أبرمت المديرية العامة لمؤسسة "ارسيلور ميتال عنابة" مع ممثلي العمال عقد شراكة ينهي الخلافات التي كانت قائمة بينهما، من خلال تأكيد التزام كل طرف في رفع أداء المؤسسة وتحسين مستواها من جهة وضمان زيادة مدروسة في الأجر القاعدي والعلاوات بنسبة 35 بالمائة من جهة ثانية، مع التأسيس للجنة أخلاقية مهمتها متابعة مختلف الصفقات والسهر على ضمان الشفافية في تسيير العمليات الفرعية التي تقوم بها المؤسسة. وقد ثمّن السيد فانسون لوجويك الرئيس المدير العام لهذه المؤسسة الرائدة في إنتاج منتجات الحديد والفولاذ في ندوة صحفية عقدها أمس بفندق "شيراتون" بالجزائر هذا العقد الذي وصفه بحجر الزاوية الذي سيعيد بعث مركب الحجار للحديد والصلب على أسس صحيحة، تقوم على النجاعة في الأداء من خلال التزام جميع الأطراف برفع قدرات المؤسسة، التي لازالت لم تستغل حسبه بشكل كامل، نافيا وجود أية نية لدى الإدارة لتسريح العمال. وفي حين تجنب السيد لوجويك الخوض في الجانب الخاص بالأجور في إطار العقد الذي تم إبرامه مؤخرا، مكتفيا بالقول أن المديرية العامة اتفقت مع شريكها الاجتماعي على تخصيص غلاف مالي محدد، لتأهيل وترقية بعض المهن الحساسة داخل المؤسسة، كشف ممثل العمال السيد اسماعيل قوادرية الذي حضر الندوة الصحفية أن نسبة الزيادة المتفق عليها في إطار العقد الممتد إلى غاية نهاية 2010، تصل إلى 35 بالمائة، وتشمل زيادات في الأجر القاعدي وفي نظام العلاوات والمنح. كما تنص بنود الاتفاق أيضا على تشكيل لجنة أخلاقية مهمتها متابعة سير الصفقات وخاصة تلك المتصلة بعمليات المناولة وتسيير فروع المؤسسة، وتضم هذه اللجنة التي يرأسها الرئيس المدير العام إطارات وممثلين عن العمال، وتحرص على ضمان اكبر قدر من الشفافية في تسيير مختلف العمليات التي تجريها المؤسسة. ولدى تطرقه إلى تأثيرات الأزمة العالمية على مجمع "ارسيلور ميتال" العالمي، أوضح السيد لوجويك أن الطلب على مادة الحديد تراجع في العالم بنسبة تتراوح بين 10 و15 بالمائة وتصل إلى مستوى 25 بالمائة من حيث الطلب الظاهري الذي يأخذ بعين الاعتبار ضرورة التخزين، غير أن السوق الجزائرية لم تتأثر بهذا التراجع على اعتبار أنها سوقا واعدة، ومستوى الطلب فيها كبير بفضل مشاريع البناء التي تتطلب تموينا كبيرا بمادة الحديد، كما أن المؤسسة لم تتأثر بالأزمة، لأنها تمون مركبها بالحجار انطلاق من محاجرها الواقعة بالونزة وبوخضرة، مشيرا في المقابل إلى أن بعض المشاكل التي اعترضت أرسيلور ميتال عنابة لها علاقة بأزمة مادة الإسمنت، وكذا تراجع الأسعار بفعل المنافسة التي فرصتها عليها بعض المؤسسات المسوقة للحديد بالمنطقة المتوسطية. وأكد المتحدث أن مؤسسته تمتلك عدة امتيازات بالجزائر على اعتبار أنها تعمل منذ 8 سنوات بإمكانيات وقدرات غير مستغلة بشكل كامل، كما تمتلك شبكة توزيع واسعة تضم 10 محطات توزيع عبر التراب الجزائري، وتعمل في سوق تتطور بشكل ايجابي وبالتالي فلا مناص لها من استغلال كل هذه الامتيازات والفرص وتتويجها برفع مردودها من خلال إستراتيجية النجاعة، مقدرا بأن مستوى الإنتاج الحالي الذي بلغ 1,3 مليون طن في 2007، يعتبر متواضعا بالنظر إلى عدد العمال الذي يصل إلى 7000 عامل. وحول سؤال عن الإجراءات الجديدة التي وضعتها الحكومة من اجل تنظيم الاستثمار ومدى تأثيرها على المشاريع الجديدة التي تعتزم "ارسيلور ميتال" تجسيدها بالجزائر، اكتفى السيد لوجويك بالقول أن مثل هذه الإجراءات التي قد يكون لها تأثير على الاستثمارات تناقش على مستوى إدارة المؤسسة الأم، موضحا في سياق متصل بأنه بالفعل سبق للمجمع أن أعلن عن نيته في فتح مركب جديد بجيجل، غير أن تأخر هذا المشروع الذي سيسمح برفع إنتاج المؤسسة بالجزائر لا يمكن ربطه حسبه بالإجراءات القانونية وإنما بالأزمة المالية العالمية، التي تستدعي اختيار التوقيت الملائم، وتفرض التريث إلى غاية اتضاح الرؤية بشكل تام قبل بعث أي مشروع جديد. وتوقع نفس المسؤول أن يصل إنتاج المؤسسة مع نهاية سنة 2009 إلى 750 ألف طن من الفولاذ، مذكرا بأن تراجع الإنتاج خلال العام الماضي إلى مستوى 650 ألف طن، مرده إلى الحوادث الثلاث التي عرفها المركب، والمتمثلة في انفجار فرنين للتحويل، والعطل الذي أصاب أحد الأفران الرئيسية، معلنا بالمناسبة عن برنامج استثماري بقيمة 12 مليون دولار شرعت فيه المؤسسة لتعزيز قدرات الإنتاج باقتناء ثلاثة أفران تحويلية، منها فرنين تحويليين بطاقة 85 طنا والآخر بطاقة 60 طنا، يرتقب استقدامهما قبل شهر مارس القادم. وعن طموحات المؤسسة في التصدير إلى الخارج، أوضح السيد لوجويك أن هذا الأمر لايمكن طرحه في الوقت الحالي على اعتبار أن السوق الجزائرية لازالت خصبة، وحصة "أرسيلور ميتال" فيها لاتمثل سوى 25 بالمائة، بالرغم من كونها المؤسسة الوحيدة في مجال الإنتاج والتوزيع، مؤكدا بأن الأولوية بالنسبة للمؤسسة هي تموين السوق الجزائرية إلى حد تحديد الاكتفاء.