"الشعر في حياة الإنسان الثقافية بجانت"، كان عنوان المحاضرة التي قدمها الباحث في تراث "ايموهاغ" الشعري والتاريخي، يوسف أوقاسم، مؤخرا، بالمكتبة الوطنية الجزائرية، حيث تناول مختلف الجوانب التي ميزت هذه المنطقة الحضارية، وجعلت الإنسان فيها يبدع ثقافة وفنا وشعرا وغناء وأسلوب حياة. توقف الأستاذ أوقاسم عند المراحل التاريخية الأربع للثقافة في المنطقة، التي تعود إلى ما يزيد عن ثمانية قرون قبل الميلاد. وقد ظهر الفن والرقص وكتابة "التيفيناغ" في مراحل متقدمة، تدل على أن الشعر رافق الإنسان الأول، معرجا على الأشكال الشعرية وارتباطها بالمناسبات والسياقات الثقافية والاجتماعية، وترافق الإنسان في كل مراحل حياته، ومنذ الأسبوع الأول لميلاده، حيث يعيش بلا اسم، لكن تكون له قصيدة خاصة به، في جو الأفراح التي يعيشها ضمن العائلة وإيقاعات "تيندي". وبالإصافة إلى ذلك، فهناك المناسبات الاجتماعية المختلفة، التي تستدعي حضور الشعر في تفاعل اجتماعي بين مختلف الأطراف في العائلة والحي والسوق وفي السفر والحرب والسلم والمناسبات الدينية، وفي الطقوس المختلفة. أشار الباحث، حسب ما نقله الدكتور عاشور فني، إلى مكانة آلة "إمزاد" المرموقة في ثقافة "ايموهاغ"، حيث المرأة تعزف والشاعر يلقي قصائده، ومنها ألحان فاخرة تعبر عن لحظات الشعر المقدسة. وعرج على تظاهرة السبيبة المعروفة في المنطقة، والتي تعبر عن منافسة شعرية وجمالية بين القصرين الشهيرين في جانت "زلواز" و«الميزان". وهي التظاهرة التي لم تنقطع إلا بمناسبة واحدة، هي وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين. وتلت ذلك، تدخلات الحاضرين التي أضافت الكثير، وبينت اهتماما حقيقيا بالموضوع، وهو الشعر في حياة "ايموهاغ". وفي المناقشة، طرحت اسئلة تتعلق بالأشكال والأغراض الشعرية، وارتباطها بالحياة الثقافية وعلاقتها بالشعر في المناطق المختلفة من الجزائر.