* الخريطة الأثرية.. أولوية وطنية وعملية استعجالية * العمل على إدراج التراث الثقافي المغمور في مفهوم الاقتصاد الأزرق دعت وزيرة الثقافة والفنون صورية مولوجي، إلى وضع خطة وطنية تنفيذية في مجال البحث، وتحديد المؤشرات، والنقاط المرجعية؛ لتأطير الحماية والتثمين وفقا لمبادئ ومرجعيات اتفاقية 2001، المتعلقة بحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، وذلك عبر تطبيق مناهج البحث والاستكشاف الحديثة، فضلا عن وضع الخريطة الأثرية للتراث المغمور بالمياه، كأولوية وطنية، وعملية استعجالية لاستكمال الخريطة الأثرية الوطنية الشاملة. خلال إشرافها على انطلاق أشغال ملتقى الجزائر الدولي للتراث المغمور بالمياه، أمس الإثنين، بقصر الثقافة "مفدي زكريا"، أهابت مولوجي بكل الفاعلين، ضرورة العمل على إدراج التراث الثقافي المغمور بالمياه في مفهوم الاقتصاد الأزرق، الذي يهدف، أساسا، إلى التطوير المستدام في التنمية الاقتصادية للجزائر، لا سيما في قطاع النشاطات البحرية، وريادة الأعمال، والبحث، والابتكار. وذكرت أن قطاعنا الوزاري بتوجيهات مباشرة من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يبذل قصارى جهده لحماية التراث الثقافي الوطني، خاصة أنه كثيرا ما يتعرض لمحاولات النهب، والاتجار غير المشروع. وفي إطار هذه العناية الرفيعة، حثت مولوجي كل الفاعلين في المجال، على تفعيل وتسهيل جميع الإجراءات اللازمة للشروع في العمل الميداني بالتنسيق مع كل القطاعات والهيئات ذات الصلة؛ قصد وضع الآليات المناسبة لحماية هذا الإرث، وتثمينه وفق ما تنص عليه المرجعيات القانونية والاتفاقيات المبرمة، قائلة: "إن تنفيذ اتفاقية عام 2001 يهدف أيضا، إلى ضمان مساهمة التراث الثقافي المغمور بالمياه، في تجسيد الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة؛ كونه جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي للبشرية، ومكوّناً أساسياً لنظم إيكولوجية مائية محددة. ويرتبط ارتباطاً مباشراً بأهداف الأممالمتحدة للتنمية المستدامة". كما تحدّثت الوزيرة عن مجال البحث في التراث الثقافي المغمور بالمياه في الجزائر خلال السنوات الأخيرة، مؤكدة أنه عرف تطورات ملموسة من حيث المفاهيم الكبرى التي تؤطر مناهج البحث، والاستكشاف الميداني، والتكنولوجية المستعملة في مختلف مراحل الاستقصاء، والصون والتثمين. وزادت أن الجزائر أولت اهتماما خاصا بهذا الإرث الثقافي، فمباشرة بعد المصادقة على اتفاقية 2001، عُيّنت قيادة القوات البحرية الجزائرية (وزارة الدفاع الوطني)، بوصفها الجهة المخولة باستلام المعلومات المتعلقة باكتشاف التراث الثقافي المغمور بالمياه الموجود في المنطقة الاقتصادية الخالصة. وتوقفت الوزيرة مولوجي عند ملتقى الجزائر الدولي الأول حول "التراث الثقافي المغمور بالمياه" . وقالت إن يوم 26 فيفري يصادف تاريخ مصادقة الجزائر على اتفاقية منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" 2001، والمتعلقة بحماية التراث الثقافي المغمور بالمياه والمؤرخة في 26 فيفري 2015، مشيرة إلى الهدف منه، وهو البحث، إلى جانب مقاربات الحماية والتثمين عن آليات ناجعة؛ قصد بلورة تصوّر استشرافي، ومخطَّط وطني عملياتي وفقا للمرجعيات الدولية المعمول بها والمنسجمة مع نفس الاتفاقية. وذكّرت الوزيرة بالعمل والتنسيق الذي تقوم به الجزائر مع منظمة "اليونسكو" ؛ حيث احتضنت في 28 أكتوبر 2019 أول اجتماع استثنائي خارج مقر المنظمة للمجلس الاستشاري والعلمي والتقني للاتفاقية برئاسة الجزائر؛ كتكملة لأشغال الدورة العادية لنفس السنة. كما جرت في أوت 2022 أول عملية بحث واستكشاف ومسح أثري دولية مشتركة في أعالي البحار، تحت لواء "اليونسكو"، بمشاركة الدول التي عبّرت عن اهتمامها بهذا الإرث المشترك، وفي مقدمتها الجزائر، وتونس، وإيطاليا، وفرنسا وغيرها من الدول. وعرفت هذه البعثة العلمية رفيعة المستوى، مشاركة الجزائر بباحثين من المركز الوطني للبحث في علم الآثار، والذي كان سبق له تسجيل مشروع بحث وطني، لإعداد الخريطة الأثرية الوطنية للتراث الأثري المغمور بالمياه. ومن جانبه، ثمّن مدير المكتب الجهوي لليونسكو السيد إيريك فالت، هذا الملتقى، الذي يعكس مدى اهتمام الجزائر بهذا الجانب، وتعاونها مع منظمة اليونسكو. وحيّا وزارة الثقافة والفنون وخبراءها، الذين يعملون على تثمين وحماية التراث المغمور، متوقفا عند القوانين والبروتوكولات والآليات التي تراقب وتحمي هذا التراث. وركز على ثلاث اتفاقيات مهمة تبنّتها الدول، منها تلك المتعلقة بحماية التراث أثناء الكوارث والحروب، وهي من ركائز عمل وتحرك اليونسكو. المتحدث نوّه، أيضا، بدور الجزائر، والتزامها في ما يخص التراث المغمور منذ اتفاقية 2001. وتطرق، بالمناسبة، لخمسة محاور كبرى في هذا المجال؛ منها جرد المواقع الأثرية تحت الماء وتوثيقها، ثم التحسيس بهذا التراث، وتوعية الجمهور لإشراكه في حمايته، وكذلك الحماية القانونية بوضع جملة من التشريعات، ثم محاربة المعتدين على هذا التراث، والسماسرة والمخربين، وكذا التعاون الدولي، خاصة بين دول حوض المتوسط، مع تعزيز التعاون التقني والتسييري. وبدوره، قدّم الخبير الدولي البروفيسور منير بوشناقي، محاضرة افتتاحية عن اكتشاف الميناء القديم بتيبازة؛ من خلال علم الآثار تحت المائي، أكد فيها أن اتفاقية لاهاي سنة 1954 سبقت اتفاقية اليونسكو، مشيرا إلى أنه شارك في بروتوكول لاهاي التطبيقي الثاني عندما كان في اليونسكو في نهاية التسعينيات. ثم تطرق لاتفاقية 1970 التي تناولت حماية التراث المغمور، وتقنيات الغوص، ثم اتفاقيات أخرى، منها اتفاقية البندقية.