في إطار دبلوماسية تعقب الخطى بين بلاده وإيران وصل أمس وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إلى بغداد ثم دمشق في محاولة لإقناع سلطات البلدين لطي خلافاتهما التي تعكرت أجواؤها مؤخرا على خلفية أمنية تبعتها اتهامات حادة قد تؤدي إلى قطيعة نهائية. وتبدو مهمة أوغلو صعبة على الأقل في ظل الاتهامات التي تبادلتها العاصمتان أمس حاولت كل واحدة منهما اتهام الأخرى بإخفاء حقيقة أسباب تردي العلاقات بينهما على خلفية التفجيرات الدامية التي هزت قلب العاصمة العراقية الأربعاء الماضي وخلفت مقتل 100 شخص. وبدلا من تهدئة الأوضاع في سياق المساعي التركية اتهم الوزير الأول العراقي نوري المالكي أمس سوريا بفتح حدودها أمام مرور 90 بالمئة من المسلحين العرب الذين التحقوا بالمقاومة العراقية . وأصر المالكي على مطالبة سوريا تسليمها من تعتقد بلاده أنهما العقلان المدبران لتفجيرات الأربعاء الدامي ويتعلق الأمر بكل من محمد يونس الأحمد وسطام فرحان لمحاكمتهما. وتؤكد بغداد أن المطلوبين هما اللذان أعطيا الأمر بتنفيذ تلك العملية انطلاقا من الأراضي السورية. ولم يتأخر الرئيس السوري بشار الأسد في الرد على هذه الاتهامات ووصفها باللااخلاقية، وقال أن بلاده اتهمت وهي تستقبل 1,2 مليون لاجئ عراقي فوق أراضيها ولذلك فان هذه التهم لا أخلاقية وتحمل أهدافا سياسية كونها لا تستند لأي دليل. وقال المالكي ردا على تصريحات الأسد أن بلاده قدمت سنة 2004 قائمة بأسماء من تسميهم ب"البعثيين والتكفيريين" وعناوين إقامتهم وأدلة على أنشطتهم للسلطات السورية لاعتقالهم ولكنها لم تفعل مجددا مطالبه بتشكيل محكمة دولية لمحاكمة مجرمي الحرب في العراق. ولكن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري الذي كان يتحدث في ندوة صحفية مع نظيره التركي أكد أن المحكمة الدولية ليست موجهة ضد سوريا ولكن ضد كل من يتدخل في الشؤون الداخلية العراقية. وقالت مصادر على صلة بالمساعي التركية ان رئيس الدبلوماسية التركي اقترح على السلطات العراقية عدم رفع خلافها مع سوريا إلى أمام الأممالمتحدة من خلال مطالبتها بتشكيل محكمة دولية حول العراق واقترح بدلا عن ذلك عقد اجتماع طارئ بين وزيري خارجية البلدين بالعاصمة أنقرة من اجل تسوية الخلاف بصفة ثنائية. وكان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي سبق نظيره التركي إلى عاصمتي البلدين في إطار مساع مماثلة ولكن بخلفية صراع دبلوماسي خفي بين طهرانوأنقرة للعب دور إقليمي أكثر هيمنة وضمن محاولة متبادلة لغلق الباب أمام طموحات كل دولة للتقارب مع دول المنطقة العربية المنهكة جراء حالة التوتر واللاستقرار التي تشهدها المنطقة منذ عقود. ويبقى نجاح مهمة الوساطة التركية والإيرانية مرهونا بمدى قدرة كل عاصمة على تليين موقفي بغداد ودمشق المتنافرين. فبينما تؤكد سوريا لإعادة علاقاتها إلى سابق عهدها بضرورة تقديم بغداد لأدلة على اتهاماتها تصر بغداد من جهتها على ضرورة تسليم سوريا لكل المطلوبين الذين تصر على تواجدهم فوق التراب السوري.