جرت الانتخابات اللبنانية وفق المعايير الديمقراطية بفائز ابتهج بنصره وبخاسر اعترف بهزيمته ضمن مؤشرات توحي أن لبنان مقبل على عهد جديد يضع حدا لحالة انسداد سياسي عمرت طيلة أربع سنوات كاملة. ولكن هذه الانتخابات كرست في الواقع وضعا قائما بعد أن أبقت نتائجها على مكانة قوى 14 آذار كأغلبية ووجد حزب الله ومن معه من الأحزاب الأخرى نفسه في المعارضة وهو ما يوحي أن الأوضاع ستسير في نفس سياق المغالبة السياسية التي طبعت مواقف التيارين خلال السنوات الأخيرة. وهو حكم قد يبدو متشائما ولكنه عقلاني ولكن ذلك لا يمنع من التفاؤل والقول: ماذا لو تمكن الفرقاء اللبنانيون من كسر هذه الوضعية وطي صفحتها التي كادت تدخل لبنان في حرب أهلية جديدة؟ فرضية تبقى قائمة ليس وفق حسابات الربح والخسارة السياسية التي تحرك وفقها طرفا هذه المعادلة ولكن بقناعة أن الاستمرار في سياسة المغالبة لن تؤدي في النهاية إلى أية نتيجة. ولهم في الأربع سنوات الأخيرة والتصعيد الذي عرفته، العبرة التي يكونون قد استخلصوا دروسها جيدا واقتنعوا بعدم تكرارها والوقوع في فخها إلى درجة جعلت لبنان يعيش على هامش الحدث الدولي. فهل لقوى "14 آذار" وتحالف "8 آذار" القدرة على تفهم هذه الحقيقة والقفز على حجم المشاكل التي أدت إلى القطيعة النهائية بخصوص سلاح المقاومة والثلث المعطل داخل الحكومة. والأكثر من ذلك فإن صراع اللبنانيين فرضه صراع وتجاذبات نمطين لمجتمعين متعارضين من حيث المنطلقات والأهداف وهما نمطان متنافران ولا يمكن أن يلتقيا. فهل للحكومة اللبنانية الجديدة القدرة للخروج من فكي كماشة هذه العقبات القديمة المتجددة؟ ذلك هو التساؤل المطروح.