لم يستبعد الوزير الأول العراقي نوري المالكي بالعاصمة الأمريكيةواشنطن أمس بقاء وحدات المارينز في بلاده حتى بعد نهاية عام2011، السنة التي حددتها الاتفاقية الأمنية الموقعة بين واشنطن وبغداد نهاية نوفمبر الماضي لبقاء القوات الأمريكية في العراق. وقال المالكي في محاضرة ألقاها بمعهد السلم بالعاصمة الأمريكية أن الاتفاقية الأمنية بين العراق والولاياتالمتحدة ينتهي سريان العمل بها نهاية السنة، ولكن إذا استدعت حاجة القوات العراقية لتكوين إضافي أودعم ميداني فإنه بإمكاننا أن نبحث المسألة مع الإدارة الأمريكية بحسب الاحتياجات العراقية في الميدان الأمني. وتناقض هذه التصريحات تأكيدات سابقة للوزير الأول العراقي الذي ما انفك يكرر أن القوات العراقية بإمكانها تحمل مسؤولياتها الأمنية في رد على الانتقادات التي رافقت عملية الانسحاب الأمريكي من المدن العراقية نهاية الشهر الأخير والتي أجمعت على القول أن الجيش وقوات الأمن العراقية تفتقد للجاهزية اللازمة التي تؤهلها من الاضطلاع بمهمتها الأمنية أمام مقاومة أعادت ترتيب أوراقها وكيّفت طرق عملياتها مع مستجدات الوضع الميداني. كما أن تصريحات المالكي ذهبت إلى نقيض تصريحات الرئيس الأمريكي باراك اوباما الذي ما انفك يؤكد هو الآخر على حرصه على اتمام انسحاب قوات بلاده من العراق وفق الرزنامة المتفق عليها بنهاية سنة 2010 والابقاء فقط على وحدات تدريب وإسناد تغادر هي الأخرى هذا البلد عاما بعد ذلك. وكان الوزير الأول العراقي الذي يقوم بأول زيارة إلى الولاياتالمتحدة منذ وصول الرئيس باراك اوباما إلى البيت الأبيض التقى أمس بوزير الدفاع الأمريكي روبيرت غيتس الذي قدم له عرضا مطولا حول الاحتياجات العسكرية العراقية. وجعلت الناطق باسم البنتاغون جيوف موريل يؤكد أمس أن العراقيين لديهم احتياجات كبيرة وهم لا يتوانون في التعبير عنها والإفصاح عما يريدون. وقال المالكي بعد لقائه بغيتس أن النجاحات التي حققتها القوات العراقية على أرض المعركة من شأنها ان تدفع إلى مزيد من التعاون في جميع الميادين مع الولاياتالمتحدة، مؤكدا رغبة بلاده في تعاون عسكري وثيق مع البنتاغون في جميع مجالات التعاون الممكنة. ولكن الود الذي طبع هذه التصريحات لم يدم طويلا بعد الانتقادات التي وجهها المالكي لمسؤولين في أجهزة المخابرات الأمريكية الذين أجروا اتصالات مع قيادات في المقاومة العراقية لبحث مطالبها وإمكانية التفاهم حول إشراكها في العملية السياسية العراقية. ولم يخف المالكي تذمره من هذه الاتصالات أمام الرئيس اوباما إلى درجة جعلت وزيره للخارجية هوشيار زيباري يؤكد على "صدمة" أصيبت بها حكومته بعد علمها بتلك الاتصالات. وتسربت مؤخرا معلومات حول لقاءات تمت شهر مارس الأخير بمدينة اسطنبول التركية جمعت قيادات أمريكية وممثلين عن حركة المقاومة العراقية بمدينة بوساطة تركية. ولم يخف المالكي أمس، إثارته لهذه القضية مع الرئيس الامريكي الذي أكد له أن الحكومة الأمريكية سوف تتعامل مع هذه المجموعات المسلحة بشروط. وقال المسؤول العراقي انه حصل على تطمينات من اوباما بأنه سوف لن تكون هناك اتصالات أمريكية أوممثليها مع من اسماهم ب "القتلة" في إشارة إلى تنظيمات المقاومة العراقية. يذكر أن الولاياتالمتحدة الراغبة في تفعيل العملية السياسية المعطلة في العراق لم تتوان في إشراك عدة أطراف وحركات مسلحة عراقية في العملية السياسية من خلال إقناعها بضرورة وضع السلاح والانضمام إلى المسار السياسي للحكومة العراقية. وكانت الخلافات بين بغداد وواشنطن طفت إلى السطح بخصوص فشل حكومة المالكي في إعطاء دفع لعملية المصالحة السياسية بعد ان جهر جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي خلال زيارته الأخيرة إلى بغداد أن بلاده ستكون مرغمة على رفع يديها من العملية السياسية في حال عجزت الحكومة العراقية في إصلاح ذات البيت بين الطائفتين الشيعية والسنية وهو ما أثار حفيظة السلطات العراقية والتي أكدت أنها لا تتلقى دروسا من أية جهة في رد لاذع على تصريحات الرقم الثاني الأمريكي.