكون لهم شأن كبير في المستقبل إذا تواصل التكفل بهم واستفادوا من الاحتكاك القوي والجيد. الكرة ليست لعبة نواعم.. مع المعذرة للممارسات لقد لعب تعدادنا المتناغم والمنسجم بفكر واحد وبرجولية وقوة، لأن لاعبيه ادركوا بأن لعبة كرة القدم تتطلب الإقدام والندية والرجولة، وهي ليست لعبة نواعم - مع احترامنا للفرق النسوية - وهذا في رأيي ما افتقده المنتخب المصري الذي سيطرت على لاعبيه عقدة نحن الاقوى ونحن الافضل ونحن اول من لعبها، و غيرها من الجمل التي لا يخلو منها قاموس المصريين كلما لعبوا معنا، و كلما اتيحت لهم الفرصة للتفاخر والتنابز بالألقاب واستصغار الغير او التقليل من شأنه وطموحه. لقد استطاع المدرب الوطني رابح سعدان الذي كانت كل تصريحاته متوازنة قبل وبعد المبارة امام مصر، ان يمهد لمرحلة جديدة، وهو بما حققه من انجاز سواء امام رواندا او مصر، أكد على ان فكره التكتيكي جد متطور وان اللاعب الجزائري بإمكانه ان يستفيد من مثل هذه الذهنية المتطورة جدا جدا، ويوظفها في إثبات احترافيته من خلال سلوكه وتصرفاته وتعامله. لا شك أن التجاوب بين الإثنين أي سعدان وكومندوسه كان جليا فوق الميدان، وان تطبيق اللاعبين للخطة من الالف الى الياء، يعني ان رسالة المدرب سعدان كانت تصل بسرعة وبدون قنوات او مترجم، لأن اللغة البسيطة في التعامل كانت تفعل فعلتها، بدليل ان سعدان وفي لمح البصر غير الخطة، وان رفاق زياني طبقوها بالعرض والطول و خلقوا شوارع في دفاع الفراعنة النائم، بل وقطعوا الإمداد على أبي تريكة و رفاقه الذين سقطوا في كمين لا يرحم وقالوا في نهاية المطاف، لقد كانت مباراة الصدمة والرعب.. والرعب هنا لا اقصد به التشجيع الخرافي للجمهور الجزائري ولكنه ضغط الماكينة الجزائرية التي لم تتوقف طوال 45 دقيقة من المرحلة الثانية، التي اكدت من هو الافضل ومن هو الذي كان يلعب تحت تأثير شعار نحن الأقوى ونحن الأفضل، وغيرها من الشعارات التي اهتزت و سقطت، لأن ثلاثة اهداف قد دخلت الشباك والرابع أبعد من على خط الصندوق أي مرمى الحضري، الذي عاش على ما يبدو أسوأ امسية كروية له في تاريخه الكروي. ما هو آت أصعب مما فات وبعد هذا الفوز الذي وضع المتنخب الوطني الاول على مستوى المجموعة، ماذا يمكننا الآن فعله؟ الاكيد ان مباراة زامبيا على الابواب، ومن الاجدر بنا ان نضع كل شيء على الرف و لا نفكر إلا في ما هو آت و باحترافية ايضا، وعلى المدرب الوطني الذي عهدناه صبورا على الشدائد ومتزنا في التعامل مع الاحداث، ان يبلور في ذهنية جبور ومطمور وغيلاس وعنتر وزياني وغيرهم، ان الأحلام مشروعة لكن عليهم ان يدركوا بأن ما هو أت أصعب مما فات، وفي ذلك إشارة الى مباراة زامبيا التي يجب ان تحضر والتي بإمكاننا الفوز بها او التعادل او حتى الخسارة، طالما ان منطق الكرة يقول ذلك. الجمهور يستحق التقدير أما الجمهور أو هذا الغول الذي قال عنه الاشقاء في مصر، انه القوة الضاربة في منتخب الجزائر، فهو وحتى في اصعب لحظات المباراة كان فعلا قوة ضاربة، لكن ايجابا ولم يتصرف بحمق او يسيء الى احد، بل انه وظف موقفه الصريح في خدمة المنتخب الوطني، كانت احاسيسه في المدرجات وحتى خارج اسوار الملعب جياشةة.. وكانت اهازيجه تصل الى قلب اللاعبين وكانت تعطيهم القوة، وكان كل هدف دك شباك الحضري يتردد صداه في المدرجات قبل وقوعه، وكان الجميع يحس ان الكرة بإمكانها ان تداعب هذا الشباك في اية لحظة. ولا شك ان مثل هذا الجمهور الذي انتظر المباراة لأكثر من 12 ساعة في المدرجات وفي ظروف مناخية صعبة، او قطع مئات الكيلومترات على أمل ان يكون فاعلا في نسج خيوط مثل هذا الفوز، لا شك انه يستحق اجمل عبارات التقدير، ويكفيه فخرا انه كان اساسيا ولم يكن احتياطيا، لانه هو الآخر تناغم وتعاطف مع سعدان، بل ونادى جيش، شعب معك يا سعدان، والكل يعرف مدى تأثير هذا الشعار على سلوك الجزائريين، الذين يتحولون بمجرد ترديده الى قلب واحد ينبض بحب الجزائر، وما اجملها افراح الجزائر عندما تدك حصون الخصوم من العيار الثقيل بواحد واثنين وثلاث دفعة واحدة والرابع يتوقف عند ابواب الصندوق... الأكيد انه جنون الكرة وهى اللعبة التي نجيدها ولا نكذب على انفسنا بأننا أول من لعبها.