تكتسي المساجد مع دخول شهر رمضان الكريم حلة جديدة، إذ تتزين بالأضواء الملونة وتنظف الزرابي وتعطر ويتم إعداد برنامج ثري من الدروس، التي تتمحور في مجملها حول كل ما له علاقة بالصيام والسيرة النبوية الشريفة، وذلك من أجل استقبال التدفق الهائل للناس من مختلف الشرائح العمرية، الذين يعطون هذا الشهر الفضيل اهتماما خاصا، فهو خير من ألف شهر. ولمعرفة طبيعة الدروس التي يتم إعدادها لهذا الشهر ومحتواها، قمنا بزيارة بعض المساجد، وكانت البداية من المسجد الكبير، حيث التقينا السيد رضا مسؤول بالمسجد، فقال أن نشاط المساجد يتمحور خلال شهر رمضان حول تكثيف الدروس فيما يخص فقه الصيام، حيث يكثر الناس من الأسئلة حول كل ما له علاقة بالصيام، إلى جانب الإكثار من الدروس التوعوية والداعية إلى ضرورة حفظ النفس وتجنب الغضب والتبذير والكلام البذيء وضرورة قراءة القران والتحلي بأخلاق النبي المصطفى". ويضيف محدثنا انه إلى جانب وذلك وكما جرت العادة بالمسجد الكبير، يتم قراءة صحيح البخاري من أول رجب ليتم ختمه في ليلة السابع والعشرين، والعمل على تخصيص ثلاثة أيام في الأسبوع بعد صلاة الظهر وصلاة العصر، لتقديم الدروس التوجيهية والتحدث عن سيرة النبي وسلوكاته خلال رمضان.. كما يخصص وقت ما قبل صلاة التراويح لتقديم الدروس التي تأتي بمواضيع مختلفة تمس جوانب من حياة الناس وكل ما له علاقة بالتربية الروحية. ويشرف على تقديم هذه الدروس نخبة من الأئمة والأساتذة من المسجد، وآخرون يأتون من المساجد الواقعة بالبلديات المجاورة تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية، بغية المشاركة في توعية الناس وإرشادهم و تنبيههم لما لهذا الشهر من فضائل. وككل عام فإن المسجد يتميز بجو تنافسي، من خلال إقرار منافسة تخص حفظ القران الكريم، وهي مفتوحة لكل الشرائح العمرية، والهدف منها تحفيز الناس والشباب خاصة، على حفظ القران أو على الأقل قراءته، وهذه المسابقات لا تشمل الرجال فقط، بل تشمل النساء أيضا. وما ينبه إليه محدثنا ويعتبره من الأمور التي ينبغي على جميع المساجد العمل بها، لما فيها من فوائد تعود على الجماعة، القراءة الجماعية للقرآن والتي تسمى " الحزب الراتب "، إذ من شأنها مساعدة الكثير على حفظ القرآن عن طريق السمع، خاصة ممن يصعب عليهم قراءة أو حفظ القران، وهي الطريقة التي كانت معتمدة قديما في تحفيظ القرآن، لذا ينبه محدثنا.. ويشير محدثنا إلى انه تقليد يكاد يندثر وتأسف لذلك، حيث يتذكر أن شيخا يبلغ من العمر 65 سنة حفظ 15 حزبا من القرآن عن طرق السمع فقط. تركنا المسجد الكبير وقصدنا الجامع الجديد، للاطلاع على ما أعده من برامج لهذا الشهر الكريم، وقد كشف السيد رابح زرقين إمام بالجامع الجديد - ل"المساء" - أن هذا المسجد يعد من أهم المعالم الأثرية، ويقصده عدد كبير من المصلين، أما ما يميزه خلال هذا الشهر فهو تخصيص الأشهر الثلاثة لقراءة صحيح البخاري، وهي رجب وشعبان ورمضان، وذالك قبل صلاة العصر، ليختم في ليلة السابع والعشرين، إلى جانب تخصيص وقت من اجل شرح الأحاديث التي يصعب فهمها بالاعتماد على السرد، فحتى وان لم يفهم المستمع فإنه يصلي على النبي، وهذا كاف ليربح به الأجر، وهذا يعني أن الفائدة في جميع الأحوال موجودة، يقول محدثنا. من جهة أخرى، يتم التركيز خلال شهر رمضان على تعليم القرآن الكريم و أحكام التلاوة، كالتجويد، إلى جانب تفسير القرآن والبحث بالتفصيل في "دروس الرقائق"، وهم الصحابة وكيف كانت حياهم ومعاملاتهم، ولعل من أهم المواضيع التي يتم التركيز عليها في رمضان، كل ما له علاقة بالفقهيات، والذي يدخل في باب الصوم والصلاة والبيوع والوضوء...إلى جانب الإكثار من قراءة القرآن والذكر. وكغيره من المساجد ومن اجل تحفيز الشباب خاصة على البحث في دينهم، يقوم المسجد بإعداد مسابقة فكرية حول جميع الميادين فقه، تاريخ، حياة الصحابة... أما فيما يخص العشرة الأواخر من رمضان، فيؤكد محدثنا أنهم يحيون هذه الليالي كما كان يحيها الرسول الكريم إذ يلتقي المصلون على الثانية صباحا ليصلوا إلى غاية حلول موعد صلاة الفجر. من جهة أخرى، يشرف على عملية إلقاء الدروس أئمة وأساتذة يعملون بالتناوب، وذلك لتغطية العدد الكبير من الناس الراغبين في فهم دينهم، لا سيما الذين يبدؤون الصلاة في رمضان. وللمرأة حقها من الدروس في رمضان وإذا كانت المساجد تعتني بإعداد برنامج متنوع للرجال خلال رمضان، فإن للنساء حقهن أيضا في التفقه في أحكام دينهن، وهو ما لمسناه عند زيارتنا لأحد المساجد الواقعة ببوزريعة، حيث كشفت واحدة من معلمات القرآن بالمسجد، أنه على الرغم من ضيق وقت المرأة في رمضان، إلا أنها تصر على زيارة المسجد بغية السؤال عن أمور الدين والاستفسار عن بعض الآيات القرآنية التي يصعب عليها فهمها، إلى جانب الرغبة في الاطلاع على سيرة النبي وحياة الصحابة، ولهذا الغرض تضيف محدثتنا تم تخصيص حلقات مرتين في الأسبوع تتمحور مواضيعها حول أحكام الصلاة والوضوء والصيام... إلى جانب قراءة بعض الآيات القرآنية يوميا، ولأن الوقت قصير تم تقسيم النساء المقبلات على المسجد إلى فريقين. ومن اجل تحفيز النساء على قراءة القرآن برمجت مسابقة لحفظ القرآن.