تعمل بعض الجمعيات والمراكز الصحية الهادفة، إلى حماية الشباب من بعض الآفات الاجتماعية التي باتت تهدد حياة القلب النابض بالمجتمع من الجنسين بصورة يومية ودائمة، من اجل تأمين الحماية لهم، باللجوء إلى تكثيف النشاطات التحسيسية والتوعوية. ولعل من أخطر ما يواجه شبابنا معضلة المخدرات التي انتشرت بشكل واسع في السنوات الأخيرة، إذ يكشف مركز العلاج النفسي بالمحمدية انه يستقبل يوميا حوالي أربع حالات ممن هم في طور التعاطي أو الإدمان على مادة القنب الهندي بدرجة أولى. انتقلت"المساء" إلى مركز العلاج النفسي بالمحمدية، حيث التقينا بالطبيب نصر الدين بلهندوز، الذي يعمل بصورة مباشرة مع فئة المدمنين على المخدرات، حيث قال "يستقبل المركز جميع الشرائح العمرية منهم، من يأتي بهم أولياؤهم وهم في العادة من الشباب أو الشابات الأقل من 18 سنة، حيث ثبت من خلال تجربتنا أن هذه الفئة تكون عادة في مرحلة التعاطي ولم تدخل بعد مرحلة الإدمان، ويكون من السهل علينا مساعدتهم على التخلص من هذه الآفة، في حين يستقبل المركز أيضا فئة أخرى تتراوح أعمارها بين 25 و 36 سنة، والمنتمون إلى هذه الفئة بالذات يأتون في اغلب الأحيان بمفردهم بعد أن يصلوا إلى ما يسمى بمرحلة الإدمان، حيث يصعب عليهم التوقف ويرغبون في البحث عن من يأخذ بيدهم لينقذهم، بالنسبة لهذه الحالة يكون التعامل جد صعب معها كون المنتمين إليها بلغوا مرحلة متقدمة من الإدمان، وحتى ينجح علاجهم ينبغي أن يتمتعوا بإرادة كبيرة وصبر اكبر، في حين يستقبل المركز أيضا فئة من الكهول الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و52 سنة، ولاحظنا أن الزوجات هن اللواتي يدفعن بأزواجهن إلى المجيء إلى المركز طلبا لمساعدتهم على الشفاء ."وعن الطريقة التي يتم من خلالها التكفل بالشخص الذي يقصد المركز، يضيف المتحدث " في الواقع أول عمل نقوم به مع الشخص المدمن، هو الاستماع إليه وإشعاره بالراحة التامة وجعله يثق في طاقمنا الطبي، حيث نقنعه أننا لا نحاسبه عن السبب الذي جعله يقبل على تناول هذه المادة السامة، وإنما نحفزه ونمنحه الأمل في إمكانية الشفاء". ويضيف قائلا: » ولأن المدمن على المخدرات لا يمكنه التوقف عن استهلاكها بين ليلة وضحاها، فإن العلاج ينبغي أن يأخذ كل وقته، حيث نبدأ بمنحه مشروبا عشبيا يساعده على التحكم في حالات التوتر والقلق والاضطراب والصداع الذي يصيبه، جراء التوقف عن تناول المخدر وبعد فترة يأتي دور الرياضة التي تنشط دورته الدموية وتساعده على طرد المواد السامة من جسمه وتملأ وقت فراغه، لأنه لا يخفى على الجميع أن البطالة والمشاكل الاجتماعية وضعف الإيمان، عوامل تدفع بالشباب إلى عالم الإدمان من اجل الهروب من الواقع المعيش، لنصل في آخر المطاف إلى الماء كعلاج يساعد هو الآخر على تصفية الجسم من تراكم المواد السامة بالجسم". ويعلق المتحدث » إذا لاحظتم فإننا نعتمد على العلاج الطبيعي الذي يعطينا نتائج مضمونة ولكن على المدى الطويل«.
الإدمان يفتك بالذكور أكثر من الإناث ولأن أبواب المركز مفتوحة لجميع الشرائح العمرية، يقول الطبيب بلهندوز » لاحظنا بأن هناك زيادة في عدد المدمنين على استهلاك المخدرات، خاصة القنب الهندي، فالمركز يستقبل يوميا أربع حالات هي في اغلب الأحيان لذكور، وبناء على الإحصائيات المسجلة من نهاية سنة 2008 إلى غاية فيفري 2009، تم استقبال 155 شاب بين مدمن ومتعاط، فيما قدر عدد الإناث ب 2 بالمئة، بينما سجلنا من شهر فيفري 2009 إلى غاية اليوم ثماني حالات لفتيات تتراوح أعمارهن بين 19 و 22 سنة، دفعت بهن الظروف الاجتماعية إلى دخول عالم الإدمان، ولعل من أهم هذه العوامل الهروب من البيت والاحتكاك برفقاء السوء«. وعن الحالات التي تم التكفل بها يكشف ذات المصدر مساعدة 3000 حالة على الخروج من دوامة المخدرات وذلك خلال الخمس سنوات الماضية. ويضيف » المركز في بعض الأحيان يقف عاجزا عن متابعة بعض الحالات التي تتطلب تكفلا صحيا، خاصة من الذين يدمنون على أنواع أخرى من المخدرات شديدة الخطورة كالهروين والكوكايين، حيث يتم إرسالهم إلى مركز العلاج فرانز فانون البليدة، كما شهد كذلك مركزنا ضعف بعض الأشخاص المدمنين وعدم قدرتهم على متابعة العلاج، حيث يعودون إلى الإدمان من جديد، لأنه لا يخفى على الجميع أن الرغبة في الشفاء تتطلب إرادة كبيرة من المدمن وإيمانا بالشفاء، وإلا فلا فائدة من العلاج، وهو ما يعمل المركز على ترسيخه عند المقبلين عليه«.