قال الكاتب أديب بن عزي إنّه تطرّق في روايته "فوق الجزائر العاصمة، النجوم فقط" الصادرة عن دار النشر "البرزخ"، لتأثير الجزائر البارز على دول كثيرة عبر مختلف الحقب الزمنية، مضيفا خلال استضافته أوّل أمس بالمركز الثقافي الجامعي، أنّه سعِد بنهل الكثير من أحداث روايته هذه، والتي سبقتها، من تاريخ الجزائر العريق. تحدّث بن عزي في ندوة المركز الثقافي الجامعي، عن شغفه بالكتابة منذ طفولته؛ فهو يتذكّر كيف أنه كان يرافق والده إلى المكتبات، ويتناقش معه حول مختلف المواضيع بما فيها تلك التي تمسّ التاريخ الجزائري. أما عن والدته فقد كانت تطلب منه أن يصاحبها إلى المسرح الوطني الجزائري لمشاهدة عروض الأوبرا والبالي، فأصبح يمقت هذا النوع من الفن؛ لأنّه كان صغيرا ولا يتفهّمه، ليصبح بعد أن كبر مولَعا به، إلى درجة قدرته على سماع أربع ساعات كاملة في اليوم الواحد، الموسيقى الكلاسيكية. وأشار أديب إلى السلسلة التي يكتبها والتي نشر منها روايتين، تجتمع في عدّة نقاط، وهي بداية أحداثها بجريمة، وانتهاؤها في 8 مارس 2019، مع الإشارة إلى استمرارها لمدة تسعة أشهر. كما حدّد موضوعها عن الجزائر، وتأثير بلدنا على دول مختلفة من العالم. وأضاف أنّ الجزائر تزخر بزخم تاريخي مهم، كما أثّرت وماتزال تؤثر على دول عديدة، ممثلا بتأثيرها على المكسيك؛ حيث رافق جنود من منطقة القبائل نابليون الثالث إلى المكسيك، واستقروا هناك. وأصبح بعض ذريتهم متخصّصين في صناعة الحرف المزيَّنة بالرموز الأمازيغية. وكشف بن عزي عن إعجابه برواية مكتوبة باللغة الإنجليزية، تحدّث فيها صاحبها عن سيبيريا، وربط أحداثها بحقب تاريخية مختلفة؛ فقد اهتم بالتعرّف على دولة غريبة عنه، وبالعودة إلى تواريخ مختلفة، وهو ما جسّده في روايتيه الأولى والثانية في انتظار كتابته الروايتين المتبقيتين من سلسلته. كما قال إنّ كتابته في "الثريلر" أي الجنس الأدبي الذي يُعنى بالإثارة والسوسبانس الشديد طوال أحداث الرواية، خيارٌ اقتنع به كثيرا؛ فهو يحب الدفع بالقارئ إلى التفكير في زاوية، ما ليجد نفسه في موضوع مختلف تماما، ومع نهاية غير متوقّعة للرواية. ويحكي أديب في روايته عن حدوث جريمة قتل رعية أوكرانية في حي مالكي ببن عكنون؛ حيث يقطن الطيار جلال، الذي عاد إلى الجزائر بعد طلاقه من زوجته الروسية، علما أنّه كان يقطن ببريطانيا، فيقرّر جلال تحري أسباب الجريمة. وفي مساره هذا يكتشف العديد من الأسرار المتعلّقة به وبعائلته، وحتى ببلده. وتابع أنّ جلال تعلّم الطيران، وكان يجد سهولة في تطبيق التعليمات، إلاّ أنّ حياته لم تكن يسيرة أبدا أمام صمت والديه وقلّة، بل ندرة، حوارهما معه، وكان أيضا يشعر بأنّ هناك أمراً مفقوداً أو غريباً في علاقة والده الإمام بأمه الماركسية. وعن علاقة الكاتب بشخصية روايته قال إنّه رفقة جلال، يحبان السفر، علاوة على بحثهما عن أمور تتعلّق بوالديهما، بالإضافة إلى تحلّيهما بالشجاعة؛ طلبا للحقيقة. كما إنّ اختياره بعض الدول التي سافر إليها جلال بطل الرواية، لم يكن اعتباطيا؛ فكازخستان مثلا كانت تابعة للاتحاد السوفياتي سابقا، وكانت تشبه الجزائر في اتّباعها النظام الاشتراكي، وعانتا معاً من الحرب؛ الأولى من مخلّفات الحرب العالمية الثانية، والثانية من حرب التحرير، بالإضافة إلى علاقات بلدنا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وغيرها. وتناول في روايته الأخيرة أحداثا واقعية بنسبة 90 ٪، من بينها أنّ الجزائر كانت قِبلة للثوّار، وأنها رغم تبعيتها للإمبراطورية العثمانية إلاّ أنها كانت تضمّ على أرضها، سفارات دول أجنبية. كما خصّص للموسيقى حيزا كبيرا في روايته؛ من خلال تصور جلال بشكل عفوي، مشاهد موسيقية تأتيه بغتة، لا يدري سبب اقتحامها حياته مرة على مرة. وبالمقابل، تحدّث أديب عن الشروط اللازم توفرها لكي نحكم على رواية بأنها جيدة، وهي أن تكون ممتعة، وتعلمنا عدة أمور، وتدفع بنا إلى التفكير في مواضيع شتى.