فقدت الساحة الفنية الجزائرية مؤخرا أحد أبرز أصواتها القوية واللمعة التي استطاعت أن تفرز لنفسها مكانا متميزا في زحمة الموجود، ذلك هو ابن باتنة البار صاحب الصوت القوي والمتمكن الفنان " كاتشو" الذي غادرنا مساء الأربعاء 12 أوت الجاري اثر حادث مرور. ولد الفنان كاتشو واسمه الحقيقي علي نصري في 1963 بمدينة باتنة التي يقطن بها، انحداره من عائلة فنية جعله يختار طوعا طريق الفن ليصدر ألبومه الأول في 1987 بعنوان "بابور الروح"، وعكس المتوقع لم يحقق هذا الألبوم الأول النجاح المطلوب ولم يستطع تجاوز حدود مسقط رأس الفنان، لكن الأمور سرعان ما تغيرت بعد صدور ألبومه الثاني " نوارة" الذي حقق نجاحا جماهيريا كبيرا ليذيع صيت الفنان ليس فقط على المستوى الوطني بل وحتى على المستوى الخارجي لاسيما في المغرب تونس و كذا فرنسا، ليسطع نجمه أكثر خلال سنتي 1992 و1993 خاصة بعد تعاونه مع فرقة "تازير" التي تمكن بمساعدتها من إبراز قدراته الصوتية والفنية. ينتمي الفنان الراحل الذي عرف بالتزامه وأخلاقه السامية إلى جيل حافظ على الموروث الموسيقي الشاوي مع إدخال آلات عصرية الشيء الذي ميزه عن غيره من مؤدي هذا النوع الغنائي، كما انه من مطربي الشاوية الذين يؤدون باللغة العربية و في هذا الإطار أكد الراحل في العديد من التصريحات أنه اختار الغناء باللغة العربية علاوة على غنائه بالشاوية للمساهمة في انتشار الأغنية الشاوية وإيصالها إلى أكبر عدد من الجمهور، رافضا أن يكون لغنائه بالعربية علاقة بقضية الهوية، مضيفا أن الهوية مسألة في القلب وليس من الضروري أن تظهر في الصورة. كما عرف الفنان الراحل بالعديد من مواقفه لاسيما إزاء الوضع الذي آلت إليه الأغنية في الجزائر وكذا معاناة الفنان الجزائري، حيث كان يعتبر الأغنية الجزائرية عامة والشاوية خاصة تعيش عصر الانحطاط والرداءة، كما كان يعيب على الجيل الجديد من مؤدي الأغنية الشاوية عدم حفاظه على أصالة الطابع وعلى القواعد التي يقوم عليها كل طابع موسيقي. كما عرف الفنان بوقوفه في وجه السرقات الفنية وضياع حقوق المؤلف وضعف دور الديوان الوطني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، لاسيما بعد تعرض أغنيته "نوارة" للسطو من طرف العديد من الفنانين، ودعا إلى ضرورة وجود لجنة مختصة في الرقابة تملك قرار إعطاء الحق في الغناء من عدمه، كما كان يرفض طغيان المادة على الفن مؤكدا في مختلف تصريحاته أن الفنان الذي يساومه المنتج في فنه ويفرض عليه ما يؤديه لا يستحق لقب فنان، لأن الفنان أمام مسؤوليات كبيرة تجاه ثقافته، وكان كاتشو يصر دائما على ضرورة تقديم الفنان إبداعا خاصا لأن الاعتماد على الموروث فقط تقصير حيث هذا الأخير سينفذ لا محالة. للفنان الراحل سبعة ألبومات من بينها "أنا واش أداني"، "حي دمي دمي"، "نوارة"، "بابور الروح"... وكان قد أدى فريضة الحج في عام 2005 وهو ما جعله شبه معتزل لعالم الفن... حيث قلل من طلعاته الفنية، وكان آخر ظهور لكاتشو بمهرجان جميلة بولاية سطيف وذلك سهرة ال10 من أوت الجاري أي قبل يوم من وفاته. وبرحيله يضاف الفنان لقائمة الفنانين الجزائريين الذين غيبتهم حوادث المرور على غرار الفنان دحمان الحراشي، سمير السطايفي، كمال مسعودي،... عليهم رحمة الله ورضوانه.