شدد المشاركون في اليوم الإعلامي حول الصحة في الجزائر الذي نظم مؤخرا بمجلس الأمة على أهمية مراجعة منظومة الصحة وتكييفها مع المعطيات الجديدة في ظل التغيرات الديمغرافية التي طرأت على المجتمع في السنوات الأخيرة، مع دعم وترقية التكوين لفائدة الأطباء وشبه الطبيين لمواجهة الأمراض والأوبئة الجديدة التي باتت تنتشر بصورة مقلقة خاصة مع تراجع فئة الشباب بمجتمعنا وازدياد عدد المسنين. كشف الدكتور رشيد بوغربال مختص في علم الأوبئة أن المجتمع الجزائري خضع لتغييرات كثيرة طرأت عليه منذ 1962 إلى اليوم خاصة على الصعيد الديمغرافي، بحيث تراجعت نسبة الشباب التي كانت تميز المجتمع الجزائري بصفة ملحوظة، مع بداية ظهور مشكل شيخوخة السكان في سنوات الثمانينات وبدء تراجع نسبة الشباب الأقل من 15 سنة والتي كانت تمثل أكثر من 50 ? من السكان عام 1966 لتنخفض إلى 48.27 ? في 1988 وتصل إلى 39.17 ? عام 2006، تاركة بذلك المجال للكهول الذين ارتفعت نسبتهم بصفة ملحوظة عام 1998 بتسجيل 44.93 ? من مجموع السكان للفئة العمرية ما بين 39 و59 سنة و6.86? بالنسبة للفئة العمرية الأكثر من 60 سنة في نفس السنة لترتفع ذات النسبة في 2006 إلى 7.66 ? ، وهي المعطيات التي تشير إليها دراسة "تاهينا" لمعهد الصحة العمومية أجريت خلال 2004 - 2005، والتي كان من نتائجها كذلك أن التحسينات التي عرفها المجتمع في مختلف المجالات أدت بروز عدة أمراض جديدة مستعصية والتي تتطلب تكاليف مالية باهظة لعلاجها، ومنها داء الزهايمر او"الخرف" الذي يمكن أن يتسبب في وفاة 20 ? من المسنين، وكذلك انتشار داء السرطان وأمراض القلب والضغط الدموي وتصلب الشرايين والسكري والبدانة. وهي الأمراض التي قال بشأنها المحاضر أنها من أمراض العالم الثالث والعالم المتقدم على السواء، خاصة وأن النمط الغذائي للفرد الجزائري سيء جيدا بحيث انه مشبع بالدهون والسكريات والصودا التي تقف وراء تصلب الشرايين وأمراض القلب والسكري والبدانة. لفت الانتباه الى ضرورة وضع إستراتيجية وقائية مبنية على قواعد التربية الصحية. مع وضع مخطط استعجالي للوقاية و تشجيع الغذاء السليم والمتوازن وترقية التكوين. وفي سياق متصل ذكر الدكتور عبد السلام شاكو أمين عام وزارة الصحة انه سيتم خلال 2010 تكوين 11 ألف عون شبه طبي وذلك حسب احتياجات القطاع، كما أكد المناقشون من جانبهم على ضرورة ترقية التكوين الطبي وشبه الطبي ودعم برامج الوقاية لمواجهة مختلف الأمراض المعدية والمستعصية بما فيها داء السرطان الذي أضحى ينتشر بوتيرة متسارعة بحيث يمثل نسبة 9.5 ? من الوفيات بالجزائر، رغم أن تنظيم حملات وطنية متواصلة للتشخيص المبكر لأنواع السرطان كفيلة بإنقاذ أرواح الآلاف وإنقاص فاتورة علاج هذا الداء الثقيلة. وتشير الأرقام انه من المرتقب تسجيل 353 ألف حالة سرطانية جديدة في 2010 بتكلفة تصل إلى2.1 مليار دولار، ودعا الدكتور بوجمعة منصوري الى اللجوء الى التشخيص المبكر لعلاج المرض والغذاء السليم وتوفير الأدوية وتحسين التكفل العلاجي للمريض والمرافقة وتكوين أطباء أخصائيين. والتركيز على لامركزية العلاج الإشعاعي او الكيماوي بالإسراع بتفعيل مراكز مكافحة السرطان التي تأخر استيلامها عن موعدها المحدد لأسباب مجهولة. وشدد المختص كذلك على ضرورة إعادة تأهيل البرنامج الوطني لمكافحة السرطان كون العلم الحديث يظهر مستجدات علمية حديثة في وقت يبقى البرنامج المذكور نفسه منذ سنوات دون أي تحديث. ولدى تطرقه الى السياسة الوطنية المعتمدة لترقية التكفل العلاجي والطبي كشف الدكتور عبد السلام شاكو ان قطاع الصحة يعمل حاليا على توزيع مشروع مخطط عمل خماسي 2010 -2014 في مختلف المراكز الصحية والاستشفائية على المستوى الوطني للمناقشة والإثراء.