يبدو أن مصر التي أخذت على عاتقها لعب دور الوسيط في الأزمة الداخلية الفلسطينية ستضطر مجددا إلى تأجيل موعد توقيع اتفاق المصالحة الشامل الذي كانت حددته في ال26 أكتوبر الجاري بعدما طلبت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إرجاء الموعد إلى وقت لاحق. وأجرى أمس وفد حركة حماس بقيادة الرقم الثاني في مكتبها السياسي موسى أبو مرزوق مباحثات مع الوسيط المصري الجنرال عمر سليمان مدير المخابرات تناولت إرجاء موعد التوقيع على اتفاق المصالحة الذي تسعى القاهرة إلى حمل الفرقاء الفلسطينيين على إبرامه في أقرب وقت ممكن من أجل وضع حد لحالة الانقسام التي تنخر البيت الفلسطيني منذ أكثر من سنتين. واكتفى سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس بالقول أن الأجواء في الوقت الراهن ليست مناسبة للتوقيع على مثل هذا الاتفاق. وكان من المفروض أن يلتقي ممثلو الفصائل الفلسطينية وفي مقدمتهم وفدا حركتي حماس وفتح بداية من الأسبوع القادم لاستكمال جولات الحوار التي شرع فيها في العاصمة المصرية القاهرة منذ أشهر على أن تنتهي بالتوقيع على اتفاق شامل ونهائي لاحتواء الأزمة الفلسطينية في ال 26 أكتوبر الجاري بحضور عربي ودولي مكثف. ولكن الأجواء تلبدت في آخر لحظة بسبب تداعيات قرار مجلس حقوق الإنسان تأجيل التصويت على تقرير لجنة تقصي الحقائق الدولية حول الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة والذي أعده القاضي الجنوب إفريقي ريتشارد غولدستون وأدان من خلاله إسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية. وهو التأجيل الذي تم بطلب من السلطة الفلسطينية مما وضعها في مأزق حرج حيث تعرضت لسيل من الانتقادات والاتهامات الداخلية والخارجية حملتها مسؤولية إضاعة فرصة من ذهب كانت متاحة من أجل مطاردة مجرمي الحرب الإسرائيليين عبر القضاء الدولي. غير أن حركة حماس التي تطالب بتأجيل التوقيع على اتفاق المصالحة حاولت طمأنة الوسيط المصري بأن التأجيل سيكون فقط لفترة مؤقتة إلى حين انقشاع الضباب الذي خيم على جهود المصالحة بسبب الضجة الكبيرة التي أثارها إرجاء التصويت على تقرير غولدستن. وجاء هذا التأكيد على لسان إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس في قطاع غزة الذي أكد عشية انتقال وفد الحركة إلى القاهرة أن المصالحة الفلسطينية قرار استراتيجي لا رجعة عنه. وقال هنية "أن ما حدث حول تأجيل مجلس حقوق الإنسان مناقشة تقرير لجنة تقصى الحقائق حول جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة حرك مشاعر الغضب على المستوى الحركي والشعبي". ودعا القيادة الفلسطينية في رام الله إلى "اتخاذ إجراءات سريعة من أجل استعادة حيوية المصالحة" التي تسعى مصر لتحقيقها وكانت في صدد وضع آخر اللمسات. تزامنا مع ذلك أنهى الموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل أمس سادس زيارة له إلى المنطقة في مسعى إلى تحريك عملية السلام المتعثرة منذ سنوات. والتقى الموفد الأمريكي بالرئيس الفلسطيني محمود عباس في لقاء لم يحمل أي جديد يذكر سوى الدعوة إلى لاستكمال المشاورات في واشنطن حول استئناف المفاوضات بمشاركة إسرائيل. وهي الدعوة التي وافقت عليها السلطة الفلسطينية حيث قال صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين "استجبنا للدعوة الأمريكية ولكننا على موقفنا من عدم استئناف المفاوضات لحين وقف الاستيطان وإيجاد مرجعية لعملية التفاوض". وأضاف "قدمنا للسيناتور ميتشل ملفا كاملا حول ما يدور في القدس وفي المسجد الأقصى ووضعناه في صورة وضع الإسرائيليين حجر الأساس لموقع استيطاني جديد في جبل المكبر في القدسالشرقية" وأشار إلى أن ما "يراه المواطن الفلسطيني على الأرض هو استمرار لذات السياسات الإسرائيلية من استيطان واعتداءات واقتحامات".