أنهى حزب جبهة التحرير الوطني في حدود ساعة متأخرة من ليلة أول أمس، أشغال مؤتمره التاسع المنعقد بالقاعة البيضوية بمركب محمد بوضياف بالعاصمة بانتخاب أعضاء اللجنة المركزية المقدر عددهم ب351 عضوا والذين انتخبوا بدورهم السيد عبد العزيز بلخادم أمينا عاما للحزب لعهدة جديدة تمتد الى غاية 2015. جاءت نتائج المؤتمر التاسع للأفلان متطابقة مع التوقعات، وفتحت المجال لبقاء السيد عبد العزيز بلخادم على رأس الحزب لفترة أخرى لمدة خمس سنوات، وهو الذي نال ثقة المؤتمرين البالغ عددهم 4640 مندوبا مباشرة بعد اختتام الجلسة الافتتاحية ليوم الجمعة الماضي. وانتخبت اللجنة المركزية وهي أعلى هيئة قيادية السيد بلخادم لمواصلة قيادة الأفلان بعدما بادر رئيس لجنة الشؤون الخارجية الأسبق بالمجلس الشعبي الوطني السيد الصادق بوقطاية باقتراح بقائه على رأس الحزب. وفي أول رد فعل له قال السيد بلخادم "أتشرف بأن أكون مناضلا في حزب جبهة التحرير الوطني، ولذلك فإن هذا التكليف بقدر ما اسعد به، بقدر ما أخشى منه كذلك"، وهو اعتراف صريح بأن مهمته القادمة ستكون صعبة للغاية، بالنظر إلى التحديات التي يتعين على الأفلان رفعها خاصة الانتخابات التشريعية والمحلية المرتقبتين في 2012، وكذا رئاسيات 2014. ولم تتلق لجنة الترشيحات التي يترأسها السيد رشيد حراوبية أي اسم مترشح لمنصب الأمانة العامة، وكان السيد بلخادم المتسابق الوحيد حتى قبل ان يعلن عن رغبته في البقاء على رأس الأفلان خاصة بعد أن نال تزكية كل المؤتمرين. ولم يلغ المؤتمرون المادة 36 من مشروع القانون الأساسي التي تنص على أن اللجنة المركزية هي من تتولى انتخاب الأمين العام، بل تم الاحتفاظ بها رغم ضغط بعض القيادات لإسناد هذا الدور للمؤتمر فقط. ومن جهة أخرى وبخصوص اللجنة المركزية باعتبارها أعلى هيئة بين المؤتمرين وتجتمع مرتين في السنة، سارت رغبة العديد من القيادات والمناضلين في الظفر بالعضوية فيها في اتجاه تعديل مشروع القانون الأساسي، وعليه تم رفع عدد أعضائها من 321 الى 351 عضوا، والبارز في التركيبة الجديدة لهذه الهيئة التي جاءت لتخلف الهيئة التنفيذية والمجلس الوطني هو أن عدد المعينين من طرف الأمين العام أكثر من عدد الأعضاء المنتخبين، حيث انتخب المندوبون على مستوى المحافظات 165 عضوا أي بمعدل ثلاثة أعضاء عن كل محافظة، وتكفل السيد بلخادم بتعيين 186 عضوا، وتم فيها مراعاة العديد من الاعتبارات منها التمثيل النسوي والشباني وكذا عدد من الوزراء الحاليين في الحكومة وأمناء المحافظات وقيادات الحزب. ولكن اللافت للانتباه أن ميلاد اللجنة المركزية تطلب قرابة يومين كاملين، وساهم عامل الرغبة في الحصول على مقعد في أعلى هيئة بين المؤتمرين في تغذية المنافسة التي وصلت الى حد محموم في بعض الولايات، مما تطلب تدخل الأمين العام السيد عبد العزيز بلخادم. وأرغم "التدافع" على نيل العضوية فيها، السيد بلخادم الى الرفع من حصته والاستجابة لرغبة العدد الكبير من القيادات التي لم تشارك في الانتخابات التي جرت بين مندوبي كل المحافظات، والتي علقت أمالا على "قائمة الأمين العام" لنيل العضوية. والمتصفح لتركيبة اللجنة التي تم الإعلان عنها في حدود منتصف الليل من أول أمس يكتشف أنها جاءت بمزيج بين المناضلين القدامى والجدد، كما ان قائمة الأمين العام ساهمت في تجسيد المادة 31 مكرر من الدستور حيث منحت حضورا ايجابيا للمرأة. ونالت العضوية في اللجنة المركزية قيادات اقترنت أسماؤها بقيادة حزب جبهة التحرير الوطني منذ سنوات ويتعلق الأمر بكل من نائب رئيس مجلس الأمة السيد عبد الرزاق بوحارة، وسفير الجزائر بالقاهرة السيد عبد القادر حجار كما ضمن وزراء الحزب في الحكومة ونواب في البرلمان بغرفتيه مكانا في اللجنة المركزية بفضل قائمة الأمين العام، وعين السيد بلخادم رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري، السيد رشيد حراوبية وزير التعليم العالي والبحث العلمي، ووزير الصحة السيد سعيد بركات ووزير التضامن الوطني السيد جمال ولد عباس، ووزير النقل السيد عمار تو، ووزير العمل والضمان الاجتماعي السيد الطيب لوح، إضافة الى أعضاء الأمانة التنفيذية المنتهية مهامهم من بينهم السيد صالح قوجيل، والسيد سعيد بوحجة، والسيد عبد الكريم عبادة، والسيد صالح دجال. ودعّم السيد بلخادم اللجنة المركزية بأسماء رؤساء منظمات طلابية منها الأمين العام للاتحاد الوطني للطلبة الجزائريين، والأمين العام للاتحاد من اجل التجديد الطلابي، ورؤساء منظمات مهنية ومن الأسرة الثورية. واللافت ان حضور المرأة في اللجنة المركزية ورغم أنها لم تحظ بقبول في الانتخابات التي جرت على مستوى مندوبي المحافظات الى أن "كوطة" الأمين العام جاءت على نحو سمح بتوسيع تمثيلها، حيث تم تعيين المجاهدة وعضو مجلس الأمة السيدة ليلى الطيب، والسيدة مريم بوشنافة الأمينة العامة السابقة لاتحاد النساء الجزائريات، وعضوات في البرلمان.
تركيبة المكتب السياسي ستعرف بعد شهر وبعد أن تم الفصل في الأمانة العامة، واللجنة المركزية فإن الأنظار ستتوجه الآن صوب العضوية في المكتب السياسي الذي يتشكل من 11 الى 15 عضوا حسب القانون الأساسي للحزب. وينتظر أن يقوم الأمين العام باستدعاء أعضاء اللجنة المركزية للاجتماع بعد شهر من الآن في أول دورة عادية للفصل في عدد أعضاء وتركيبة المكتب السياسي. وينص القانون الأساسي على أن الأمين العام يقوم بعرض قائمة اسمية لأعضاء المكتب السياسي ممن هم أعضاء في اللجنة المركزية على هذه الأخيرة للمصادقة عليها. وبدأ الحديث حتى قبل إسدال الستار على المؤتمر عن الأسماء المرشحة لشغل مناصب قيادية، لكن تقديم أسماء يعد سابقا لأوانه بالنظر الى حساسية الموضوع من زاوية ان السيد بلخادم عليه اختيار التشكيلة التي بإمكانها أن تترجم توجهات الحزب من جهة، وتعمل في تناسق كامل مع الأمين العام من جهة أخرى. ويتوقع متتبعون أن تأتي تركيبة المكتب السياسي مغايرة بصفة تكون شبه كلية مع تشكيلة الأمانة التنفيذية السابقة بالنظر الى عدة معطيات أهمها أن ظروف مؤتمر 2005 ليست نفسها في 2010، وأن الأمين العام للأفلان بحاجة الى وجوه جديدة تساهم في ترجمة أفكار الحزب. وفي هذا السياق فإنه من غير المستبعد أن يعرف الأفلان تعيين أول امرأة في المكتب السياسي، وتضمين تشكيلته عنصر الشباب.