شكل موضوع سوق العقار بالجزائر، وبحث الآفاق والحلول الكفيلة بإعادة تنظيم وضبط هذا القطاع الحساس، محور الندوة التي نشطها خبراء وأخصائيون في الميدان، حيث تم التأكيد على ضرورة فسح المجال للمحترفين، والمعماريين ورجال القانون للمشاركة في ضبط النشاط العقاري بما يسمح بترقية القطاع. وأبرز نائب رئيس الفدرالية الوطنية للوكالات العقارية "فناي" السيد عبد الكريم عويدات في الندوة الصحفية التي حضرها أمس مختلف الفاعلين في سوق العقار، على هامش الصالون الدولي الثالث للسكن والعقار بنزل "الهيلتون"، مختلف المشاكل والمعوقات التي يعرفها القطاع كارتفاع أسعار الأوعية العقارية والمباني المخصصة للبيع أو الكراء، والتي تسببت -حسبه- في إحداث الفوضى والتلاعب بالعقارات، مع العلم أن القيمة الحقيقية لأي وعاء عقاري لا يتجاوز سعره 30 أو 40 بالمائة من القيمة التي يصرح بها بعض البائعين. كما أشار السيد عويدات إلى استحالة التحكم أكثر في أسواق التحويلات العقارية، بسبب النشاط غير السليم لبعض الوكالات العقارية التي يفتقد أصحابها للخبرة والتأهيل، وهو الأمر الذي جعلهم يعيثون فسادا في القطاع. وأوضح الناطق باسم الوكالات العقارية أن مشاكل السكن والعقار تمثل أكبر تحد يسعى المعنيون الى إيجاد الحلول الناجعة لامتصاصها، مشيرا إلى أن عدم توازن العرض مع الطلب زاد من حدة هذه المشاكل. ودعا عبد الكريم عويدات الى ضرورة تدخل الدولة لإعادة الأمور الى نصابها، وذلك من خلال سن القوانين والتشريعات المقيدة للأسعار فيما يخص البيع أو الكراء. وقال المتحدث إنه لطالما سعت فدرالية الوكالات العقارية لتغيير هذه السلوكات، ومحاولة ضبط النشاط العقاري الذي أضحى ملجأ لكل من هب ودب، على حد تعبيره. ومن جهته، تطرق المختص في القانون العقاري السيد هلال عشيقة إلى مجمل النصوص والقوانين التنظيمية التي تخص القطاع منذ الستينات كالاسترجاع القانوني للأراضي ذات السيادة الوطنية، وقانون التسوية العقارية 1962 - 1974 والمتضمن كيفيات الحصول على عقود الملكية المتنوعة، إضافة إلى قانون الأملاك الشاغرة الصادر في 6 ماي 1966، قانون التجمعات السكنية 27 سبتمبر 1967، وكذا قانون الاحتياطات البلدية 20 فيفري 1974 الذي ألحق الأوعية العقارية بالمصالح البلدية، قانون التوثيق 1988، قانون التوجيه العقاري... وأكد السيد عشيقة أن بعض هذه القوانين لا تزال سارية المفعول لحد الساعة رغم المستجدات والتطور الكبير الذي شهده سوق العقار بالجزائر، لاسيما مع بروز الوكالات العقارية التي أصبحت تشكل حلقة وصل بين المتعاملين في عمليات بيع وشراء أوكراء الأراضي والبنايات. وعلى هذا الأساس، دعا المختص في القانون العقاري الى ضرورة مراجعة هذه النصوص التشريعية وفق المعطيات الراهنة فيما يخص حالات عقود الملكية، عقود التوثيق فيما يتعلق بمعاملات البيع والكراء. ولاسيما وثيقة الاعلان عن العقار الشاغر التي تعلق استرجاع الأراضي. ومن جهة أخرى، وبخصوص إجراءات قانون المالية التكميلي 2009 لاسيما فيما يتعلق بقواعد مطابقة البنايات وإتمام انجازها، أكد السيد عشيقة أن هذه التدابير من شأنها إعادة تنظيم قطاع العقار، واستكمال انجاز المباني إضافة الى تصحيح بعض المعايير التقنية المعتمدة في البناء. وهو ما يعكس الشجاعة الكبيرة للمشرع الجزائري-حسب المتحدث- في استصدار مثل هذه القوانين. لاسيما أمام وضعية الفوضى المميزة لمعظم البنايات في الجزائر.