يسجل التلفزيون العمومي الجزائري حضورا لافتا في المنافسة الرمضانية لهذا العام، بعملين دراميين مميزين، هما "الدامة" و"عين الجنة"، وإذ بهما كُسرت الصورة النمطية المأخوذة عن مؤسسة شارع الشهداء، وقد حققت مشاهدات قياسية على منصة "اليوتوب"، لم تكن منتظَرة من لدن المتابعين والمختصين قبل الجمهور. ودخل الإنتاج التلفزيوني العمومي الجزائري، المراطون الرمضاني أمام أعمال قنوات تلفزيونية خاصة، سبق لها أن حققت مشاهدات عالية في المواسم الرمضانية السابقة، مثل ما فعلت قناة "الشروق" بمسلسل "أولاد لحلال"، أو "بابور اللوح". وخاضت المؤسسة العمومية للتلفزيون بذلك تجربة ناجحة قادها مسلسل "الدامة" للمخرج يحيى مزاحم؛ بتسجيل أكثر من مائة مليون مشاهدة. كما نال شهادة إيجابية من قبل النقاد، والوسط الفني عموما. ورغم أنه لم يستعن بدعاية جيدة أو ملصق جذاب، إلا أن مسلسل "الدامة" يحقق، حاليا، تفوقا في تصويت جوائز الدراما العربية. ومن جهة ثانية وهو أمر يؤسف عليه التعتيم الإعلامي الذي طال المسلسل الدرامي "عين الجنة" للمخرج كريم موساوي رغم مستواه العالي، واستجابة العمل لضوابط العملية الدرامية التلفزيونية. وتمكنت المؤسسة العمومية للتلفزيون من تقديم أعمال تحاكي الواقع المعيش. وقد تناولت مواضيع الفساد، والجرائم المتعلقة بتهريب الذهب والآثار بشكل مسلسل، ووفقا لقصص متناسقة. وظهرت احترافية المخرجين من الناحيتين التقنية والفنية، ولا سيما في اختيار الممثلين؛ إذ اكتُشفت مواهب شابة بالمناسبة؛ من شأنها أن تكون لها مكانة في المستقبل، أو في الأعمال الدرامية القادمة. ويبدو أن المؤسسة فهمت شغف الجمهور الذي يريد مشاهدة أعمال تشبهه، وتحكي راهنه بسلبياته وإيجابياته، وواكبت التطور الفني الحاصل في العالم ولو بخطوات؛ فالعمل لايزال متواصلا لبلوغ درجة عالية من الجودة، لكنها، على الأقل، كسرت الصورة التي رُسمت لها، واحتكرت الشاشة الرمضانية لعام 2023. جدير بالذكر أن الأعمال الكوميدية لم تكن في مستوى تطلعات جمهور التلفزيون العمومي الجزائري؛ إذ لم نشاهد أعمالا مميزة من مستوى "البطحة"، أو "عايلة شوك" على سبيل المثال؛ لذلك على التلفزيون أن يفكر في هذا اللون الفني، لكسب جمهور أكبر. كما إن الجزائريين في رمضان يرغبون في مشاهدة مسلسلات ساخرة.