دعا المتدخلون خلال فعاليات يوم دراسي حول "العنف ضد المرأة"، نظم بجامعة بومرداس، الخميس المنصرم، إلى ضرورة التحسيس المتواصل بخصوص هذه الآفة التي تتخذ عدة أشكال، بما فيها العنف "السبيراني"، بعد الاستفحال الكبير للتكنولوجيا الذكية والاهتمام المتزايد بالتواصل الاجتماعي. قدمت خلال اللقاء حقائق وأرقام مرعبة، تفيد بالتزايد المقلق لكل أشكال العنف، لاسيما وسط الأسرة الواحدة، من خلال حالات الاغتصاب وزنا المحارم. جاء تنظيم اليوم الدراسي، بمناسبة إحياء اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، المصادف ل25 نوفمبر من كل سنة، من تنظيم المكتب الولائي للاتحاد الوطني للنساء الجزائريات، بالتنسيق مع عدة شركاء، وقد اختير له شعار "حرفتي تصنع قوتي وتحفظ كرامتي". تعد هذه أول مرة يتم فيها تنظيم دورة "برتقالية"، لجلب الانتباه حول مناهضة كل أشكال العنف ضد المرأة، حيث أوضحت رئيسة المكتب المذكور يامنة بوزيان ل"المساء"، في هذا الصدد، بأنه "تم تقسيم هذه الدورة إلى 3 ورشات؛ الورشة الأولى اختير لها تسمية الحماية الاجتماعية، من خلال تقديم مداخلات لعدة أطراف، مع تشريح واقع هذه الآفة الاجتماعية، بينما خصصت الورشة الثانية للحماية الدفاعية، من خلال تأطير مختصات في الرياضة القتالية، لتقديم حركات تدريبية للمرأة من أجل الدفاع عن نفسها، بينما أطلق على الورشة الثالثة؛ الحماية الاقتصادية، من خلال جلب الانتباه نحو تعلم حرفة يدوية تمكن المرأة من فتح مؤسسة منتجة، سواء العاملات، الطالبات أو الماكثات في البيوت، على اعتبار أن من مظاهر رضوخ المرأة للعنف الممارس ضدها، كونها قاصرة اليد، أي عاطلة عن العمل، بالتالي قد ترضى بالمعاملة السيئة من قبل أحدهم ينفق عليها". العنف ضد المرأة... أشكال ظاهرة وأخرى خفية حول نفس الموضوع، تحدثت "المساء"، على هامش اليوم الدراسي، إلى المستشارة في الرياضة، صورية زرقينوح، وهي رئيسة الجمعية الولائية لترقية الرياضة النسوية ببومرداس، حيث أكدت أن الرياضة شكل من أشكال العلاج النفسي للنساء المعنفات، متحدثة عن حالات لنساء معنفات أرسلن خصيصا لممارسة الرياضة من طرف أطباء معالجين، بسبب حالات الانهيار العصبي الذي يتعرضن له، "فقط من أجل التقليل من أثار العنف من خلال الرياضة الجماعية"، تقول محدثتنا. موضحة أن أغلب حالات العنف كانت ممارسة من طرف الزوج، مشيرة إلى وجود "حالات ضرب عنيف ضد الزوجات، وحالات اغتصاب للزوجة، وحتى ممارسات أخرى غير لائقة... إضافة إلى حالات أخرى لأزواج يحرمن زوجاتهن من رواتبهن الشهرية"، وتواصل المتحدثة، مؤكدة أنه يتم خلال حصص المعالجة بالرياضة الجماعية، إعطاء فسحة للنساء بالفضفضة وحتى الصراخ والبكاء أحيانا، ليتمكن من التنفيس عن مكبوتاتهن، كما تشير متأسفة، إلى أن حالات مماثلة تزداد ليس فقط وسط المتزوجات، إنما حتى الجامعيات والفتيات، داعية إياهن إلى تلقي حصص في الرياضة الدفاعية، حتى يتمكن من الدفاع عن أنفسهن من أي حالات عنف جسدي قد يمارس ضدهن، لاسيما في الشارع.. ومن حالات العنف المسجلة في مجتمعنا، تحدث ضابط شرطة رئيسي، ياحي عبد الرحمن، من فرقة حماية الفئات الهشة بأمن ولاية بومرداس، عن تسجيل 70 حالة عنف ضد نساء خلال العشرة أشهر الأولى من عام 2022، وتحدث ممثل الأمن بكثير من الأسف والأسى عن تزايد حالات العنف ضد النساء من كل الفئات العمرية، واعتبر أن رقم 70 قضية "كبير وغير مقبول، يعني 70 امرأة ضحية كل أنواع العنف الجسدي واللفظي، وحتى ضحية قتل عمدي". من ضمن القضايا المسجلة؛ 17 قضية سوء معاملة، 14 قضية اعتداء جنسي، معظمهن قصر، منهن حالة فتاة عمرها 15 سنة، تعرضت للاغتصاب من طرف والدها، سجلت أيضا يضيف ممثل الأمن- 6 قضايا اغتصاب، منهن ضحية في 16 سنة من عمرها، وبقية القضايا سببها الضرب والجرح العمدي. أما بالنسبة للمعتدين، فهم على التوالي: الزوج، الأخ والإبن، مشيرا إلى معالجة قضيتين، منهما قضية عجوز في 80 سنة من العمر، اعتدى عليها ابنها (40 سنة) بالضرب والجرح العمدي، كما سجلت حالات اعتداء على نساء وقصر من طرف أجانب. الجريمة "السيبرانية"... نوع آخر من العنف ضد المرأة يوضح ضابط الشرطة ياحي، بأن هناك نوع آخر من العنف يزداد في مجتمعنا، ويستوجب دق نواقيس الخطر تجاهه، وهو العنف "السبيراني"، حيث تكون الطالبات الجامعيات عرضة مباشرة له، من خلال الابتزاز والتهديد والتشهير في مواقع التواصل الاجتماعي، متسائلا إن كان ذلك بسبب نقص الوعي. داعيا الفتيات إلى عدم الرضوخ للمبتزين والتقدم مباشرة لتقديم شكوى ضدهم، مشيرا إلى وجود فرقة أمنية متخصصة، من شُرطيات مكونات في كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات، وفي سرية تامة. من جهتها، قدمت المكلفة بالإعلام في المجموعة الإقليمية للدرك الوطني، النقيب مريم مديني، أرقاما مخيفة حول حالات العنف المسجل ضد النساء خلال 10 أشهر من العام الجاري 2022، مشيرة إلى تسجيل 358 امرأة ضحية العنف في مختلف المخالفات المعاينة بإقليم اختصاص الدرك، من بينها الاستغلال الجنسي في 45 قضية، راحت ضحيته 21 امرأة، إلى جانب الأفعال المؤدية أو تهدف إلى الموت بقضية واحدة، قتلت فيها امرأة على يد زوجها، فيما سجلت كذلك قضايا تتعلق بالمساس بالحياة الخاصة ب286 قضية، راحت ضحيتها 201 امرأة، وقضايا السرقة باستعمال العنف ب35 قضية و5 ضحايا نساء. كما سجلت أيضا ذات الهيئة الأمنية، 946 قضية سرقة في المباني، كانت 130 امرأة ضحية لها. وضمت النقيب مديني صوتها للمثل الأمن الولائي، حينما أكدت بأن الجريمة "السبيرانية" في تزايد مقلق، جل ضحاياها نساء، تحديدا طالبات جامعيات، داعية هؤلاء إلى التقدم لتقييد شكاوى دون خجل أو تردد، حتى يتم محاصرة هذه الجريمة التي تسببت فيها مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال التشهير والابتزاز، والمؤدية أحيانا إلى الانتحار، موضحة أن التحقيقات في مثل هذه الحالات تكون سرية..