يمثّل المسلسل البدوي "صراع على الرمال" للمخرج السوري حاتم علي (عن فكرة محمد بن راشد آل مكتوم وسيناريو هاني السعدي)، انعطافة درامية في مشروعه التلفزيوني، فهو لا يخفي إعجابه بالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كرجل دولة وشاعر وصاحب مشروع ثقافي واقتصادي بوسعه أن يساهم مساهمة كبيرة وفعالة في الحياة الثقافية والفكرية والفنية العربية، كما لا ينكر أنّ حماسته لخوض هذه التجربة سببه وجود "بعض القصائد التي كتبها بن راشد خصيصاً للعمل"· ويقول علي في دردشة مع "الحياة"، إن لديه "مآخذ كثيرة على هذه النوعية من المسلسلات التي طالما عوملت من القائمين عليها بصفتها منتجات من الدرجة الثانية والثالثة"، وهو إنّما يقدم على هذه التجربة كنوع من تجريب أدواته الفنية وتعزيز خياراته في هذا المجال· ويضيف: "لم يخطر في بالي أن أجرب يوماً إخراج مسلسل ينتمي إلى هذه البيئة، فالمشاهد لا تستهويه هذه الأعمال، بسبب تعامل المخرجين معها على أنّها من المستوى الثالث، وقدّمت بإمكانات متواضعة وبمضامين وأفكار مكرّرة، أمّا ما عدّل رأيي وشجّعني على خوض التجربة، فهو الظرف الإنتاجي المختلف الذي بإمكانه أن يوفّر مناخا جيدا لتقديم اقتراح بصري غني، إلى جانب الحرية الكبيرة الممنوحة لي في العمل على النص وتطويره بتقديم أفكار ومعالجات درامية مختلفة"· ورداً على سؤال عما إذا كانت إجابته تحمل ضمنا عدم تفاهم كامل مع المؤلف هاني السعدي، يقول علي: "هذا صحيح إلى حد ما، فالسعدي لا يعرف هذه البيئة بشكل جيد، ولهذا كتب العمل باللغة العربية الفصحى، وأحداثه كعادة مسلسلاته لا تدور في إطار زمني أو مكاني محدد، ولهذا فإن نصه يكاد يكون استكمالا لأعماله السابقة التي سميت بالفانتازيا، وهذه النوعية من الأعمال لا تستهويني، لأنني أعتبرها دعوة إلى اختلاق تاريخ بدلاً من قراءته، وأعتقد بأن فيها هروباً، سواء من استحقاقات الواقع أو التاريخ وتنطوي على استسهال كبير لجهة المواضيع المطروحة بعد اجتزائها من صيرورتها التاريخية والاجتماعية ولهذا كلف هشام كفارنة، وهو ممثل وشاعر وكاتب على دراية بهذه البيئة، بتحويل النص إلى اللهجة البدوية·· وهذا التحويل ليس مجرد ترجمة حرفية، بمقدار ما هو محاولة لإعادة خلق الاطار الاجتماعي للحدث والشخصيات، بعدما اتفقنا بالطبع على الزمن الذي تدور فيه الأحداث، وهو القرن الثامن عشر"· ويضيف المخرج "يمكن اعتبار العمل تاريخيا يتحدث عن مجتمع معين وينطق بلهجة منسجمة مع المكان والزمان الذي تدور فيه الأحداث"· ويتحدث علي عن مرجعيته لتفادي هذا النوع من الفانتازيا، ويقول: "بطبيعة الحال هناك بعض الكتب التي تناولت حياة البداوة وتجارب بعض المستشرقين، إضافة إلى رسومهم، مع الإشارة إلى الزاوية التي يرى منها هؤلاء هذا العالم، وهي نظرة فيها الكثير من الرومانسية والمبالغة"·· ولا يخشى علي من الوقوع في مطب الاستشراق، كما يقول، لأن "هذا الكلام يمكن أن يكون صحيحاً لو أن المادة كتبت من وجهة نظر استشراقية، وأنا أتحدث هنا عن طرق المعيشة والأزياء، مع إدراكي أن هذا النوع من الدراما يحتاج إلى توثيق، وهذه مهمة ليست بيسيرة، خصوصاً إذا عدنا كثيرا إلى الوراء"· ويرى علي أنه لا يمكن اعتماد المسلسلات والأفلام التي أنتجت عن هذا العالم كمرجع، خصوصاً النتاجات العربية، ويقول: " أظن أنه أصبح لدينا ما يمكن تسميته بمجتمع تلفزيوني بدوي لا وجود له في الواقع، وهذا عائد إلى استنساخ الأعمال التلفزيونية عن أعمال سابقة، ما أدى إلى فراق ما بين الحقيقة والعمل الفني"·